يواجه الرئيس السوري بشار الأسدأكبر تحدٍ منذ توليه السلطة في عام 2000،إذ إن الاحتجاجات الشعبيةالتي تتفاقم في مدينة درعا تؤشر إلى عدم استقرار الوضع إلى حد بعيد،وفقاًلتقديرات العديد من الخبراء والمراقبين. في وقتدانت الادارتان الاميركية والبريطانية إستخدام العنف ضد المتظاهرين.


بيروت: يرى محللون في الاحتجاجات الدامية المستمرة في درعا في جنوب سوريا منذ اكثر من اسبوع والتي تنذر بالتوسع، تحديا هو الاول بهذا الحجم للرئيس السوري بشار الاسد الذي يملك هامشا ضيقا للتحرك من أجل تجنب زعزعة نظامه او وقوع بلاده في الفوضى.

ويقول مدير مركز بروكينغز-الدوحة للدراسات سلمان شيخ لوكالة فرانس برس quot;حتى ثلاثة ايام مضت، لم تكن الوجهة التي ستسلكها الامور في سوريا واضحة. اليوم، انا أزداد اقتناعا بان الانتفاضة ستستمرquot;.

ويضيف ان quot;الردّ القمعي الذي قام به النظام يعني انه الآن في مشكلة جدية، ويؤشر الى عدم استقرار الوضع الى حد بعيدquot;.

ويرى محلل سياسي يتخذ من باريس مقرا رافضا كشف اسمه ان quot;الاسد رغم كل شيء لا يزال يتمتع بدعم في الداخل، الا ان هذا الدعم يضمحلّ كل لحظة. اذا استمر إهراق الدم اسبوعا آخر، سينتهي الامر وسيخسر كل مصداقيةquot;.

ويرى المراقبون انه من المبكر التكهن بتداعيات احداث درعا حيث تجاوز عدد القتلى المئة، على المدى الطويل، الا انه من الواضح ان حركة الاحتجاج المستمرة تتسبب بارتباك كبير للرئيس السوري.

الى ذلك، دانت الولايات المتحدة مجددا أعمال العنف في سوريا، وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني quot;ندين بشدة اعمال العنفquot; في سوريا. واضاف quot;نحث الحكومة السورية، كما فعلنا مع حكومات أخرى في المنطقة، على التقيد بالسبل السلمية والمشاركة في حوار سياسي مع الشعب، لان هذه الطريق هي الافضلquot;.وتابع المتحدث الاميركي quot;نحث أيضا الحكومة السورية على الامتناع عن احتجاز ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الانسان او صحافيين تحت اي ظرفquot;.

كذلك، أعربت لندن عن quot;قلقها الشديدquot; ازاء استخدام العنف ضد المتظاهرين في سوريا ودانت اعمال العنف في مدينة درعا مطالبة دمشق بتنفيذ الاصلاحات التي اعلنت عنها سريعا.

وقال اليستور بورت وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا quot;اشعر بالقلق الشديد ازاء استخدام العنف ضد المتظاهرينquot;، منددا في بيان quot;باعمال العنف التي ادت الى مقتل اشخاص كثر في درعاquot;.

وأضاف quot;يحق لجميع السوريين التعبير عن رايهم بطريقة سلميةquot;، داعيا دمشق الى quot;احترام هذا الحقquot; وquot;الافرقاء كافة خصوصا قوات الامن السورية الى ضبط النفسquot;.

وبعد اشارته الى تصريحات السلطات السورية التي وعدت باصلاحات، دعا بورت الحكومة السورية الى quot;تنفيذ هذه الاقتراحات من دون تأخيرquot; وquot;الاستجابة سلميا للمطالب المشروعة للشعب السوريquot;.

على صعيد متصل، وفي تقرير لمجموعة الازمات الدولية (انترناشونال كرايزيس غروب) التي تتخذ من بروكسل مقرا، صدر الجمعة، ان quot;القيادة السورية تمر في لحظة مصيرية، ولديها خياران لا غير: اما ان تقبل على مبادرة سياسية (...) تقنع الشعب السوري بان النظام مستعد لتغييرات جذرية، واما تصعيد القمع الذي قد يؤدي الى نهاية دمويةquot;.

وفي محاولة لاحتواء الوضع وتهدئة النفوس، اعلنت الحكومة السورية بلسان مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، الخميس سلسلة اصلاحات quot;تلبي طموحاتquot; الشعب، واطلاق جميع الموقوفين على خلفية احداث درعا.

كما اعلنت ان الحكومة ستدرس امكان انهاء العمل بقانون الطوارئ القائم منذ العام 1963، ووضع قوانين جديدة للاحزاب وللاعلام.

ويشكك سلمان شيخ في quot;احتمال ان تكون هذه الاصلاحات كافية للتهدئة، لا سيما في ظل المطالب السياسية المتصاعدة ومن بينها طلب الافراج عن المعتقلين السياسيينquot;.

ويقول quot;اتساءل ايضا ما اذا كان النظام السوري قادرا على تطبيق هذه الاجراءات في الوقت ذاته الذي يحاول فيه ان ينهي الانتفاضةquot;، مضيفا quot;اشك في ان تكون الاصلاحات كافيةquot;.

ويقول المحلل السياسي من باريس quot;لقد تسببت درعا بمفاجأة للمسؤولين السوريين بحجمها وتوقيتها وسرعتهاquot;.

ويضيف ان على الاسد في حال تمكن من وضع حد لتمرد درعا، ان يبدأ تطبيقا فعليا سريعا للاصلاحات ويفتح حوارا مع المعارضة المعتدلة والعلمانية.

ويضيف quot;اذا فعل ذلك، يمكنه ان يربح بعض الوقت ويحاول الحصول على دعم اولئك الذين لا يرغبون في رؤية سوريا تغرق في الفوضى، لكنهم في الوقت نفسه، لا يريدون ابقاء الوضع على حالهquot;.

وتهيمن الاقلية العلوية على السلطة في سوريا منذ الانقلاب الذي نفذه حزب البعث في 1963. وتسلم بشار الاسد الرئاسة العام 2000 بعد وفاة والده الذي قمع تمردا لحركة الاخوان المسلمين في مدينة حماه في 1982 قتل خلاله الاف الاشخاص.

وعمل بشار الاسد على فك العزلة الدولية عن سوريا ونفذ اصلاحات خجولة. الا ان محاولته تطبيق اصلاحات سياسية ومزيد من الانفتاح في اول عهده باءت بالفشل، فكان ما عرف آنذاك بquot;ربيع دمشقquot; قصيرا.

ويقول لاسن ايشي، المحلل الاقتصادي في مركز كارنيغي للابحاث في الشرق الاوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا، quot;داخل الحكومة السورية، هناك من يؤيد الاصلاحات، وهناك من يعارضهاquot;.

ويضيف quot;اليوم في سوريا، وعلى عكس ما كان الوضع عليه قبل خمس سنوات، يمكن رؤية مؤشرات انعدام المساواة الاجتماعية تتصاعدquot;.

ويبلغ متوسط الرواتب الشهرية في سوريا حوالى مئتي دولار، فيما نسبة البطالة بين الذين لم يتجاوزوا الثلاثين تصل الى 30%.

واعلن في دمشق الخميس اصدار مراسيم تقضي بزيادة رواتب العاملين في الدولة بصورة فورية.

ويرى ايشي ان quot;الاصلاحات الاقتصادية قد لا تكون كافيةquot;، مشددا على ضرورة تكاملها مع اصلاحات سياسية.

ويرى سلمان شيخ ان اسباب التحركات القائمة في سوريا quot;تأتي في اطار ما هو حاصل في الشرق الاوسط حاليا من انتفاضات شعبيةquot;، مضيفا ان quot;عدوى الشارع وصلت الى سورياquot;.

ويشير الباحث المتخصص في القضايا العربية الى ان quot;التغيير في سوريا ان كان سيحصل لن يتم بين ليلة وضحاهاquot;، متخوفا من quot;دخول سوريا في نزاع داخلي طويلquot;.