رافق الجدل زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد التصريحات المتناقضة بشأن اجتماعاته مع رؤساء لجان وأعضاء في الكونغرس. فمكتب المالكي لم يذكر اجتماع الأخير مع ماكين الذي قال إنه وجه انتقادات حادة لرئيس الوزراء العراقي.


لندن: فيما يتوج رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زيارته الرسمية لواشنطن اليوم الجمعة بمباحثات مع الرئيس بارك أوباما، لاحظ مراقبون لمباحثاته مع رؤساء لجان وأعضاء في الكونغرس، يتقدمهم المرشح الرئاسي السابق السيناتور جون ماكين، صدور بيانات وتصريحات متناقضة من الجانبين جعلت العراقيين في حيرة في معرفة حقيقة ما دار من مناقشات في الاجتماعات.

تفاصيل مكتب المالكي

فعقب هذه المحادثات، قال مكتب المالكي في بيان صحافي اطلعت على نصه quot;إيلافquot;، إن رئيس الوزراء العراقي بحث في اليوم الثاني من زيارته للولايات المتحدة سبل تطوير العلاقات العراقية الأميركية في جميع المجالات من دون الإشارة إلى السيناتور جون ماكين، المنتقد لسياسات المسؤول العراقي الداخلية والخارجية.

وقال البيان إن المالكي قد أشار خلال هذه الاجتماعات إلى quot;تأثر بعض أوساط الكونغرس بحملات الدعاية المضادة التي تشن ضد العراقquot;، وأنه أكد أن العراق اختار طريق الديمقراطية والتعددية والمشاركة، وهو ماضٍ به، ولا سبيل للعودة عنه، واوضح أن العراق اليوم يدار بصورة مشتركة من حكومة ومجلس نواب وإدارات تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي.

غير أن البيان تجاهل ذكر اجتماع المالكي مع العضوين البارزين في الكونغرس جون ماكين وبوب كروكر، اللذين وجها انتقادات حادة له عقب لقائهما به، واغفل طبيعة المباحثات وما دار فيها.

صورة مغايرة لفحوى المحادثات

لكنه على الجانب الثاني، صدرت عن المسؤولين الأميركيين اولئك تصريحات وبيانات عقب اجتماعهم مع المالكي قالوا فيها إنهم وجهوا له انتقادات حادة لسياساته الداخلية والخارجية وأكدوا له استعدادهم لتلبية مطلبه بتقديم مساعدات عسكرية إذا أجرى تغييرات جوهرية في هذه السياسات نحو اشراك اوسع للمكونات العراقية في السلطة، حيث أنه يسعى خلالها للحصول على طائرات أباتشي الهجومية وطائرات مسيرة بدون طيار لمواجهة مسلحي تنظيم القاعدة، في وقت يمتد فيه العنف إلى بلاده عبر الحدود من سوريا المجاورة ويتزايد بشكل خطير ادى الشهر الماضي إلى مصرع اكثر من 600 عراقي، واكثر من 5353 شخصًا منذ بداية العام الحالي.

وقال السيناتور جون ماكين، أحد الأصوات المؤثرة في السياسة الخارجية بالحزب الجمهوري، بعد لقاء المالكي، في تصريحات اطلعت عليها quot;إيلافquot;، quot;الوضع آخذ في التدهور والتفكك وعليه أن يصلح الأمورquot;. وكان ماكين واحدًا من ستة أعضاء بمجلس الشيوخ من الجمهوريين والديمقراطيين أرسلوا خطابًا لأوباما يوم الثلاثاء كي يتخذ خطاً متشددًا تجاه المالكي ويحمل حكومته مسؤولية تصاعد موجة العنف. وجاء في الخطاب إن المالكي ينتهج quot;في كثير من الأحيانquot; برنامجًا طائفيًا واستبداديًا، وهو ما يعزز تنظيم القاعدة في العراق ويؤجج العنف.

وقال ماكين عقب لقاء المالكي quot;بصراحة لم يكن سعيدًا بذلك الخطاب... لكنه إن كان ينتظر هذا النوع من المساعدات التي يطلبها، فإننا نحتاج استراتيجية ونحتاج أن نعرف بالضبط كيف سيتم نشرها، كما نحتاج أن نرى قدراً من التغييرات في العراقquot;.

ويشعر أعضاء الكونغرس بالغضب أيضًا إزاء تقارير بأن إيران تستخدم المجال الجوي العراقي لإرسال مساعدات عسكرية للرئيس السوري بشار الأسد. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الإدارة تعتقد أن عدد الرحلات الجوية تراجع لكنها طلبت من المالكي تحسين عملية المراقبة والمتابعة. وإلى جانب ماكين، اجتمع المالكي مع زعيمي لجنتي العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والشؤون الخارجية بمجلس النواب.

وقال السيناتور بوب كروكر أرفع جمهوري في لجنة مجلس الشيوخ عقب اجتماعه مع المسؤول العراقي إن زيارة المالكي لم تكن مثمرة بقدر ما أسفرت عنه زيارات معظم الزعماء الدوليين الآخرين. وأضاف quot;لم يبدُ لي أنه استوعب ما يتملكنا من شعور بالقلق إزاء ما يدور هناك. بدا أنه لا يتفهم أن هذه الأمور مهمة بالنسبة لنا، ولا أظن أن هذا كان اجتماعًا مفيدًا بشكل خاصquot;.

المالكي يجتمع مع أوباما

وقد اجتمع المالكي الليلة الماضية مع وزير الدفاع تشاك هاجل، ورئيس هيئة الاركان المشتركة مارتن ديمبسي، ومسؤولين آخرين من وزارة الدفاع الأميركية، قبل لقائه أوباما اليوم الجمعة. واوضحت الوزارة في بيان أن المالكي وهيغل وديمبسي quot;بحثوا في الوضع السياسي والأمني في العراق وسبل تعزيز التعاون الاستراتيجي الأميركي-العراقي في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقةquot;.

وسيلتقي المالكي مع أوباما اليوم الجمعة لاجراء مباحثات تهدف إلى تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين وسبل تعزيز الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع في المنطقة وخاصة الازمة السورية.

وقد انسحبت آخر دفعة من القوات الأميركية من العراق في نهاية عام 2011، بعد حرب دامت ثماني سنوات، لكنّ كثيراً من المسؤولين الأميركيين يشعرون بالانزعاج لاستمرار العنف في العراق وتقاربه مع إيران بعد إنفاق مليارات الدولارات، وفقد آلاف من الأميركيين في الحرب هناك.

وقال النائب إليوت إنجيل أرفع ديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب quot;بعد كل الدم الذي فقدناه وكل المال الذي أنفقناه يبدو وكأن تأثير إيران في العراق أكبر من تأثير الولايات المتحدة، وهذا بالطبع وضع مزعجquot;. لكن إنجيل قال إن اجتماع المالكي معه ومع النائب الجمهوري إد رويس رئيس اللجنة قد ناقش مجموعة من القضايا مثار القلق. وأضاف: quot;أعتقد أنه في وضع صعب جداً.. فقد ظل يكرر أن الديمقراطية العراقية ليست مثالية لكنها ديمقراطيةquot;.

وتعتبر زيارة المالكي هذه إلى واشنطن الرابعة من نوعها بوصفه رئيسًا للوزراء، حيث كانت الزيارةالاولى في تموز (يوليو) عام 2006 والثانية في تموز عام 2009، بينما كانت الثالثة في كانون الاول (ديسمبر) عام 2011.