كل ظاهرة جديدة وغير مألوفة تُسبب شيئاً من الدهشة والصدمة. دونالد ترامب هو ظاهرة جديدة في حقل السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وثمة إفتراضات أن يكون فاعلاً مختلفاً على مسرح السياسة الدولية.

إن ترامب هو، علانيةً، ليس شخص ذو خبرة مسبقة في العمل الحكومي/الدولتي، لذا لايمكن لأحد أن يعرفه بسهولة ويتوقع كل أفعاله، وهذا هو سر الخشية والصدمة إزاء هذا الرجل. ولكن علينا أن نلاحظ أن هذا الرئيس لم يأت من داخل مؤسسات الدولة الأمريكية، فهو في نهاية الأمر ليس إلا رجل أعمال، ومعنى ذلك أنه لم يمارس السياسة مباشرةً حتى وإن كان داعماً إقتصادياً و تمويلياً لحزبه المفضل الجمهوريين، ولهذا الفراغ إيجابياته، ولايعني بالضرورة أن لا نتوقع منه إلا المساويء، وإنما من المحتمل أيضاً أن يكون ترامب هو الرئيس الأكثر إطاعةً وخضوعاً للمؤسسات الرسمية للدولة والأكثر إنفتاحاً على مستشاريه وإنتقادات الصحافة والإعلام الأمريكي والعالمي وإحتجاجات المجتمع المدني.

إن دونالد ترامب، هو في كل الأحوال صنيعة المجتمع الأمريكي نفسه!، ولاتخلو مكونات المجتمع الأمريكي و تقسيماتها السوسيولوجية من مثل هذه المفاجآت ! إذ تَعَوَّد هذا المجتمع على روح التغيير، كما أن النظام السياسي الأمريكي نفسه لايتحمل أصلاً أكثر من دورتين أو ثلاث دورات لحكم أي رئيس أو الترشح ضمن أي حزب ما للرئاسة، وهذه هي أمريكا!، حيث لا تتوقف فيها التاريخ حتى وإن صار فيها- أحياناً- الإختيار والإنتخاب اللاعقلاني، هاجساً لدى الإنسان الأمريكي!

لقد قلنا في أماكن أخرى إن ترامب مرحلة الحملة الإنتخابية يختلف عن ترامب ما بعد الفوز بالإنتخابات والوصول الى البيت الأبيض ولن تتكرر المعادلة نفسها، فهذا الرجل، بطبيعة الحال، ينتظر في الإنتخابات أن يقدم الشعب نفسه له، أي أن ينتخبه، ولكن تعويضه هو لذلك في مرحلة الحكم والوصول الى السلطة سيكون الفداء بروحه من أجل الأمريكيين!.. إن ترامب الآن وصل الى البيت الأبيض ولكي نعرف مالذي ننتظره من هذا الحدث سنكون بحاجة الى، على أقل تقدير، المئة الأولى من أيام حكمه وتجربته في الإدارة الأمريكية..!