خصومة مريرة أشعلها الجشع وغذاها الحسد ستترك الأسر منقسمة مرة أخرى، عندما يلتقي ارسنال مع توتنهام الاحد في آخر فصول دربي شمال لندن في كرة القدم.

بالنسبة للمشجعين المحايدين، تبدو مواجهة ارسنال مع توتنهام هادئة مقارنة مع مشاهد العنف المرتبطة في دربيات اخرى مثل رينجرز-سلتيك في اسكتلندا وروما-لاتسيو في ايطاليا.

لكن بالنسبة للرجال والنساء المتفانين لناديي ارسنال وتوتنهام، تغلف المباراة اجواء الحقد والخوف.

تشجع بيغي غولدينغ "مدفعجية" ارسنال منذ اكثر من 40 سنة، لكن الرئيسة الهادئة لرابطة جماهير ارسنال تقول ان دربي شمال لندن فيه الكثير من اجواء التهديد تجعلك تخشى المباراة.

قالت: "اكره هذه المباراة. اذا ذهبت الى المواجهة خارج ملعبك، تشعر بان حياتك بين يديك".

اضافت: "اول مرة ذهبت الى وايت هارت لاين (ملعب توتنهام)، انتظرنا جمهورهم في الخارج فقصفنا بالحجارة والعبوات. لقد اعتدي علي ثلاث مرات هناك عندما كنت أمشي على الطريق".

واضافت: "قبل سنوات قليلة، أحرزنا اللقب هناك. كنت مع أربعة أصدقاء تقريبا، سيدتان متقدمتان في السن مثلي أنا ورجلان كبيران في السن. فجأة هجموا علينا وبايديهم كل ما توفر لهم. بعضهم لم يرجع الى توتنهام مذذاك الوقت".

يعرف مارتن كلوك الذي شارك في تأليف كتاب عن تاريخ توتنهام هوتسبير، مدى الشعور السيء بالنسبة للكثير من المشجعين. قال: "هناك كراهية، بعض الاشخاص يبالغون اذا كنت تشجع فريقا مختلفا".

لاكتشاف جذور العداء بين ارسنال وتوتنهام، ينبغي عبور نهر التايمز إلى حديقة مورقة في وولويتش، جنوب لندن، حيث تجسد لوحة تأسيس نادي "دايل سكوير أف سي" من قبل عاملين في مصنع تسليح محلي.

عام 1913، وبعد ان عرف دايل سكوير تحت اسم وولويتش ارسنال، انتقل الى عنوان جديد في هايبري، شمال لندن، على بعد اميال قليلة من توتنهام الذي سيصبح لاحقا عدوهم، وذلك في محاولة لتحسين حجم جماهيرهم في منطقة مكتظة بالسكان.

- خرافات وأساطير -

غضب توتنهام من ارسنال ازداد بعد سنوات قليلة، عندما نجحوا بالصعود الى الدرجة الاولى على حساب توتنهام.

يقول ستيف تونغ مؤلف كتاب "حروب العشب: تاريخ كرة القدم في لندن": "كانت البداية الحقيقة للمنافسة".

تابع: "شعر جمهور بالظلم بسبب ما آلت اليه الامور، فيما رأى جمهور ارسنال انه يمكنه معاملة خصومه بالمثل".

ويعتقد كلوك ان التاريخ يعزز شغف المنافسة بينهما: "هناك الكثير من الخرافات والاساطير، القصص والتفاصيل التي تضيف التوابل الى الخبر".

ايان مارشال، رئيس نادي ريدجواي روفرز للشباب الذي تخرج من صفوفه أمثال ديفيد بيكهام وهاري كاين، أحد الأمثلة عن كيفية وضع الروابط العائلية جانبا كل مرة تواجه فيها ارسنال مع توتنهام.

قال: "عائلات كثيرة تضم مشجعين من الناديين. أول ذكرى لي من دربي شمال لندن كانت مشاهدة المباراة مع عمي. كان مشجعا مجنونا لارسنال وحاول لسنوات اقناعي بالانضمام اليه، لكني اردت البقاء مع شقيقي وتشجيع توتنهام".

فشل توتنهام في اللحاق بارسنال خلال عهد مدرب الاخير الفرنسي ارسين فينغر ادى الى زيادة الانتقاد اللاذع.

يقول تونغ: "الدربي اصبح يهم توتنهام اكثر من ارسنال. لم يتفوق سبيرز على خصمه في الترتيب منذ عام 1995، وهي مدة لافتة".

خارح الملعب، ادى انتقال ارسنال من ملعب هايبري الى استاد الامارات عام 2006 الى تغيير في قاعدتهم الجماهيرية، الى مجموعة اكثر ارستقراطية من مختلف انحاء العالم جاذبا طبقة اغنى في المجتمع.

خلافا لذلك، ينبثق جمهور توتنهام من الطبقة العاملة، وبعضهم يحتفل بفخر في التراث اليهودي المفترض للعديد من مشجعي سبيرز، كدليل انه يوفر تجربة اكثر واقعية لكرة القدم.

يبدو ان الخصومة بين الطرفين معرضة للاستمرار لفترة طويلة. تختم غولدينغ: "لا اعتقد ان هناك خصومة اكبر من توتنهام-ارسنال. بدأت منذ زمن بعيد جدا. لقد تأسست الكراهية من طرف الجانبين".