نالت تصريحات معاذ الخطيب ترحيبًا دوليًا، بينما اختلف حولها المعارضون السوريون، من داخل الائتلاف ومن خارجه، فرأى فيها البعض مساحة للحوار، بينما وصفها آخرون بأنها تعيد إلى الأسد شرعية فقدها.
بهية مارديني من لندن: أحدث الإعلان المفاجئ لرئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية معاذ الخطيب، عن استعداده المشروط للحوار مع النظام السوري، خلافات علنية في الائتلاف، إذ أوضح الائتلاف الوطني رفضه لأي حوار مع السلطات السورية، كما هاجم عضو الائتلاف كمال اللبواني إعلان الخطيب، وقال إن تصريحاته تطلق العنان للطابور الخامس.
تسرع أو حرية تعبير؟
اعتبر معارض سوري، فضّل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـquot;ايلافquot;، أن الخطيب بدا متسرّعًا لأنه احتاج توضيح مبادرته مرتين.
أضاف المعارض: quot;يريد المجتمع الدولي أن يضع نهاية تناسبه للملفّ السوري، الأمر الذي دفع بنائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى لقاء سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، والأخضر الإبراهيمي، المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، كما تمت دعوة معاذ الخطيب بعد ممارسة الضغوط عليه للموافقة على الحوار مع النظامquot;.
وأشار إلى المباركة الفرنسية التي ظهرت في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي وصف الخطيب بأنه رجل حازم، وإلى ترحيب وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بالمقترح الذي تقدم به الخطيب.
من جانبه، دافع سلام الكواكبي، نائب مدير مبادرة الإصلاح العربي، عن الخطيب، ورأى أنه عبّر كشخصية معارضة مستقلة عن رأيه في ظل استنكاف الآخرين عن التقدم بتصوّر أو برؤية، وبعيدًا عن المخاتلات والمناورات والبطولات الكرتونية ودفع الثمن بأرواح الآخرين.
وقال الكواكبي في مقال له: quot;هو رأي للنقاش، ويعبّر أيما تعبير عن قناعة الخطيب بديمقراطية الممارسة السياسية وبحركيتها، بعيدًا عن التعليقات، التي يمكن أن تنتقل بين ليلة وضحاها من موقع إلى آخر، بحسب مقياس الشعبويةquot;.
خلافات دائمة
كانت الخلافات في الائتلاف الوطني قد ظهرت في وقت سابق أكثر من مرة، وما كان من تصريحات الخطيب الأخيرة إلا أن أظهرتها إلى العلن، خصوصًا أن الخطيب لم يحضر في مؤتمر باريس الأخير، على الرغم من أهميته، بينما حضر نائباه رياض سيف وسهير الأتاسي.
قبل ذلك، وفي الاجتماع قبل الأخير للائتلاف في القاهرة، كتب ملهم الدروبي، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، على صفحته في موقع فايسبوك: quot;ببساطة ووضوح، دعمنا مبادرة الائتلاف بناء على الوعود السخية التي وعد بها شعبنا، فإذا لم تتحقق هذه الوعود في لقاء باريس المقبل، وكانت quot;مواعيد عرقوب أخاه بيثربquot;، فسوف نطالب السادة سيف وصباغ والخطيب والسيدة سهير ومن وراءهم من السادة الكرام بأن quot;حلوا عنّا وروحوا شوفولكم شغلة ثانية، بدنا خبز ومازوت ودواء ومضادات طائرات ومضادات دروعquot;.
بعض المرونة
تمحورت أسباب خلافات الائتلاف في اجتماع القاهرة ما قبل الأخير حول التوافق على اسم رياض حجاب رئيسًا للحكومة الانتقالية، وهو الأمر الذي لم يحصل، وحول موضوع إبقاء أو إلغاء المادة السابعة من نظامه الداخلي، التي تمنع أعضاء الائتلاف من الترشح لعضوية الحكومة الموقتة. لكن تمت إعادة المادة بعد إلغائها استجابة لطلب صفحة الثورة السورية، وذلك قبل أن يتحدث الخطيب عن الحوار بشروط مع النظام.
وحاول منذر ماخوس، سفير الائتلاف الوطني السوري المعارض في باريس، أن يقدم تفسيرًا لخلافات الائتلاف وتصريحات الخطيب، فقال إن موقف الغالبية الساحقة في الائتلاف، بمن فيهم رئيسه معاذ الخطيب، واحد، يتلخص في ضرورة رحيل بشار الأسد وعدم التفاوض معه، quot;إلا أن الخطيب أراد إبداء بعض المرونةquot;.
أعاد الشرعية إلى النظام
تجسد هجوم اللبواني الحاد على الخطيب في تصريحات على القنوات الفضائية، وفي مقال له كتب فيه أن تصريحات الخطيب أعادت الشرعية إلى النظام، وحوّلت ما يجري إلى صراع بين طرفين يحلّ بالتفاوض.
قال اللبواني: quot;الأخطاء المرتكبة لا يمكن تبريرها بموقف عاطفي، ففي الحروب والثورات وفي السياسة لا يجوز للعواطف أن تتحكم، وثورة مسلحة عظيمة كهذه لا تقاد بهذه الطريقة المزاجية العاطفيةquot;. وشدد اللبواني على عدم جواز ربط الثورة بالمساعدات الخارجية، quot;فهذا يعني أنها ثورة مأجورة، وهي مقولة النظام التي أقرّ بها رئيس المعارضة عملًا وقولًاquot;.
أضاف: quot;لا يجوز لشخص يمثل هيئة أن يغيّر بمزاجه إرادة الهيئة ووثائقها الأساسية، وأن يضرب عرض الحائط بكل البقية وبكل الإجراءاتquot;.
تناول اللبواني دعوة لافروف للخطيب إلى زيارة موسكو، فقال: quot;لا يجوز في غمرة السعي الجدي إلى فرض حل، ولعبة عضّ الأصابع التي شارفت على الانتهاء، وفي ظل انتظار الروس المعارضة السورية لتلين، أن يذهب شخص ويقدم كل هذا التنازل دفعة واحدة باسم مبادرة من دون مشاورة أحد، وهو رئيس ائتلاف المعارضة والممثل الشرعي الوحيد للشعب السوريquot;.
وبرأي اللبواني، قدم الخطيب ما تتمناه الدول كلها، quot;وهو أن يبقى النظام وتعجز الثورة عن إسقاطه، وتدخل معه في حوار الكذب والمراوغة، لأن ذلك يقسّم سوريا، من دون الحاجة إلى قوات دولية تحفظ حدود التقسيم، وهو ما فعلناه، بأيديناquot;.
من خارج الائتلاف
دعا شادي الخش، عضو تيار التغيير الوطني غير المنضوي في الائتلاف، جميع المعارضين إلى العودة إلى وثائق القاهرة، وهي الوثائق التي توافقت عليها المعارضة السورية بكل أطيافها في اجتماع القاهرة الموسع.
تشارك الدكتور غزوان الأكتع، عضو الأمانة العامة لحزب الأحرار المعارض، مع الخش في أن تكون وثائق القاهرة المنطلق والأساس التي يُبني عليها أي موقف للمعارضة السورية.
أضاف الأكتع في تصريح لـquot;ايلافquot;: quot;قلنا في وثائق القاهرة إن المرحلة الانتقالية تبدأ بسقوط بشار الأسد أو رحيله أو تنحيته، وليس قبل ذلك، ونتحاور مع النظام على رحيله، وليس على أن يكون بشار أو أزلامه جزءًا من المرحلة الانتقاليةquot;.
أما المنبر الديمقراطي، وهو خارج الائتلاف أيضًا، فقال إن أيّة مبادرة تسعى إلى وقف الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد جديرة بأن تُدرس بجديّة، وأن يتمّ دعمها في حال استوفت الشروط الموضوعيّة لحقن الدماء والانطلاق نحو بناء الوطن من خلال نهجٍ يقوم على المصالحة، وأيّة خطوة تؤدّي إلى توفير حياة، ولو لمواطنٍ واحد، أيًّا كان موقفه، هي جديرة بالدعم الصادق.
التعليقات