مما لا شك فيه بأن نجاح دونالد ترامب في الإنتخابات الأميركية الأخيرة أعطى قبلة الحياة للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا والأمل في نجاحها هذه السنة 2017 قد يحسم وجود الإتحاد الأوروبي من عدمه.

سقوط جيرت فيلدرز في الإنتخابات الهولندية قبل أيام كان الضربة الموجعه لكلا الحزبين اليمينين المتطرفين في كل من فرنسا وألمانيا. وإن لم يعني ذلك إنتهاء أو موت الأحزاب المتطرفة.

ما ساعد على نجاح حزب اليمين الوسط في هولندا وفي آخر لحظة هي الأزمة المتصاعدة بين هولندا التي رفضت السماح لوزراء أتراك بالتأثير على المواطن الهولندي من أصل تركي في الإستفتاء المزمع لتعديل الدستور وإعطاء صلاحيات كبيرة للرئيس التركي.. بمعنى أن الحزب أكد على سيادة القرارات الهولندية الداخلية على مواطنيها، في ذات الوقت الذي أكد فيه قيم التعايش والحق في حرية المعتقد كواحدة من أساسيات القيم الديمقراطية، وأكد في ذات الوقت رفضه المطلق لسياسة العداء للإسلام والمسلمين التي إستعملها فيلدرز في حملته الإنتخابية.

النتيجة الأخرى التي يترقبها الإتحاد ، والتي ستعمل على حسم موقف الدول الأوروبية والتمسك بالقيم الديمقراطية ورفض التعصب والكراهية ستأتي من نتائج الإنتخابات الفرنسية في إبريل القادم. والتي تشتد فيها خطابات التحريض والشك والخوف من الجالية المسلمة خاصة بعد حوادث متكرره أرهبت المجتمع الفرنسي وأتمنى أن يكون آخرها محاولة الشاب في مطار أورلي قتل الشرطي الفرنسي خاصة وحين أكد على أنه سيموت في سبيل الله. ولكن نتائج الإنتخابات الأهم التي ستحسم كل مبادىء الديمقراطية ووجود الإتحاد من عدمه هي نتائج الإنتخابات الألمانية في سبتبمر لما لألمانيا من ثقل إقتصادي في الإتحاد.

ولكن شعوب الدول المتحدة لن تنتظر نتيجة هذه الإنتخابات لتحسم أمرها في وجود الإتحاد. الدول الأوروبية تحاول التمسك بقيمها وتحاول العمل على حل مشاكلها الداخلية من الإنقسام المجتمعي وإعادة تأهيل المهاجرين الجدد وإيجاد فرص عمل وتفادي التهديدات الداخلية للبنية الإجتماعية.. ما سيحسم هذا الأمر.. أولآ الخوف من تدفق المهاجرين الذي تهدد به الحكومة التركية التي هددت بفتح حدودها لما ’يقارب من 15 ألف مهاجر شهريا ثانيا الخوف من أي عملية يقوم بها أي من المواطنين من الأصول الغير أوروبية.. أي عملية يقوم بها متعاطفون مع الأفكار المغلقه والمتعصبة بأي شكل من الأشكال أي تحد علني للقوانين. وأي إستهتار بالكلمة الحرة وإستعمالها للتحريض والتعصب. 

الإندماج والإلتزام بالقوانين الداخلية هو طوق النجاة والطريق الوحيد للتعايش.. هذا لا يعني الإنسلاخ عن الجذور لأننا نعلم يقينا بأن الباب مفتوح أمام إستعمال الطرق القانونية لحرية التعبير والكلمة. ولكن بدون لغة العنف والبغض لإحداث التغيير الذي نرجوه من كلا الطرفين لمستقبل أفضل.