تكتسب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى الرياض اليوم، ولقاؤه العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أهمية خاصة في ظل تأزم عدد من القضايا الرئيسة التي تشمل المنطقة وفي مقدمها المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وكذلك المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وتشكيل الحكومة العراقية، والمحكمة الدولية الناظرة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري والقرار الظني المرتقب صدوره عنها والمتضمن كما يشاع اتهام عناصر من حزب الله بالضلوع فيها.
بيروت: تأتي زيارة الرئيس بشار الأسد إلى العاصمة السعودية الرياض بعد حركة لقاءات ومشاورات نشطة شهدتها كل من السعودية وسوريا، كان أخيرها وليس آخرها زيارة رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي الى العاصمة السورية وقبلها زيارة رئيس quot;القائمة العراقيةquot; إياد علاوي الى كل من دمشق والرياض، وكذلك قيام وزير الخارجية السعودي الأخير سعود الفيصل بالتوجه الى القاهرة حيث التقى الرئيس المصري حسني مبارك، هذا مع الإشارة الى اجتماع الرئيس الأسد مع نظيره الإيراني الدكتور محمود أحمدي نجاد في طهران قبل قدوم الأخير الى لبنان في زيارة رسمية وquot;شعبيةquot; استمرت يومين.
وإذا كانت المصادر السعودية والسورية الرسمية أدرجت زيارة الأسد الى الرياض، في إطار التواصل المستمر بين القيادتين السعودية والسورية، والبحث في كافة المواضيع والتطورات المستجدة على الساحة العربية وتعزيز العلاقات بين الدولتين، فإن أوساطاً سورية ولبنانية متابعة، تنظر الى الزيارة من جوانب أخرى أبرزها التأكيد على أنه خلافاً لما تردد عن فتور طرأ على هذه العلاقات نتيجة الخلاف في مقاربة الموضوع العراقي، ها هي تمضي قدماً وتسير على خطى ثابتة عملاً بما جرى الاتفاق عليه في زيارة quot;تكريس المصالحةquot; التي قام بها العاهل السعودي الى دمشق أواخر العام الماضي، والتي كان أولى ثمارها تمكين الرئيس سعد الحريري من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وهي الأولى له بعد انضمامه الى نادي رؤساء الحكومات في لبنان.
إقرأ أيضًا |
هذا ورغم الأجواء المضطربة التي يشهدها لبنان حالياً، نتيجة الانقسام الحاصل بين فريقي الأكثرية والمعارضة حول المحكمة الدولية والقرار الظني، والموضوع المسمى بـ quot;شهود الزورquot;، فإن الأولية في مباحثات عبد الله الأسد، على ما يذكره المطلعون ستتركز على آخر ما توصلت إليه الجهود الآيلة الى تشكيل حكومة في العراق تضم كافة الأطياف والاتجاهات، على غرار ما هو حاصل في لبنان، والبحث في كيفية إزالة العوائق التي تحول دون تحقيق الى هذه الغاية، والدور المطلوب من الرياض ودمشق بهذا الخصوص، دون إغفال العاهل الإيراني الذي كلّفت دمشق تولي أمره وإن واجهتها تصريجات quot;ناريةquot; على غرار ما قاله علاوي في حديث تلفزيوني امس، من أنه quot;لن يستجدي الإيرانيين للمساعدة في تشكيل الحكومةquot;.
ويستأثر الشأن الفلسطيني بجانب كبير من المحادثات بعد أن بدا الخلاف السوري السعودي واضحاً إزاء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المباشرة، ففيما تشجع الرياض على إعطاء فرصة لهذه المفاوضات، تبدي دمشق اعتراضها عليها وترى أن لا جدوى منها في ظل التعنت الاسرائيلي الرافض حتى لوقف الاستيطان.
وقد دخل عامل جديد على هذا الخلاف تمثل بما تحدثت عنه مصادر فلسطينية حول حصول مشادة كلامية بين الرئيس الأسد ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تساءل فيها الأخير ما إذا كان الرئيس السوري غير راغب في بحث قضية فلسطين في الجامعة العربية، مؤكداً أن الفلسطينيين هم من اخترعوا quot;المقاومةquot;. وفي هذا الإطار علمت quot;إيلافquot; أن دمشق تعتزم نشر جانب من محضر اجتماعات القمة العربية الأخيرة والمداخلة التي أدلى بها الأسد، وحملت الرئيس عباس للرد عليه.
أما عن لبنان الذي ما زال عدد كبير من قيادييه يشيد بمفاعيل القمة الثلاثية التي انعقدت في قصر بعبدا في شهر يوليو/ تموز الماضي وضمت الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأسد والرئيس اللبناني ميشال سليمان، بعد أن اصطحب الأول الثاني في زيارته الى بيروت قادماً من دمشق، فإن ثمة أسئلة يرعب الجانب السوري سماع الإجابة عنها من الجانب السعودي تتعلق بما تحقق على صعيد موضوع المحكمة الدولية الذي تعهدت الرياض، في القمة الثلاثية كما ذُكر، بمعالجته سواء مع الجهات الدولية المعنية أو مع الداخل اللبناني ممثلاً بالرئيس الحريري، المعني الأول بمعرفة حقيقة من اغتال والده الرئيس رفيق الحريري.
وإذ يبدي الطرفان السعودي والسوري قلقهما مما وصل اليه الوضع في لبنان من تأزم وصفه الأسد بـ quot;غير المطمئنquot; فإنهما بالتالي عاقدا العزم على إبقاء الأمور تحت السيطرة والحفاظ على الاستقرار وابتداع المخارج لقضية quot;شهود الزورquot;التي ستبحثها الحكومة في جلستها المقبلة، ومنها ما يجري تداوله حالياً والقائل بالاتفاق على إحالة القضية المذكورة الى القضاء اللبناني والطلب الى المحكمة الدولية التمهل بإصدار القرار الظني ريثما تنهي المحكمة اللبنانية عملها.
من أرشيف إيلاف
التعليقات