لم تكن سوريا بعيدة من شرارة التظاهرات التي انطلقت في العواصم العربية مع اختلاف مطالبها من تحسين الخدمات الى الثورة. فقد شهدت مدن عديدة سورية تظاهرات كانت ذورتها يوم الجمعة الماضي خصوصًا في محافظة درعا جنوب دمشق، حيث كان لسقوط قتلى فيها يوم الثامن عشر من شهر آذار مارس الجاري سبب في تطورها نحو مدن أخرى.وطرحت إيلاف سؤال التظاهرات السورية على قرائها والسيناريو الذي ينتظرها فوجدت أن ما نسبته 45.37% من المشاركين في التصويت يرون أنها ستكون مثل التظاهرات في إيران التي أعقبت فوز الرئيس أحمدي نِجاد برئاسة إيران.
لم تكن سوريا بعيدة من شرارة التظاهرات التي انطلقت في العواصم العربية مع اختلاف مطالبها من تحسين الخدمات الى الثورة. فقد شهدت مدن عديدة سورية تظاهرات كانت ذورتها يوم الجمعة الماضي خصوصًا في محافظة درعا جنوب دمشق، حيث كان لسقوط قتلى فيها يوم الثامن عشر من شهر آذار مارس الجاري سبب في تطورها نحو مدن أخرى.
وكما في أي بلد عربي أو إسلامي فخطاب المعارضة خصوصًا التي في الخارج كان مفرطًا في التوقعات، مصورًا التظاهرات كثورة كبرى لن تتوقف إلا بإسقاط النظام. غير أنه على أرض الواقع كانت تدور قصة أخرى في سوريا وفق متابعين لهذه التظاهرات التي لم تطالب حتى الآن بإسقاط النظام أو رحيل الرئيس، إذ معظمها انطلقت مطالبة بالإصلاح الذي تقول السلطة انها بدأته ويسير بخطى وئيدة، وهو ما لا تصدقه المعارضة.
فقد أشارت المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد بثينة شعبان في لقاء مع الصحافيين في دمشق إلى أن ما نحن بصدده ليس تظاهرات سلمية مطلبية تريد أن تسرع من وتيرة الإصلاح في سوريا، بل هو شيء مختلف وليس له علاقة بالمطالب المحقة والمشروعة التي يتم تلبيتها تباعًا.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان دعا إلى quot;إصدار قانون عصري ينظم عمل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية في سوريا، والسماح بلا قيد أو شرط بعودة السوريين من أصحاب الرأي خارج البلاد الذين يخشون اعتقالهم في حال عودتهمquot;.
وكانت المعارضة السورية تعول على تثوير أكراد الشمال السوري- الذين لم يفوتوا فرصة لإطلاق شكواهم من التهميش وعدم الإعتراف بقوميتهم ولغتهم - لتربك السلطة في الوسط بعد إنطلاق التظاهرات في الجنوب. لكن الأكراد فضلوا الإنشغال بإحتفالات أعياد نوروز التي بدأت في الحادي والعشرين من شهر آذار مارس الحالي، على الانقياد في تظاهرات يرون أنفسهم غير معنيين بها بشكل مباشر، وهم يرون أن هذه التظاهرات ليست بإتجاه واحد بل هناك تظاهرات مضادة لها من قبل مناصرين متحمسين للنظام. وردًّا على نسيانهم من عرب الوسط والجنوب حين انتفضوا العام 2004 يديرون ظهرهم اليوم لمن نسيهم كما يقول بعض الاكراد السوريين الذين يرون أن قطف ثمار هدوئهم اليوم من النظام خير من انتظار وعود معارضة، لا يعرفون متى أو كيف ستتحقق.
ويزيد المتابعون ومنهم رئيس تحرير جريدة القدس العربي اللندنية عبد الباري عطوان بأن الرئيس السوري حافظ الأسد لا يزال يدير النظام وهو في قبره، واستمرارًا مع هذه التحليل فإن طريقة معالجة هذه التظاهرات، التي تعد الأصعب لحكم الرئيس الشاب بشار الأسد، فهي أيضًا تتم وفق نهج الرئيس الراحل حافظ الأسد، فقد تم إطلاق حزمة إصلاحات اقتصادية وسياسية لعل أهمها انتهاء العمل بقانون الطوارئ الذي يستخدمه المعارضون كقصبة لإنتقاد النظام، كما قامت السلطات بإطلاق سراح نحو 260 مسجون ومعتقل سياسي أبرزهم من الإسلاميين. لكن، وفقًا للمتابعين، فقانون الطوارئ لن ينتهي العمل به دون مقابل ودون ثمن يكسبه النظام من إزالة هذا القانون الذي يصر المعارضون على انه شرع العام 1963 ويصر النظام من جانبه بأنه كان أصلاً مشرعًا منذ نكبة فلسطين وما حصل في العام 1963 هو استمرار العمل بهذا القانون بإعتبار أن سوريا لما تزل في حالة حرب مع اسرائيل، وفقًا لاعلاميين رسميين في سوريا.
وليس من ثمن اليوم أغلى من أن يسود الهدوء في سوريا متعددة الطوائف والقوميات كمطلب للنظام، بعد أن كادت البلاد تتجه لما سبقتها اليها كل من تونس ومصر حيث نجحت التظاهرات واليمن وليبيا المنفتحتين على سيناريوهات عدة.
وإلغاء هذا القانون سيكون، أشبه بعصا موسى، للنظام إذ سيسمح بتشكيل أحزاب وإصدار صحف وفق قانون جديد للإعلام. وسيسحب البساط من تحت متشددي المعارضة ويريح متشددي النظام في الآن ذاته. وسيسمح إلغاؤه كذلك بإطلاق مئات المعتقلين والسجناء باعتبار ان تلك الاعتقالات والاحكام التي ترتبت عليها جرت وفق قانون الطوارئ. وذلك ما كان يطالب به عدد من المعارضين مع إنطلاق التظاهرات لعل أبرزهم المفكر السوري عبد الرزاق عيد الذي يريد اليوم أن يتبع إلغاء قانون الطوارئ فتح حوار جاد مع المعارضين لوضع خطط حقيقية للمستقبل السياسي في سوريا.
وهناك اليوم رغبات من سوريين بأن تتجنب سوريا ما حصل في سواها خصوصًا في ليبيا من دمار وقتل. وقريب من ذلك ما طالب به المحامي محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي الرئيس السوري بتقديم ما أسماه النموذج الثالث وهو غير نموذج معمّر القذافي أو حسني مبارك.
وقال في تصريح خاص لـمراسلة إيلاف في دمشق إن النموذج الأول هو نموذج بن علي ومبارك، وهو الحاكم الذي رفض تسليم كرسيه وانتهى الى مصيره الآن، والنموذج الثاني هو النوذج الليبي واليمني، وهو ما نراه من قتل الشعوب وانتهاك حقوق الانسان وأشبه بالحرب الأهلية، بعد تضييع على البلاد فترات استقرار، والنتيجة خسائر في الاقتصاد وقوى البلاد.
واعتبر زارع ان النموذج الثالث هو أن يقدم الرئيس السوري بشار الأسد على إصلاح سريع فوري من دون أي تردد وعليه أن يتعامل مع الشعب السوري باعتباره بالغ الرشد، وليس قاصرًا، وعلى الحكومة السورية أن تغير أسلوبها سريعًا من دون ابطاء، وعلى القيادة السورية أن تحترم شعبها، وأن تحسن الأوضاع، وتطلق الحريات وامكانية تنظيم الأحزاب وتحسن من أموال الشعب السوري وتفرج عن المعتقلين السياسيين وتقدم نموذجًا إصلاحيًا.
ورأى زارع أنّ الوقت ما زال متاحًا، الا أنه لن يكون طويلاً، مشدداً على أن هناك فرصًا للنظام السوري عبر مزيد من الحرية والديمقراطية يمنحها للشعب.
واليوم وقد هدأت جذوة التظاهرات السورية بعد الخشية من اشتعال فتنة طائفية خلالها خصوصًا، وبعد اطلاق عدد من المعتقلين والسجناء، ووجود خشية من قبل المعارضين الليبراليين من أن يحصد الاسلاميون ثمار تظاهراتهم مع دعوات من قبل رجال دين غير سوريين لزيادة وتيرة التظاهرات، كان بعض هؤلاء سعى لقطف ثمار الثورة المصرية، تدخل دمشق مرحلة الانتظار، انتظار الجمعة المقبل حيث ستعكس مدى تجاوب الناس مع طريقة تعامل السلطات مع التظاهرات ومدى جديتها في وعود الاصلاح السياسي والاقتصادي.
وانتظار خطاب الرئيس الاسد الذي يتوقع المتابعون ان يكون قبيل الجمعة المقبل وسيتضمن الغاء قانون الطوارئ بشكل رسمي مع حزمة إصلاحية جديدة يرغب المعارضون أن تتضمن تدوالاً سلميًا للسلطة في المستقبل القريب، ضمن انتخابات برلمانية ورئاسية.
وكانت إيلاف طرحت سؤال التظاهرات السورية على قرائها والسيناريو الذي ينتظرها فوجد ما نسبته (18.39%) وعددهم 2166 يرون أنها ستكون وفق السيناريو التونسي والمصري بينما رأى سواهم 4269 (36.24%) أنها ستكون وفق السيناريو الليبي، لكن غالبية المشاركين (45.37%) أي 5345 مشارك، وجدت أنها ستكون مثل التظاهرات في إيران التي أعقبت فوز الرئيس أحمدي نِجاد برئاسة إيران. حيث نجحت السلطات الايرانية في اخمادها، ولعل الجامع بين إيران وسورية ليس فقط نتيجة التظاهرات المتوقعة بل ان كليهما ينظر لنفسه كرأس حربة في وجه التحالف الأميركي الاسرايلي في المنطقة ويستفيدان من ذلك كلما سنحت لهما الظروف إعلاميًا، اذ يرى الرسميون السوريون أن بلادهم هي جبهة الممانعة الأخيرة بوجه اسرائيل والداعم الكبير مع إيران للمقاومة في فلسطين ولبنان، وذلك ما يراه المعارضون ورقة لبقاء النظام. وقد بلغ عدد المشاركين في الاستفتاء 11780 من قراء إيلاف.
التعليقات