طرح النظام السوري مبادرة الحوار الوطني، فانقسمت آراء المعارضين بين من يقبل بشروط كبيرة ومن يرفض الجلوس إلى طاولة التفاوض مع النظام إلا بتفويض من أولياء الدم السوريين.


بهية مارديني من لندن: رفض العقيد السوري المنشق مناف طلاس التعليق على ما يردده المسؤولون السوريون من دعوات إلى الحوار مع المعارضة، واصفًا ذلك بالكلام والمشاريع المبهمة. وأضاف لـquot;إيلافquot;: quot;عندما يكون لديهم عرض جدي ذات مصداقية، يضم انتقالا حقيقيا للسلطة، يكون الأمر حينها جديرًا بالتعليقquot;.

وكان مجلس الوزراء السوري دعا المعارضة إلى الحوار وتبني ما جاء في الخطاب الأخير للرئيس السوري بشار الأسد. واعتبر قدري جميل، نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، أنه يجب تشكيل الحكومة السورية الانتقالية من ممثلي النظام الحاكم والمعارضة لحلّ الأزمة التي تشهدها سوريا. كما أعلن وزير الداخلية السوري محمد الشعار النية في إصدار التعليمات التنفيذية بتقديم التسهيلات والضمانات لجميع القوى السورية المعارضة الراغبة في المشاركة في الحوار الوطني، لدخول سوريا ومغادرتها من دون التعرّض لها.

تنحّي الأسد

في السياق نفسه، أكد منذر آقبيق، رئيس التحالف السوري المعارض، لـquot;إيلافquot; أن من يعرف النظام في سوريا يعلم أن المؤسسات غير مستقلة، ولطالما كانت دمى في أيدي الأجهزة الأمنية، quot;وبالتالي أية حكومة مشتركة مع بقاء الأسد في السلطة وبقاء الأجهزة الأمنية وقادة الجيش لن تؤدي إلى أي شيء مفيد، وستكون تجميلًا للنظام، بإضافة بعض الوجوه المعارضة كوزراء من دون أية قدرة على التغيير، يعملون والمسدس مصوّب إلى رؤوسهمquot;.

وقال: quot;أما إذا تنحّى الأسد بشكل كامل عن الحكم، وجرت إعادة هيكلة للأجهزة الأمنية وقيادات الجيش، فيمكن لحكومة كهذه أن تكون لها سلطات حقيقية، ويمكن أن تكون مشتركة بين المعارضة ومن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين، بشكل استثنائي ولمرحلة انتقالية موقتة، يجري من خلالها الإعداد لانتخابات حرة وديمقراطية نيابية ورئاسيةquot;.

أضاف: quot;هذه الخطوات استثنائية، لأننا نعلم أن الخلل في النظام بنيوي، ويكرّس الفساد والاستبداد في الحكم كطريقة تفكير، لكن مع الاتفاق على الخطوات المؤدية إلى الديمقراطية تكون تلك المشاركة مرحلية مكرّسة لنزع فتيل الأزمة وتخفيف العنف، وبالتالي حقن الدماء، وهذا أيضًا من أهداف المعارضة الرئيسةquot;.

أزمة ثقة

من جانبه، قال المعارض الكردي حاجي سليمان لـquot;ايلافquot; إن قدري جميل لا يعبّر إلا عن موقف الطاغية وأزلامه وفق مصلحته الشخصية.

أضاف: quot;لا أفهم شيوعيته، وكيف يرضى على نفسه وعلى الشيوعيين بأن يرى أطفال سوريا ونساءها ورجالها يذبحون، وهو يؤيد النظام وإجرامه، فلا يمكن تسميته إلا بشبيح النظام، ولا يمكن قبول التفاوض مع المجرمين والخونة من الطائفيين، وعلى رأسهم الطاغية بشار الأسدquot;.

وفي بيان ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي، وافق معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، على الحوار مع النظام شرط إطلاق سراح المعتقلين السوريين وتجديد جوازات سفر من لا يحمل منهم جوازات سفر.

وقال الخطيب في بيانه صباح الأربعاء: quot;بلغني من وسائل الإعلام أن النظام في سوريا يدعو المعارضة إلى الحوار، وكلف رئيس الوزراء بإدارة المشروع، وأن وزير داخلية النظام يدعو قيادات المعارضة إلى العودة إلى سورياquot;.

ورأى أنه لا يمكن الثقة بنظام يقتل الأطفال ويهاجم المخابز ويقصف الجامعات ويدمّر البنية التحتية لسوريا، ويرتكب المجازر بحق الابرياء، وليس آخرها مجزرة حلب غير المسبوقة في التوحش، ظانًا أنه سيرهب الامة التي تعشق الموت، وترجو الله الشهادةquot;.

لا إرهاب فكري

شدد الخطيب على أن الثورة مستمرة وموضوع كسب الوقت قد انتهى، quot;لكن لما صار المواطن السوري في أزمة غير مسبوقة، وكمبادرة حسن نية للبحث عن حل سياسي للأزمة، ولترتيب الأمور من أجل مرحلة انتقالية توفر المزيد من الدماء، أنا مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو إسطنبول، من دون المساومة على الحرية التي دفع شعبنا ثمنها غاليًا من دمهquot;.

ثم أوضح الخطيب ما قاله في بيان وفيه: quot;إن الفكرة التي طرحتها رأي شخصي، وأنا أتحمّل مسؤوليتها، وستجتمع الهيئة السياسية الموقتة في الائتلاف سريعًا لتتخذ موقفًا رسميًا، ولكن هذا رأيي الخاص، وأنا متمسك بحقي في ذكرهquot;.
كما طالب الشخصيات والهيئات والدول التي لا يناسبها ذلك بأن تعبّر عن رأيها، quot;لكن لن أقبل إرهاباً فكرياً من أحد، وإذا ظن ظانٌّ أنْ لا أحد من السوريين والثوار يرغب في سماع مثل هذه الأفكار فهو واهمquot;.

تفويض أولياء الدم

اشترط الخطيب أمرين أساسيين كثمن أولي للجلوس مع ممثلين عن النظام، هما إطلاق سراح مائة وستين ألف معتقل من السجون، خصوصًا النساء ومعتقلي المخابرات الجوية وسجن صيدنايا، والإيعاز إلى كل سفارات النظام بمنح جميع السوريين الذين انتهت جوازاتهم جوازات جديدة أو تمديدها لمدة سنتين على الأقل.

لكن المعارض والناشط السوري عبد الرحمن الخطيب ردّ على رئيس الائتلاف على صفحته في موقع فايسبوك rlm;قائلًا: quot;لا يحق لأحد أن يجلس إلى طاولة الحوار مع النظام، إلا بعد أن يأخذ تفويضًا من أولياء دم الشهداء، ولن نعترف بأية مفاوضات تجري مع النظام من دون هذا الشرطquot;.