أنشئت هيئة الترفيه السعودية في مايو 2016، وهي هيئة تعنى بكل ما يتعلق بأنشطة الترفيه والإرتقاء بمعايير الترفيه في جميع المدن السعودية، وهذا من أهم أهداف رؤية 2030، وقد رعت حتى الآن أكثر من 100 نشاط ترفيهي ما بين حفلة غنائية ومعارض وبزارات ومهرجانات. 

ومن أهم الأنشطة التي رعتها حفلة محمد عبده وماجد المهندس ورابح صقر، والتي أقيمت في جدة في يناير الماضي، بالإضافة إلى مهرجان سعودي كوميك كون، وترعى اليوم في جدة حفلة الموسيقار عمر خيرت، وكذلك حفلة راشد الماجد ومحمد عبده الأربعاء المقبل في الرياض. ومن الأنشطة المستقبلية عرض سيرك دي سول سيرك موسكو الشهير، وكذلك أمسيات مع فنانين عالميين مثل أل باتشينو وأوبرا وينفري. 

هذه الأنشطة الترفيهية لاقت هجوم شديد من بعض خطباء الجمعة والواعظين، اضافة إلى عدد من أفراد المجتمع. "ايلاف" التقت بالشيخ أحمد الغامدي، الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة، للحديث عن الجدل القائم حول هيئة الترفية وشرعيتها فقال إن الترفيه والترويح عن النفس في الإسلام من الأمور التي يحتاجها الناس في حياتهم، إلى حد أن لا يشغلهم ذلك عن الواجبات الشرعية ولا الدينية، فلا إفراط ولا تفريط. 

فذم الترفيه واعتباره من عمل الشيطان هذا استنتاج خاطئ ومخالف لكمال الشريعة. فالفسحة والسعة وادخال السرور على النفس تنشط الإنسان على العمل وتعينه على تحمل المشاق، ويحقق التوازن بين متطلبات الإنسان الروحية والعقلية والبدنية والجوانب العملية في حياته، فالنشاط الترفيهي يحقق مطلب مهم وهو التوازن في شخصية الإنسان. 

أيضا ً يكسب الفرد مهارات وخبرات وأنماط معيشية مختلفة قد لا يجدها في الجامعات وأماكن الدراسة، تنمي ذائقية الإنسان وتريه تفاصيل مختلفة في الحياة، فالحياة ليست أبيض ولا أسواد، هناك دقائق جمالية وفنية لا تكتسبها إلا من خلال تطوير الفنون وتطوير الترفيه وجعله في المكان الصحيح في حياة الناس. 

هذه الأنشطة الترويحية والترفيهية لها أيضا ً جوانب مهمة، فهي تبعد أفراد المجتمع عن التفكير السيء وتبعده عن الوقوع في الشر والجريمة. نحن في عصر ظهرت به كثير من الأسباب التي تعين على هذه المخالفات كالبطالة ووقت الفراغ والمخدرات، فحينما يكون الترفيه مقنن فهو بلا شك ليس مباحا ً فقط، بل والقائمين عليه من المأجورين، فلا بد أن تجعل الدولة هذا الجانب من ضمن واجباتها التي ترعاها في المجتمع. 

وهذه الضجة التي حدثت ضد هيئة الترفيه من بعض الأشخاص هي نوع من ردة الفعل حول حالة قديمة سابقة واعتقادهم أن الترفيه هو دمار المجتمع ومضيعة الوقت ومن المفسدات للمجتمع كونها تحوي موسيقى واختلاط، وهذا كلام مردود عليه، فلا الإختلاط محرم ولا الموسيقى كذلك.

وعموما ًالمسائل المختلف فيها لا يجوز فيها الإنكار، وهذا خطأ كبير جدا ًيقع فيه المتدينين والمتشددين، وهو أنهم يريدون الزام المجتمع برأي معين في مسألة خلافية. 

وحول الحديث أنه نحن في حالة حرب فلم اقامة مثل هذه الفعاليات، أكد الشيخ أن كون البلد في حالة حرب لا يمنع من اقامة هذه الفعاليات فالحرب لها رجالها. الرسول كان يحارب ويقاتل وذلك لم يمنعه من اقامة الأعياد والأفراح، وهناك قصة ذكرت في البخاري أن أحد زوجات الرسول نذرت أن تضرب بالدف إن عاد الرسول سالما ًمن غزوة تبوك، فقال لها الرسول إن نذرتي فافعلي، ففعلت. 

فالحرب لا تعني أن نُغلّب جانب على جانب وتلغي جانب عن آخر، فالحياة قائمة والفرح له مكانه، ورجال الجيش يقومون بواجباتهم، والترفيه من المباحات وليس بمنكر يستوجب ايقافه، فلا نقبل من هؤلاء المتشددين اجبار الناس على اتباعهم ويصادرون على الناس اختياراتهم، والدين لا يقبل أن يلزم المجتمع فئة من الناس برأي، سواء بتحريم موسيقى أو اختلاط وغيره، فهذه الجوانب الإجتماعية ينبغي أن يبتعد هؤلاء المتشددين عن تكريس التحريم فيها لأنها مسائل اختلافية. اضافة إلى أن الحضور لهذه الفعاليات ليس اجباريًا، فالمسألة اختيارية. أما ما يقوم به هؤلاء المتشددين من الهجوم على هيئة الترفيه وتكريس جهودهم لتفسيق الناس ومنازعة ولي الأمر في سلطانه والقسوة على الناس وتفسيقهم فهذه من صفات الخوارج.

وأعيد وأكرر، إن ما تقوم به هيئة الترفيه من أنشطة وفعاليات من الأفعال التي تؤجر عليها، ويجب أن لا تلتفت لمثل هذه التصريحات والهجمات البائسة التي تنطلق من فهم قاصر.