منذ اكثر من 50 عاما تحاول تركيا بكل قوتها للحصول على موافقة الدول الاوروبية لقبولها كعضو مؤقت او دائم فى الاتحاد الاوروبى،ولكن بدون جدوى، من ناحية بسبب رفض الشديد و الدائمى لاكثرية الاعضاء فى الاتحاد الاوروبى لقبول تركيا و السبب هو ان تركيا دولة اسلامية و شرقية و لها تاريخ اسود مع مجموعة او كل الدول الاعضاء فى الاتحاد الاوروبى قديما و حديثاو هم ايضا عندهم الخوف من قوة تركيا بسبب كثرة عدد سكانها و عدد القوات العسكرية لديها و موقعها الجيوسياسى، ومن ناحية اخرى بسبب السياسات الغير الديمقراطية لدولة تركيا و نظامها السياسى،ولدى الاتحاد الاوروبى مجموعة من المبادىء و شروط لقبول اعضاء جدد فى الاتحاد منها، الايمان بنظام ديمقراطى و برلمانى و اطلاق الحريات الخاصة و العامة و صحافة و ايضا الاحترام لحقوق الاقليات القومية و الدينية و المذهبية.

ولكن الانظمة السياسية فى تركيا بمختلف قادتها و احزابها منذ تاسيس الدولة التركية الجديدة فى عام 1923 على يد كمال مصطفى اتاتورك و لحد اليوم لم يؤمنوا بتلك المبادء الانسانية و هم كلهم يحبون ويثبتون النظام الدكتاتورى و الفردى و نظام سياسى غير ديمقراطى التى لايحترم اى حقوق او حريات للفرد و المجتع و حتى حقوق الانسان بشكل كامل و هم يؤمنون فقط باستخدام القوة العسكرية و العنف السياسى و السلطة الانفرادية لحزب واحد او لقائد واحد.ولهذا لم و لن تحصل تركيا على كامل عضويتها فى الاتحاد الاوروبى لا الان و لا فى المستقبل القريب.

ولان كل العالم و قبلهم كل الدول الاوروبية وحتى امريكا و روسيا كقوتين عظميتين بدا لهم الموقف التركى الرسمى من الديمقراطية و الحريات و التعايش السلمى فيما بين مكونات المختلفة لشعب التركى و خاصة بعد الانقلاب العسكرى الفاشل فى 15 تموز 2016 و من الارهابيين و من الدواعش و نيات المخفية لتركيا وتداخلاتها الصافرة لشؤون الداخلية للعراق و سوريا و كثير من البلدان المنطقة.تركيا اليوم و تحت نظام الاستبدادى لاردوغان و حزبه الحاكم تريد ان تكون الدولة القوية و الوحيدة فى المنطقة ضد كل من مصر و اسرائيل و السعودية و خاصة ايران وهى تريد ان تسترجع ايامها الغابرة من ايام سلاطين العثمانيين و اردوغان يريد ان يكون الخليفة الاسلامية فى قرن واحد وعشرون و يريد ان يتوسع صلاحيته و نفوذ تركيا من جديد حتى تصل الى قلب اوروبا و تتحكم فى انظمتها وشؤونها الداخلية مثلما تفعل مع سوريا و العراق.
تركيا اليوم فى مرحلة حرجة فى علاقتها مع كثير من الدول الاوربية وفى مقدمتهم المانيا و هولندا و دانيمارك و فرنسا و سويد و غيرهم،بسبب السياسات اللانسانية و غير مرغوبة فيها من قبل الدول و المجتمعات الاوروبية، تركيا و اردوغان تريدان ان تجعلوا الدول الاوروبية ساحة مفتوحة امامهم و امام حملتهم الدعائية على استفتاء الشعبى فى 16 نيسان المقبل على التغيرات الدستورية المرتقبة وكلها فى صالح اردوغان و حزبه الحاكم، وهذه التغيرات تسبب فى تثبيت دعائم الحكم الفردى و الديكتاتورى لاردوغان و يحوله الى الرجل الاوحد فى تركيابلا منازع،ولهذا الدول الاوروبية لا يرحبون بتلك التغيرات و هم عندهم مخاوفهم المشروعة على الديمقراطية و الحريات و حقوق الاقليات فى تركيا فى المستقبل و خاصة الشعب الكردى المناضل من اجل حقوقه المشروعة.

اردوغان و وزرائه يعاملون الدول الاوروبية مثل رعايهم القديمة و يريدون ان تستغلوا المناخ الديمقراطى فى الاوروبا لصالح حملتهم الدعائية لجمع كلمة (( نعم )) ضد معارضيهم اصحاب كلمة (( لا ))،لان فى اوروبا يوجد كثيرين من رعايا تركيا و عددهم اكثر من 3 ملايين تركى.ولكن الدول الاوروبية واقفين بالمرصاد لكل المحاولات اردوغان و تركيا و هم يرفضون تماما الاجتماعات الجماهيرية و قدوم وزراء تركيا للمشاركة فى تلك الحملات الادعائية.

اردوغان اصبح شخصا يتعامل مع الدول الاوربية بروحية عنجوهية و متكبرة و مغرورة و هو يرى نفسه من حقه ان يروح و ياتى لكل الدول الاوربية بدون تاشيرة دخول و بدون قيد او شرط، و يتحدث بشكل غير لائق لشخص رئيس دولة و بالفاظ نابية على الشعوب و حكام الدول الاوروبية و ينعتونهم بصفات نازية و فاشية و يستهزء بانظمتهم الديمقراطية و حرياتهم و بالمقابل قادة الاحزاب السياسية و رؤساء حكومات اوروبية يردون عليهم بشكل قوى و منطقى و يطردون الوزراء و يمنعونهم من المجيىء لدولهم و المشاركة فى الاجتماعات الجماهيرية و يسجنونهم و يفرقون الاجتماعات، لذا نتيجة تلك المشاحنات الكلامية،الطرفين يردون على الاخر بالمثل ولكن هيهات لاردوغان و حزبه الاسلامى الاخوانى المتطرف بان تكون عند حسن ظن الاوروبيين لا على مستوى الشعوب ولا على مستوى الحكام و الانظمة السياسية.و بالاخير نرى اردوغان و حزبه يتنازلون و يتساهلون مع الاوروبيين و يعتذرون على ما بدر منهم مثلما فعلوا مع بوتين و روسيا.

تركيا نتيجة هذه السياسات و الحماقات من اردوغان و حكموتها تتجه يوما بعد يوم الى الابتعاد اكثر فاكثر من اوروبا و شعوبهاو فى اخير المطاف تصل الى نقطة لا رجعة فيها و كنتيجة حتمية لهذه التصرفات المتهورة و بعيدة عن كل السياقات الدبلومايسة و لائقة لرئيس دولة تشهد العلاقات الدبلوماسية الفطور و الابتعاد و الانقطاع التام و تبقى تركيا دولة منبوذة و وحدانية على مستوى العالم و المنطقة لانها فى الاصل علاقتها مع كل جيرانها من العراق و سوريا و ايران و روسيا و ارمينيا و دول اخرى غير اعتيادية و غير ودية و متشنجة لابعد الحدود.

واخيرا فان نتيجة التهورات و الهلوسات الاردوغانية تكون عواقبها خطيرة و وخيمة على تركيا و مستقبلها،لان لدى الدول الاوربية و الاتحاد الاوروبى كثير من الاوراق الضغط لكى تستعملونها ضد تركيا و نظامها الفردى و الدكتاتورى و ضد الحزب الحاكم العدالة و التنمية من الناحية السياسية و الاقتصادية و العسكرية و السياحية و العلمية،لان فى الاصل تركيا بلد لديها كثير من المشاكل الداخلية مع كافة المكونات القومية و الدينية و المذهبية للمجتمع التركى و لديها مشاكل كبيرة فى الاقتصاد و ليس لديها امكانيات وفيرة و غنية من الطاقة و مصادرها، تركيا نفسها تحتاج الى البلدان الجوار فى المنطقة و العالم لكى تعيش و تزدهر وليس لديها مقومات قوية لا من حيث الناحية السياسية و لا من الناحية الاقتصادية، و يوم بعد يوم علاقتها مع الدول الجيران و الاوروبية و امريكا و حتى روسيا تتدهور بسبب تهورات و حماقات اردوغان و نظامه السياسى و احلامهم العصفورية و التوسعية،واصبح الان تركيا بلدا منبوذا و وحيدا وليس لديها صديق صدوق و حميم لا فى المنطقة و لا فى العالم، بل تتجه الى التدهور و الضعف و الانكماش و التقلص فى النفوذ و العلاقات،وهناك احتمال كبير بان تنقسم التركيا ارضا و شعبا على نفسها من الداخل بعد تدمير الحركات الارهابية وخاصة الداعش و غيرهم فى المنطقة بشكل عام و فى كل من سوريا و العراق بشكل خاص بعد تحرير مدينتى الرقة و الموصل.ولهذا تركيا و اردوغان تخسران كل شيء تركيا فى اليوم و فى المستقبل.

كاتب كردى من كردستان العراق
[email protected]