قضيتان عربيتان مزمنتان لا يكاد المرء ان يرى لهما ضوء في آخر النفق هما قضية فلسطين ومشكلة الصحراء المغربية فاذا كان هناك من يجد تبريراً للأولى بأعتبارها قضية معقدة وتتداخل معها خطوط الصهيونية والدعم الامريكي والغربي وغياب الانصاف عن فضاء المصالح الأجنبية مما تسبب في اطالة امدها وتشريد شعبها المكافح فما هو تبرير الثانية حيث ان طرفيها عربيين شقيقين وجارين ومسلمين ويجمع بينهما التاريخ والجيرة والمصالح المشتركة ومع ذلك لا زالت القضية تراوح في مكانها منذ منتصف سبعينات القرن المنصرم لا يتقدم لها حل او رؤية الا وجوبهت في الرفض والعناد من الشقيق الجزائري والذي اتسمت مواقفه بالمكايدة والتصلب في مناقشة اي مقترح لحل الأزمة التي طالت واستطالت ..

فكثيرا من المسكوت عنه هو عدم مواجهة الجزائر بانه لا يصح ان يستمر هذا المسلسل العبثي ويعكس آثاره المحزنة على اواصر وروابط وعلائق دبرها التاريخ ورسمتها الجغرافية بين المغرب وجاره الأٌقرب .

ما الذي تريده الجزائر من اعتماد سياسة الصد والتجميد لبقاء الحال على ما هو انتظارا للمجهول والا اي منطق يستقيم وراء الاستمرار بدعم حركة انفصالية هي عبارة عن تجمع لمخيمات تريد ان تصبح دولة في وقت تدرك الجزائر الغالية بكفاحها وتاريخها المجيد على قلوب كل العرب ان دول عربية قائمة بعواصمها وشوارعها وحدائقها ومسارحها وبترولها وتراثها واقتصاداتها تكافح الان من اجل البقاء ؟

 ليس انحيازا للمغرب ولكنه انحيازا للمنطق ولطبيعة الأشياء فما تقدمه السياسة الخارجية المغربية وخصوصا الدبلوماسية منها في التنشيط والتحرك في كل المستويات وما تقدم من افكار ودينامية مستمرة يعبر عن الرغبة في ايجاد حل لهذه المعضلة وينصرف البلدين لتدبير امورهما في التنمية والمصالح المتبادلة وتعميق افاق التعاون بينهما والذي سيعود على البلدين بكثير من الفوائد والمنافع .

هل أن تمتع الصحراويين بحكم ذاتي واسع يحقق طموحاتهم في ادارة مناطقهم في التنمية وتحت سقف السيادة المغربية يضير الجزائر وهل هناك عاقل يصدق ان تحقيق مطلب البوليساريو في قيام جمهورية للوهم وسط هذه الفيافي المقفرة والرمال المتحركة والظروف المعسرة هو شيئ من المعقول ؟

اتذكر يوما قول الملك الحسن الثاني رحمه الله لا نريد للصحراء سوى ان ترفع علم المغرب فقط وتحقق وحدتنا الترابية وليهنأو بحكمهم الذاتي الواسع.

ان الجزائر التي تعاني من استحقاقات عديدة في موضوع الاندماج الوطني والارهاب ومشكل الاقتصاد وأزمات البطالة والتوزيع وانشغالات سياسية داخلية وامور كثيرة ليست بحاجة الى ان يطول موضوع الصحراء كل هذا الزمن ونرجو كما يتمنى كل العرب والاصدقاء ان نجد قريبا مقاربة تتزحزح الجزائر فيها عن العناد والمناكفة وتتصرف بواقعية وتنهي هذه المشكلة بل المعضلة لينصرف الجارين والمنطقة للتنمية وتحقيق الاستقرار .