بعد أقل من عشرة أشهر على تسلمه مهامه، حول المدرب الايطالي أنطونيو كونتي ببراعة وحرفية تشلسي من ناد تعصف به الخلافات ويكبله الغرور المتضخم لدى عدد من أفراده، الى فريق متجانس أحرز لقب الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم.

وضمن كونتي ولاعبوه الجمعة لقب الدوري بعد الفوز على مضيفهم وست بروميتش ألبيون 1-صفر.

الا ان المدرب الايطالي البالغ من العمر 47 عاما، بدأ مهمته في تموز/يوليو الماضي بمؤشرات تدل على صعوبة وتحديات الاشراف على الجهاز الفني للنادي اللندني المملوك من الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش.

وقال كونتي في تصريحات سابقة "في بداية الموسم لم يكن الامر سهلا. كان علينا ان نحل الكثير من المشاكل".

كان المدرب الجديد مدركا للصعوبات التي تنتظره على رأس النادي المتطلب، لاسيما بعد أداء متعثر مفاجىء الموسم الماضي بقيادة البرتغالي جوزيه مورينيو، لم يظهر فيه حامل اللقب قدرته على المنافسة، وتضمن موسمه إقالة المدرب والحلول عاشرا في الترتيب.

الا ان كونتي الفائز بثلاثة ألقاب في الدوري الايطالي مع نادي يوفنتوس، أقبل على التحدي وسعى الى تطبيق فلسفته الكروية الناجحة. وكانت خطواته الأولى إعادة الثقة الى نجوم كبار كالبلجيكي إدين هازار والاسبانيين دييغو كوستا وسيسك فابريغاس.

وبدلا من التعامل مع هؤلاء كـ "أولاد أشقياء"، وعدهم كونتي بأنه سيكون صريحا ومتعاطفا معهم طالما التزموا بأسلوبه المتطلب حرفيا. وأفاد المدرب من غياب المواعيد الأوروبية الضاغطة عن جدول أعمال فريقه هذا الموسم، ليطبق بهدوء وروية معاييره على لاعبيه، ويلقنهم فلسفته الكروية من خلال حصتين تدريبيتين يوميا، تخللهما تمارين مطولة عن خطط اللعب ونمطه.

وبدا ان خطط كونتي بدأت تأتي ثمارها في أعقاب خسارتين متتاليتين أمام ليفربول (1-2) وأرسنال (صفر-3) في أيلول/سبتمبر الماضي، اذ حقق بعدهما تشلسي 13 انتصارا متتاليا في الدوري، وانتقل الى تطبيق أسلوب اللعب المفضل لدى كونتي، القائم على ثلاثة مدافعين.

- "الادرينالين" المقلق -

بدا تأثير كونتي واضحا على لاعبيه الذين تمكنوا عبر هذه السلسلة، من معادلة رقمهم القياسي السابق لأكبر عدد انتصارات متتالية في الدوري، والتقدم بثبات نحو الصدارة.

ولم يوفر المدرب الايطالي فرصة للاشادة بنجومه، معتبرا ان "أكبر انجاز حققته هو ان اللاعبين وفروا لي امكانية العمل بشكل مكثف على الجوانب البدنية والتكتيكية وتحليل أشرطة الفيديو".

اضاف "عندما تخوض في هذا النوع من التغييرات، الأمر ليس سهلا. بداية عليك ان تعثر على رجال ولاعبين جيدين"، مؤكدا انه وجد "رجالا عظيمين وهم فعلا لاعبون جيدون".

مع بدء قطف ثمار عمله الدؤوب، لم يخف كونتي فرحه العارم بكل نجاح يحققه فريقه، وغالبا ما كانت احتفالاته الصاخبة على خط الملعب دليلا على الرغبة التنافسية العالية التي يتمتع بها، وهو المدرب الذي لم يخف يوما انه قد يستيقظ في منتصف الليل اذا ما شعر بالحاجة الى وضع خطة تكتيكية جديدة لفريقه.

حتى في حياته الشخصية، يهيمن شغف الانتصار على كونتي، فهو اختار لابنته اسم "فيتوريا" (انتصار باللغة الايطالية)، وأكد مرارا انه يواجه صعوبة في الخلود للنوم قبل المباريات الكبرى وبعدها بسبب الحماس الذي يولده "الأدرينالين" في جسده.

لاقت مقاربة كونتي رضى اللاعبين الذين "ارتاحوا" من الرسائل النصية المتتالية التي كان مورينيو يمطرهم بها خلال ساعات النهار.

وبدا أثر اختلاف التعامل هذا واضحا مع النجوم.

فكوستا أعرب عن ارتياحه للعمل مع كونتي، وانعكس ذلك نجاحا تهديفيا بلغ 20 هدفا في الدوري. كما ان النجم جون تيري الذي يودع النادي هذا الموسم، لم يخف دعمه لكونتي على رغم ان الأخير أبعده تدريجا عن التشكيلة الاساسية.

كما بدا الجانب الانساني لدى كونتي جليا مع لاعبه البرازيلي ويليان، عندما أتاح له تمضية وقت إضافي مع عائلته بعد وفاة والدته، وواظب على توجيه رسائل الدعم والتعاطف له خلال فترة عصيبة.

مع كل هذه اللمسات الخاصة، رد لاعبو تشلسي التحية لكونتي بأفضل منها، مع أداء ثابت ونتائج ايجابية متواترة، ساهمت في ضمانه لقبه السادس في الدوري قبل مباراتين على نهاية موسمه.

ويقول كونتي "بعد عام واحد، عندما تعمل كثيرا وتعاني كثيرا، تتمتع لكن تعاني ايضا، اذا كنت قادرا على الفوز وبلوغ هدفك، حينها أعتقد ان لحظة الاحتفال بالانتصار يجب ان تكون رائعة".