عشية صدور الحكم في قضية مقتل 72 مشجعًا في استاد بورسعيد، وجهت مجموعات الألتراس إنذارًا شديد اللهجة للسلطة الاخوانية، توجته بشعار quot;القصاص أو الفوضىquot;، مطالبين بتشديد العقوبة على من تسبب بالمذبحة.


القاهرة: يترقب الشارع المصري بحذر صدور الحكم في القضية المعروفة إعلاميًا بمذبحة استاد بورسعيد، خصوصًا أن شباب الالتراس رفع شعار quot;القصاص أو الفوضىquot;، في اشارة إلى ضرورة اصدار احكام بالأعدام بحق المتهمين بقتل 74 من مشجعي كرة القدم، أثناء حضور مباراة لكرة القدم بين فريقي المصري البورسعيدي والأهلي القاهري، في الأول من شباط (فبراير) 2012.
وينتاب المصريون مشاعر الرعب بعد تهديد مجموعات الألتراس بحرق مقرات وشركات وممتلكات الإخوان المسلمين، ونشر الفوضى في مصر، في حال صدور أحكام بالبراءة أو أحكام مخففة على المتهمين.
ونفذت مجموعات الألتراس ما وصفته بquot;قرصة أذنquot;، من خلال إيقاف حركة القطارات في محافظات عدة، وإيقاف حركة المترو والسيارات فوق جسر 6 أكتوبر. وحاولت هذه المجموعات حرق مقرات للإخوان بالقاهرة، وأطلقت تهديدات جديدة بالموت لكل المتهمين في حادث مجزرة بورسعيد. وقالت في صفحتها عبر موقع فايسبوك: quot;مصير كل من دبر وخان وقتل في مجزرة استاد بورسعيد هو الموتquot;.
وبالغ الألتراس في التهديد مهولة بما سيحصل يوم السبت 26 كانون الثاني (يناير) الجاري، يوم النطق بالحكم، قائلين: quot;ندعو كل من لا يزال يري أن الدم ليس رخيصًا كما يراه كل ظالم ومستبد، إلى أن يكون موجودًا صباح السبت أمام أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدةquot;. أضافوا: quot;سيكون يومًا فاصلًا في حياة أشخاص كثيرين، وقد يكون آخر يوم في حياة أشخاص آخرينquot;.

قوة غاضبة
لم يكن لمجموعات الألتراس وجودًا سياسيًا قبل الثورة، وتحديدًا قبل الأول من شباط (فبراير) 2012، يوم قتل 72 من مشجعي كرة القدم في مباراة بين المصري والأهلي، فبدأوا في الظهور سياسيًا والمشاركة في مظاهرات مناهضة لجماعة الإخوان ووزارة الداخلية، اتسمت بالعنف.
ويزيد من حالة الشعور بالرعب أن مجموعات الألتراس غير معروفة للجهات الأمنية أو السياسية، وليس لها قيادات محددة، وتنتشر في شتى أرجاء الجمهورية. ووصف الدكتور أحمد عارف، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، الألتراس بالقوة الغامضة، وأضاف: quot;مشهد الألتراس مشهد اجتماعي بالدرجة الأولى، لأن أفرادها يشكلون قوة غاضبة يريدون العدالة وتأكيد رغبتهم في القصاص فورًا لدماء زملائهم وإخوانهمquot;.
وأوضح عارف في تصريحات صحفية: quot;شباب الألتراس يحتاج لقدر كبير من الاحتواء بدلًا من الصدام معهم، لأنهم ضحية مجتمع بأكملهquot;، محذرًا من أن quot;استخدام العنف لصدهم سيزيد الأمور سوءًاquot;.
وحذر أيضًا من أستخدام هؤلاء الشباب سياسيًا، وقال: quot;هناك من يحاول تسييس هذا المشهد، واستغلاله لتحقيق أغراض شخصية، بينما المطلوب تحويل هذه الطاقة إلى استثمار حقيقي يصب في مصلحة الوطن، من خلال التعامل مع هؤلاء الشباب بحكمة لتقويمهم واستغلال طاقتهم في خدمة الوطن، فهم قوة شبابية من الخسارة ضياعهاquot;.
مصطلحات خاصة
لم تعرف مصر ظاهرة الإلتراس إلا في العام 2007، وفقًا لدراسة للدكتور محمود عبده بعنوان quot;التوجهات السياسية لجمهور كرة القدمquot;.
قال: quot;شهدت مصر أول ظهور لمجموعات الألتراس من بألتراس أهلاوي من مشجعي الأهلي، وألتراس الفرسان البيض White Knights من مشجعي الزمالك، ثم التنانين الصفراء Yellow Dragons من أنصار الإسماعيلي، و السحر الأخضر Green Magic من أنصار الاتحاد السكندري، والنسور الخضراء Green Eagles من أنصار النادي المصريquot;.
أضاف: quot;تستخدم مجموعات الألتراس مصطلحات خاصة بها، لا يفهمها إلا أعضاء الألتراس، من بينها مصطلح الباتش Batch أي اللوغو الخاص بالألتراس، وهو عبارة عن لافتة كبيرة يصل طولها إلى 10 أمتار أحيانًا، تحمل شعار المجموعة وألوان الفريق. وهناك مصطلح تيفو Tifo، وهي كلمة ايطالية تعني المشجع، وهي عبارة عن دخلة تقوم بها مجموعة الألتراس لتعبر عن رأي أو فكر، وغالبًا تكون في بداية المباراةquot;.
وبحسب الدراسة، quot;لا يوجد للألتراس رئيس، بل تتكون من مجموعة من المؤسسين سرعان ما يتراجع دورهم بعد أن تصبح المجموعة قادرة على الوقوف على أرض صلبة، ويدير العمل داخل الألتراس مجموعات عمل صغيرة Top Boys، تختص كل منها بتنظيم أنشطة المجموعة من تصميم وتنفيذ اللوحات الفنية وقيادة التشجيع داخل المدرجات وتنظيم الرحلات والإشراف علي مصادر تمويل المجموعةquot;.
مالناش في السياسة!
قال عبده إن الألتراس يتميز بالتركيز على روح المجموعة، باعتبارها كيان واحد لا يتجزأ، ومن ثم تغيب أي نزعات أو تطلعات فردية. فقيمة عضو الألتراس تقاس بما يقدمه للمجموعة من جهد وعطاء. ولذا، يظهر أفراد الألتراس عادة ملثمي الوجوه، بعيدين عن الظهور الإعلامي. اضاف: quot;الأضواء المسموح لهم أن يكونوا تحتها فقط هي أضواء الملاعب خلف المرمى، مشجعين فريقهم طوال 90 دقيقةquot;.
ينفي الألتراس إتهامات الإخوان بإستخدامهم، وقال هيثم سعيد، عضو بالألتراس، لـquot;إيلافquot; إن هذا الكلام هرطقة فارغة، أي كلام بدون مضمون،
أضاف: quot;مالناش في السياسة، ونحن لا نريد الوصول للسلطة، ولا نريد أزاحة مرسي من الحكم، نحن نريد القصاص لزملائنا الذين قتلوا غدرًا في استاد بورسعيد، ولن نتنازل عن هذا الهدف مهمها كانت الظروفquot;.
ويتهم سعيد السياسيين بمحاولة إستخدامهم سياسيًا من أجل تحقيق مجد شخصي للقيادات السياسية الطامعة في السلطة. وأضاف: quot;نحن نقاوم هذه الحيل الخبيثة بقوة، ونمتنع عن الظهور سياسيًا، ونرفض التطلعات السياسية، نحن نريد حقوق زملائنا فقطquot;.

لا استغلال سياسي
لن تستغل المعارضة وجبهة الإنقاذ قضية بورسعيد سياسيًا. وقال جورج إسحاق، عضو جبهة الإنقاذ، لـquot;إيلافquot;: quot;لن تكون ورقة الألتراس سبيلًا أمام الجبهة لتنفيذ مطالبها، وقد أكدنا ذلك مرارًا، ونحن نؤيد القصاص العادل لضحايا استاد بورسعيد، ومحاسبة الجاني الحقيقي، وتلك مسؤولية الرئيس محمد مرسي الذي وعد بذلك مرارًا وتكرارًا. وفي الوقت نفسه نرفض الدعوات إلى التخريبquot;، مشيرًا إلى وجود مخاوف على حال البلاد عقب صدور الحكم الذي لن يرضي الجميع.
وتوقع إسحاق أن تدخل مصر في فتنة كبيرة، يتحمل مرسي وجماعته مسؤوليتها، بعد سعيهم لخلق احتقان سياسي بالشارع بطرح دستور إجباري على الشعب.
ولفت إلى أن مطالب جبهة الإنقاذ في ذكرى الثورة معروفة للجميع، من دون النظر لورقة الحكم في قضية استاد بورسعيد، ومن أهمها رفض الدستور وأخونة الدولة، والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة.
مرسي السعيد
قال الدكتور رجب السعيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، لـquot;إيلافquot; إن مصر مقبلة على منعطف سياسي مصيري وحاسم في صراع التيار الإسلامي ومرسي مع المعارضة والثوار، مشيرًا إلى أن الحكم المنتظر صدوره سيصب في صالح أحد الفريقين، وسيسعى كل فريق لاستغلاله كورقة دعائية قبل الانتخابات البرلمانية.
أشار السعيد إلى أن مرسي سيكون أسعد من في مصر، في حال صدور أحكام مرضية للشعب ولألتراس الأهلي وأسر الضحايا،لأن ذلك يصب في صالح التهدئة في البلاد، وفض مظاهرات التحرير التي دعت إليها المعارضة في ذكرى الثورة الثانية. اضاف: quot;سيضرب الحكم المشدد خطة المعارضة لنشر الفوضى بالبلاد بوجه الرئيس، وسيعيد الاستقرار إلى الشارع، وهذا السيناريو سوف يستغله الإخوان كورقة دعائية قوية قبل الانتخابات البرلمانيةquot;.