مهما اختلفت الأراء تجاه شخصية الرئيس الأميركي الجديد "دونالد ترمب" ، وترمب هو النطق الصحيح بدوت ألف ، ومعناه الورقة الرابحة ، أما ترامب بالالف فمعناه المتشرد، وايا كان الوضع فالمؤكد أن الرجل بات يحكم أقوى دولة في العالم بفريق ينسجم مع برنامجه الانتخابي الذي قدمه للناخب، خطابه في حفل التنصيب حمل الكثير من أرائه فيما يتعلق بالسياسة الداخلية فهو يريد أن تكون أميركا أولا، وخارجيا يرغب في صياغة تحالفات جديدة ووقف التدخلات التي كلفت بلادة تريليونات الدولارات.

ترمب قدم نفسه بصفته مرشحا قادما من خارج الاطار السياسى التقليدى الذي جاء منه معظم الرؤساء السابقين والقادر على تخليص الشعب الأميركي من شرور النخبة الحاكمة المسيطرة منذ عقود.

الأميركيون ينتظرون إجراءات ملموسة توحد الولايات المتحدة أو على الأقل الولايات المنقسمة بين جمهوريين وديمقراطيين، بين مؤيدي ترمب من ناحية ومؤيدي هيلاري كلينتون ، بين البيض والسود والأقليات الآخرى ، الأميركيون يريدون إعلاء شأن القيم التي يومنون بها، وتغيير صورة الكراهية التي واكبت وصول ترمب إلى البيت الأبيض، فهي مشاهد لا ترضي الشعب الأميركي ، وتسيء لصورة الولايات المتحدة التي باتت مادة للسخرية في مختلف دول العالم.

أوروبا تنتظر سياسة واضحة تجاه حلف شمال الاطلنتي "الناتو" وتريد دعما للحلف لا تخليا عنه ، وطمأنة قادة القارة الأوروبية على التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة وأوروبا، روسيا تنتظر علاقات أفضل مع إدارة ترمب تقوم على التعاون والتنسيق فى ملفات معقدة مثل سوريا وليبيا والحرب على الإرهاب، والتخلي عن استخدام روسيا فى الإعلام الأمريكى فزاعة لبناء وتبرير سياسات محددة.

الدول العربية لا حول لها ولاقوة ، بعضها تعتقد أن الرباط المتين بينها وبين الولايات المتحدة لن ينقطع ، ترمب سيغير التحالفات ، من يعتمد على الحماية الأميركية يجب عليه أن يدفع الثمن ، والدول الداعمة للإرهاب في الشرق الأوسط بضوء أخضر من سلفه أوباما ستلبي ما يطلبه منها الساكن الجديد في البيت الأبيض، تركيا غيرت موقفها من سوريا وقالت إنه لا حل للأزمة السورية بدون بشار الأسد وتتعاون مع روسيا وتعيد النظر في دعم الإرهابيين في سوريا وليبيا ومصر، ترمب لن يرعى أقزام يسخرون ثروات بلادهم لخلق الفوضى في دول ما يسمى الربيع العربي ، ولن يسمح بتمويل و رعاية ودعم جماعات الإرهاب والفوضى، لقد ولت هذه السياسات مع أوباما وهيلاري وكوندليزا رايس لأن ذلك تسبب في نكبات ونكسات فى أكثر من دولة، حتى دول النفط الغنية باتت تتقشف بعد أن صرفت المليارات على حروب بالوكالة ، ودفعت أمريكا نفسها ثمنا لذلك بعد الفشل في سوريا وليبيا واليمن، شعوب العالم العربي والإسلامي تترقب خطة ترمب الجديدة لمحاربة الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش ، صنيعة إدارة أوباما.

مصر ركيزة الاستقرار في المنطقة التي يتكالب عليها القاصي والداني لإسقاطها تنتظر إصلاح العلاقات الباردة على مدار اثني عشر عاما في الفترة الثاانية لبوش الابن وفترتي حكم أوباما، وظهرت بوادر الانفراجة بالاتصال الهاتفي للرئيس الأمريكي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في اليوم الثالث من تولي ترامب المسئولية ، وأبدى ترمب تقديره لما تتحمله مصر من اعباء لمكافحة الإرهاب مؤكدا دعم إدارته ومساندتها لمصر لبناء تحالف قوي مع الولايات المتحدة والدفع بالعلاقات على أساس المصالح المشتركة لافاق أرحب .

وأعتقد ان تصنيف جماعة «الإخوان» ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية فى الولايات المتحدة، وفضح علاقاتها المشبوهة مع رموز إدارة اوباما وعدد من العواصم الغربية سيكون خطوة في الطريق الصحيح.

الفلسطينيون الشعب الوحيد المحتل في العالم ينتظر سياسة جديدة من إدارة ترمب تدعم خطة حل الدولتين ووضع حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية التي تاهت في زخم الخريف العربي ، بينما نتنياهو ينظر قرارا تاريخيا قد يقلب منطقة الشرق الأوسط رأسا على عقب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإيران ترفض أى محاولة من جانب الإدارة الامريكية الجديدة لإلغاء الاتفاق النووي، بعد أن ذاقت نعمة التطبيع مع الغرب . 

المؤسسات الأميركية الراسخة من كونغرس واعلام وجماعات ضغط كلها عناصر تعمل على ترجمة رؤية اي رئيس أو حزب جديد ، وربما تعدل فيها لتصبح داخل إطار القيم العامة للمجتمع الأميركي ، وفق مبادئ الدستور والقانون، ولن تسمح هذه المؤسسات بالانقسام السياسيي والمجتمعي لان ذلك معناه تهديد للقيم الاميركية والسلم الأهلى .

يقيناً نحن أمام مشهد غير مسبوق فى تاريخ أمريكا بوصول ترمب إلى هرم السلطة بطريقة ديمقراطية وبرضا أغلب الأمريكيين، ولن يحمل كما يعتقد البعض قيماً تمثل تهديداً للديمقراطية، ففي خطابه فب حفل التنصيب قال ان السلطة عادت للشعب الأميركي ومن هنا سيعيد النظر في تحالفات قائمة وسيبني تحالفات جديدة ، وما علينا سوى انتظار المئة يوم الاولى التي ستدشن الحقبة الترمبية الجديدة .