ربما لا يلاحظ الكثيرون أن أخبار الدعم الإنساني الاماراتي لليمن تسبق أخبار المشاركة والدعم العسكري لقوات المقاومة اليمنية المشتركة، وربما لا يلاحظ المغرضون أن التركيز الأساسي لدول التحالف العربي يستهدف الشق الإنساني والاغاثي، على اعتبار أن المعركة العسكرية هي معكرة سهلة وبسيطة بكل الحسابات والمعايير العسكرية لولا إجرام عصابات الحوثي وميلشيات التي تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية، حتى أنها نشرت الدبابات والمدافع بين المنازل وسط الأحياء السكنية ونشرت القناصة فوق المباني من أجل استدراج قوات المقاومة لحرب شوارع تزهق فيها اوراح الأبرياء المدنيين من الشعب اليمني الشقيق.

لم تكن خطة ميلشيات الحوثي في الحديدة خطة للحرب بل خطة لتجويع السكان ونشر الأمراض والأوبئة والمتاجرة إعلامياً بكل ذلك من أجل الضغط الدولي على دول التحالف لوقف عملياتها العسكرية لإنقاذ الحديدة واليمن بأكمله!

تشير التقارير الإعلامية المحايدة الواردة من الحديدة إلى ملامح خطة الحوثي، فغالبية شوارع المدينة مقطوعة بالخنادق، وهناك انتشار كبير للدبابات والمدافع والقناصة وعناصر الميليشيات، التي تجبر السكان على النزوح من أجل التقاط الصور ومفاقمة الضغوط على قادة التحالف، كما حولت الميليشيات مساجد الحديدة إلى مخازن أسلحة وثكنات عسكرية، ومنعت المصلين من دخول تلك المساجد التي جرى تطويقها بنقاط تفتيش في مداخل ومخارج الأحياء السكنية.

الخطة الإيرانية الحوثية كانت باختصار صناعة كارثة إنسانية في الحديدة! فهل يعقل أن يترك مصير اليمن لمثل هذا التفكير العدمي البائس؟! بالأمس دفعت الامارات بمئات الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية واغاثية لليمنيين في محافظة الحديدة وما حولها، وهناك خطة إنسانية واغاثية شاملة تطبق بوتيرة متسارعة بناء على توجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ضمن الجهود الإنسانية الهائلة التي تضطلع بها الامارات ترجمة لواجبها والتزاماتها ومسؤولياتها الإنسانية حيال الأشقاء في اليمن.

الامارات ليست بحاجة إلى وصاية أو توصيات دولية في موضوع اليمن، فقد شاركت في عملية عاصفة الحزم ثم إعادة الأمل، في إطار التزاماتها بأمن الأشقاء ومبادئها وثوبتها وقيمها الإنسانية والأخلاقية، فقد قدمت الدولة تضحيات بشرية غالية، من أرواح أبنائها الذين ضحوا بدمائهم على أرض اليمن، وتدرك تماماً أن روابط التاريخ والقربى والدم والمصير المشترك مع أبناء اليمن الشقيق تفرض على الامارات وقيادتها وشعبها هذه التضحيات الغالية، وبالتالي فالقيام بالواجب الإنساني والاغاثي يتوازى دائماً مع التخطيط العسكري والعملياتي في اليمن، فشعب اليمن أشقاء لنا واغاثهم واجب علينا وحق لهم تقوم بها قيادتنا الرشيدة عن طيب خاطر وبكل شهامة وإصرار.

ندرك أن معركة تحرير اليمن صعبة ومؤلمة ولكن الميلشيات التي ترفض القاء السلاح وتصر على التعنت واتخاذ المدنيين الأبرياء رهينة لم تترك مجالاً لأي حلول أخرى رغم طلو الانتظار، الذي يدفع ثمنها هؤلاء الأبرياء الذين يتعرضون لأبشع الانتهاكات والجرائم على يد عصابات الحوثي وميلشياته.

عندما نتحدث عن اليمن فنحن نتحدث عن معركة إغاثة إنسانية بالدرجة الأولى، فالتحرير مسألة عسكرية كان يمكن حسمها في أيام قلائل لولا حرص بالغ على سلامة المدنيين وحمايتهم، وإصرار قادة التحالف على ان تكون عملية تحرير اليمن واحدة من العمليات العسكرية المجهرية التي تضع سلامة المدنيين والبنى التحتية هدف أول رئيسي لها.

يستحق شعب اليمن الأصيل التحية لصموده في الحديدة وغيرها من المحافظات والمدن اليمنية، ويستحق التحية لوعيه وإدراكه أهداف العصابات الإجرامية الحوثية، فما احدثته هذه العصابات في اليمن جريمة يجب أن تحاكم عليها وكذلك المحرضين في طهران، الذين يقفون وراء الخطط الحوثية، ويصرون على تحريض الميلشيات على تحويل اليمن إلى ساحة كبيرة لسفك الدماء، ويجب أن يدفع كل هؤلاء ثمن جرائمهم البشعة، ويجب أن يكون للقانون الدولي وقفة جادة مع جرائم التحريض والدعم والتمويل للارهاب وتنظيمات الفوضى، وإلا سيتحول العالم بأكمله إلى ساحة للفوضى وسفك الدماء بسبب أفكار الملالي ومن على شاكلتهم من عصابات الاتجار بالدين والمذهب والطائفية .