شهدت نشاطات تهريب وتجارة المخدرات ارتفاعًا غير مسبوق في الشرق الأوسط، في ظل فوضى الحرب السورية، ما أثار تساؤلات عما إذا كان هذا النوع من الأعمال غير المشروعة يمول الحرب.

أحبطت السلطات اللبنانية محاولات عدة لتهريب المخدرات عبر الحدود البرية والبحرية والجوية، اقتربت قيمتها من 200 مليون دولار. فبين سخانات مياه، خبئ نحو 5 ملايين حبة امفيتامين، وحملت شاحنات 6 ملايين حبة أخرى، وكشفت معجنات محشوة بنحو 11 ألف حبة مخدرة. وثمة من يربط كل عمليات التهريب هذه بمسألة تمويل الحرب في سوريا.
تمويل كبتاغوني
استمرار الحرب في سوريا بالتزامن مع نشاط تهريب حبوب كبتاغون يشير إلى أن هذه التجارة تلعب دورًا بارزًا في تمويل الأطراف المتحاربة، وفي تأجيج نار القتال المستعرة منذ نحو عامين ونصف العام. وقال مسؤولون في وحدة مكافحة المخدرات في لبنان إنهم يعتقدون إن عائدات تهريب كبتاغون استخدمت في تمويل الثوار الذين يقاتلون ضد الرئيس السوري بشار الأسد، لا سيما وأن عمليتين أو ثلاثة عمليات من هذا القبيل تخولهم الحصول على 300 مليون دولار لشراء الكثير من السلاح. وأشارت صحيفة تايم الأميركية إلى أن تهريب المخدرات لا يقتصر على ثوار سوريا فقط، فلحزب الله الذي انخرط في القتال السوري نيابة عن الأسد يد أيضًا في هذه التجارة، وفقًا لمسؤول الخزانة الأميركي السابق ماثيو ليفيت.
وقال ليفيت إن حزب الله لديه خبرة طويلة في تجارة المخدرات للمساعدة في الحصول على التمويل، كما أن حبوب كبتاغون تتيح هوامش أرباح عالية، وهي فرصة تجارية أخرى بالنسبة لهم. أضاف: quot;من غير الواضح ما إذا كانت تجارة كبتاغون تمول جهود الحرب مباشرة، لكن الأرباح المتأتية من هذه التجارة، مثل غيرها من الأنشطة الإجرامية لحزب الله، تساعد في تمويل المنظمةquot;.

الغاية تبرر الوسيلة!
من جهته، نفى مسؤول أمني في حزب الله انخراط جماعته في تجارة المخدرات، إلا أنه اعترف أن الحزب عمل مع مافيا المخدرات ضمن ما أسماه العمليات الأمنية. وقال: quot;لم تكن العمليات لصالح تمويل حزب الله، بل كانت تهدف أكثر لجمع المعلومات، فالغاية تبرر الوسيلةquot;.
في العام 2007 أعلنت السلطات اللبنانية أنها اكتشفت مصنعًا لإنتاج حبوب كبتاغون المزيفة، وتبين أن آلات هذا المصنع جاءت من إيران إلى حزب الله كهدية، لإعانة الحزب على توفير مزيد من مصادر الدخل، وذلك في أعقاب حرب تموز بين إسرائيل وحزب الله في العام 2006. وفي آب (أغسطس) 2013، أظهر تقرير أصدرته مجموعة دراسات حول الصراع والإرهاب دور حزب الله في إنتاج المستحضرات الدوائية المزيفة. وقبل ذلك بعام، ضبطت السلطات اللبنانية شبكة تصنيع وتهريب كبتاغون يديرها أعضاء بارزون من حزب الله.
ويقول ليفيت إن حزب الله يحتاج هذه التجارة بعد أن أثرت العقوبات على الراعي المالي للمليشيا الإرهابية ndash; أي ايران - ما دفع بطهران إلى تخفيض تمويلها للحزب بمقدار الثلث، لذلك اضطر حزب الله أن يتخذ قرارًا بملء إرادته لزيادة نشاطه الإجرامي، من أجل تنويع مواردهquot;.
النصرة تكافحها
أبو علي زعيتر، احد كبار تجار المخدرات في لبنان وأبرز المطلوبين للسلطات في قضايا الاتجار بالمخدرات، قال لصحيفة تايم إن مصانع حبوب كبتاغون تتضاعف في سوريا، لكن في الوقت الراهن ما زالوا يتجنبون البيع لحسابهم الخاص، ويفضلون بيع بضاعتهم لتجار كبار يعرفون مداخل ومخارج الاتجار بالمخدرات حول العالم.
وأضاف: quot;بعد 10 سنوات، إذا استمرت الحرب في سوريا، فتجار المخدرات هناك سينافسوننا في السوق الدوليةquot;.
من جانب آخر، وفي مقابلة شخصية معه أجريت قبل أيام من وفاته، قال عمر الأطرش، الزعيم السابق للفرع اللبناني من جبهة النصرة، لصحيفة تايم إنه أشرف شخصيًا على تدمير اثنين من مصانع كبتاغون في سوريا قرب حدودها مع لبنان. وقال الأطرش إن المسؤولين عن هذا المصنع تمركزوا في بلدة القلمون التي يسيطر عليها الثوار، مشيرًا إلى أن الغياب الكامل للدولة يدفع البعض إلى ممارسة الأنشطة غير المشروعة. وشدد الأطرش على أن جبهة النصرة مستمرة في مكافحة المخدرات لأنها محرمة وفقًا للشريعة الإسلامية، بالرغم من أن في ذلك مخاطرة بتنفير السكان، الذين اشتبكوا مع الجماعة مرات عدة على خلفية مكافحتها هذه الظاهرة.