أوردت تقارير إعلامية خبر مقتل عشرة أشخاص على الأقل في أحدث المواجهات بين الثوار في سوريا وقوات الأمن، في ظل انتشار حركة الإحتجاج في مناطق سورية جديدة مع شيوع خبر الإعتداءات العنيفة للأمن على المتظاهرين وسقوط المزيد من القتلى من بينهم. ولفتت منظمة العفو الدولية إلى أن عدد القتلى وصل إلى 55 شخصاً، في حين شهدت دمشق ومدن سورية خروج مسيرات مؤيدة للرئيس السوري.
المواجهات في درعا |
دمشق: دعت مجموعة quot;يوم الغضب السوريquot; التي اثارت موجة التظاهرات، الى quot;انتفاضة شعبيةquot; السبت في المدن السورية كافةquot;لإغاثة مدينة درعاquot;، وذلك غداة تظاهرات في المدن السورية الكبرى وفي محافظة درعا التي شهدت حوادث دامية.
ودعت المجموعة الى quot;انتفاضة شعبية السبت في كل المحافظات السوريةquot;، مشددة على عبارة quot;قولوا الله يارجالquot; التي شاع استخدمها من قبل الثوار ضد الاحتلال الفرنسي في مسلسل quot;باب الحارةquot; الجماهيري.
وكان مسؤول سوري رفض الكشف عن اسمه أكد لوكالة فرانس برس أن تظاهرات الجمعة quot;أوقعت 13 قتيلاً، بينهم رجلا إطفاء وأحد الموظفين الذين قتلوا على يد المتظاهرينquot;. واكد ناشطون حقوقيون من جهتهم مقتل 25 شخصًا.
وأشارعدد من الناشطين السوريين لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الشرطة السورية أطلقت النار على محتجين في بلدة الصنمين (40 كلم عن جنوب دمشق) أثناء توجههم إلى المشاركة في تشييع قتلى سقطوا خلال الأسبوع الماضي في احتجاجات مدينة درعا.
في حين أكد مصدر رسمي سوري لوكالة quot;يو بي آيquot; أن عشرة أشخاص قتلوا فعلا في الصنمين، لكنه لم يعط أية تفاصيل عن ملابسات مقتلهم. بينما نقلت الوكالة عن شهود أن عدد القتلى في الصنمين بلغ 15 شخصًا، إضافة إلى جرح أربعين آخرين. في حين أشار حقوقيون ونشطاء للجزيرة نت إلى أن عدد قتلى الصنمين بلغ عشرين شخصًا.
غير أن quot;يو بي آيquot; نقلت عن مسؤول آخر قوله إن مجموعة مسلحة حاولت اقتحام مقر للجيش الشعبي في البلدة واشتبكت مع حراس المقر، مما أدى إلى مقتل عدد من المهاجمين.
في المقابل، أشارت منظمة العفو الدولية أمس الجمعة إلى أنه يُعتقد أن عدد الذين سقطوا في مدينة درعا وضواحيها منذ بدء الإحتجاجات في الخامس عشر من الشهر الجاري قد بلغ 55 قتيلاً على الأقل، بينما أفادت الأنباء بانتشار رقعة الاحتجاجات لتشمل مدنًاعدةوبلدات أخرى في البلاد.
وجاء في بيان أصدرته المنظمة الدولية أن quot;قوات الأمن فتحت النار مرة أخرى على المتظاهرين في بلدة الصنمين، بينما اعتقلت العديد من الأشخاص في العاصمة دمشق، وفقًا لتقارير صادرة الجمعة، وذلك بعد يوم من تعهد السلطات بالتحقيق بأعمال العنفquot;.
إلاَّ أن سكان محليين كانوا قد قالوا إن عدد القتلى الذين سقطوا في درعا هو ضعف هذا العدد، حتى قبل تظاهرات الجمعة.
بينما أعلن مسؤولون في المستشفى المحلي في درعا إن 37 شخصًا على الأقل لقوا حتفهم عندما قامت القوات الأمنية بإقتحام المسجد العمري، الذي كانت مجموعة من المتظاهرين معتصمة في داخله.
وكانت موجة احتجاجات قد بدأت قبل نحو أسبوع في مدينة درعا (جنوب سوريا)، للمطالبة بالحرية والإصلاح قد قابلتها القوات الأمنية بالرصاص الحي، ثم تكرر الأمر عند تشييع جنازات القتلى.
وتعهّد الرئيس السوري بشار الأسد، في تصريحات على لسان مستشارته الإعلامية والسياسية بثينة شعبان أول من أمس، بدراسة quot;إمكانية إنهاء العمل بقانون الطوارئ المعمول به في سوريا منذ عام 1963quot;. وأصدر أيضًا مرسومًا بزيادة الرواتب لجميع العاملين في القطاع العام وخفض الضرائب.
مقتل شخصين بنار قناصين تابعين لquot;مجموعة مسلحةquot; في اللاذقية
اعلن مصدر سوري رسمي السبت ان قناصين تابعين لquot;مجموعة مسلحةquot; قاموا باطلاق النار في مدينة اللاذقية الساحلية ما اسفر عن مقتل شخصين وجرح آخرين.
واوضح المصدر لوكالة فرانس برس ان quot;قناصة تابعين لمجموعة مسلحة قاموا باطلاق النار على المارة في اللاذقية ما اسفر عن مقتل شخصين وجرح اثنين آخرينquot;.
وكان مسؤول سوري رفيع اعلن في وقت سابق ان quot;مجموعة مسلحة احتلت اسطح ابنية في بعض احياء مدينة اللاذقية وقامت باطلاق النار على المارة والمواطنين وقوى الامنquot;.
اتساع نطاق التظاهرات
هذا وشهدت المدن السورية أمس، بما فيها العاصمة دمشق، المزيد من التظاهرات الإحتجاجية بعدما انتشرت أنباء تفيد بمقتل العشرات في محافظة درعا الواقعة في جنوب البلاد عقب صلاة الجمعة، وقامت قوات الأمن بتفريقها.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن شاهد عيان في درعا بأن آلاف السوريين خرجوا في للمشاركة في تشييع جنازات بعض من سقطوا في الاشتباكات مع القوات الأمنية، هاتفين quot;حريَّة، حريَّةquot; وحاملين الأعلام السورية وأغصان الزيتون.
وقال مراسل رويترز إنه شاهد المتظاهرين يزيحون من وسط الساحة الرئيسة في درعا تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار الأسد، وذلك قبل أن quot;تفتح عناصر أمنية بثياب أمنية النار من مسدسات أتوماتيكية من مبانٍ مجاورةquot;.
ونقلت الوكالة عن بعض سكان المدينة أن قوات الأمن ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، وأن شخصين سقطا أرضًا، ثم نقلا إلى مستشفى المدينة الرئيس.
كما نقلت التقارير الإعلامية أن متظاهرين هاجموا عددا من رجال الأمن مع حلول الظلام، واختطفوا بعض أسلحتهم وطردوهم إلى خارج الجزء القديم من المدينة والمسجد العمري، الذي كان مركز تجمع المحتجين الأسبوع الماضي.
ولفتت رويترز إلى أن المتظاهرين هتفوا داعين شقيق الرئيس السوري وقائد الحرس الجمهوري ماهر الاسد إلى إرسال قواته لتحرير هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. وتحدثت الوكالة وشهود عن إطلاق نار كثيف، بينما هرع المتظاهرون بحثًا عن ملاذ آمن. وشاهد مراسل رويترز بعض الجرحى ينقلون إلى سيارات وعربات إسعاف.
وفي العاصمة، انطلقت مظاهرات بعد صلاة الجمعة للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية وإطلاق الحريات. وقد تدخلت قوات الأمن وقامت بتفريق المتظاهرين.
وتحدث شهود عن مقتل ثلاثة متظاهرين في ضاحية المعظمية القريبة من دمشق، وأشاروا إلى أن قوات الأمن تطوق الضاحية وسط معلومات عن اعتقال العشرات.
كما شهدت ساحة كفر سوسة في العاصمة مسيرة عقب صلاة الجمعة شارك فيها المئات تطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد.
من جانب آخر، حصلت تجمعات لعدد من المواطنين في محافظات عدة دعت إلى تلبية مطالب محلية، والإسراع في تنفيذ الخطوات الإصلاحية ومكافحة الفساد.
وفي حمص، خرجت تظاهرتان، الأولى مؤيدة للنظام، والثانية مطالبة بالإصلاح وتأييد أهالي مدينة درعا، كما طالب المشاركون فيها بإقالة محافظ المدينة. وسرت شائعة بأن محافظ حمص سيقال من مهامه.
وأفاد شهود بأن حصيلة الصدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين في مدينة اللاذقية كانت قتيلاً واحًدا وعددًا من الجرحى.
تظاهرات مؤيدة للأسد
في مقابل التظاهرات المناوئة للنظام، شهدت المدن السورية تجمع مئات الأشخاص مساء الجمعة في ساحة الأمويين في وسط دمشق تعبيرًا عن تأييدهم الرئيس الأسد. كما جابت مسيرات سيارة مؤيدة الرئيس شوارع العاصمة هاتفة له ولسوريا. وبث التلفزيون السوري صور تظاهرات التأييد للرئيس التي انطلقت بعد صلاة الجمعة في محافظات دمشق والقنيطرة ودير الزور واللاذقية والحسكة وحلب.
مواقف رسمية
أكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان أن quot;دمشق مستعدة لمناقشة أي شيء وأي مطلب طالما هو تحت سقف الوطنquot;، مشيرة في حديث لصحيفة quot;الحياةquot; إلى أن quot;الأيام المقبلة ستشهد انطلاق عملية تطبيق القرارات والنقاط التي أعلنت في المجالين السياسي والخدمي، وذلك ضمن إطار زمني يلبّي طموحات الشعبquot;.
وقالت شعبان، رداً على سؤال يتعلق بإقالة مسؤولين محليين: quot;هناك بعض الناس الذين لا يعلن أنهم أقيلوا أو لم يقالوا، لكن كل الإجراءات المطلوب اتخاذها اتخذتquot;. وعن موعد تطبيق القرارات والوعود، أجابت شعبان: quot;التطبيق الفعلي لها يبدأ اليوم (مساء اول من امس)، والأسبوع المقبل سيشهد تطبيق قرارات أخرى، والتوقيت والسرعة هما من صلب هذه القراراتquot;.
وعن الكلام عن وجود جماعات من quot;حزب اللهquot; في درعا، قالت شعبان: quot;من المضحك ومن السخرية أن تقول بعض وكالات الأنباء هذا الكلام، أولئك لا يعرفون قيمة سوريا ولا إمكاناتها ولا مكانتها، فسوريا دولة قادرة على إدارة أمورها بنفسها. وهذا جزء من التجييش الإعلامي وإعطاء صورة بأن أمراً خطراً جداً وغير متدارك يحصلquot;.
في سياق متصل، أعلن وزير الإعلام السوري محسن بلال لإذاعة quot;كادينا سيرquot; الإسبانية أن الوضع quot;هادئ تماماquot; في كل أرجاء سوريا، وقد تم اعتقال من وصفهم بالإرهابيين. مشيراً إلى أن الأحداث التي وقعت الأربعاء في مدينة درعا كان وراءها quot;إرهابيون، وقريبا سنكشف عن هويتهم للعالم بكاملهquot;.
في حين رأى المستشار السابق لوزير الإعلام أحمد الحاج علي أن quot;معالجة عاجلة وفورية لأسباب التأزم في درعا مهمة في سياق معالجة الاحتجاجاتquot;. وقال إن المطلب الرئيس للمحتجين يتمحور حول تأييد أهالي درعا والتضامن معهم.
من جانبها، نفت متحدثة باسم وزارة الإعلام السورية الاتهامات الموجهة إلى السلطات السورية بقمع المواطنين الذين كانوا يتظاهرون بشكل سلمي، قائلة إن quot;بعض المتظاهرين كانوا يحملون أسلحةquot;.
ردود فعل دولية
ورداً على ما يجري في سوريا، حثَّت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الرئيس الأسد على الامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما: quot;ندين بشدة محاولات الحكومة السورية لقمع ومضايقة المتظاهرينquot;. في حين أجرى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، اتصالا هاتفيا الجمعة بالرئيس الأسد quot;حثّه خلاله على اتخاذ أقصى درجات ضبط النفسquot;.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني: quot;ندين بقوة محاولات الحكومة السورية لقمع وترويع المتظاهرينquot;.
كما حثت تركيا الجمعة جارتها سوريا على تطبيق اصلاحات سريعة تلبية للمطالب المشروعة في البلاد. وقال وزير الخارجية التركي: quot;يتعين على سوريا تطبيق اصلاحات من دون تضيع أي وقتquot;.
التعليقات