بقيت قمة دول عدم الانحياز في فلك النووي الإيراني وما أنتجه من صراع بين إيران والغرب، بينما أطلت الأزمة السورية بين الحين والآخر من دون أن تجد في القمة مخرجًا.
وحفلت قمة دول عدم الانحياز، التي انعقدت في إيران بداية الشهر الحالي، بسلسلة من الأحداث، يجمع المراقبون على اعتبارها توابل أضافت بعض النكهة على مؤتمر تنطمه منظمة تكاد تفقد دورها العالمي، أو هي فقدته بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
فالقمة التي افتتحت في الثلاثين من شهر آب (أغسطس) الماضي بحضور ممثلي نحو 120 دولة من الحركة بينهم 50 رئيس دولة وحكومة، كان الأبرز بينهم الرئيس المصري محمد مرسي، الذي وصل العاصمة الإيرانية منهيًا قطيعة بين مصر وإيران استمرت 33 عامًا. ومرسي لم يكن أهمّ المشاركين فحسب، بل كان نجم حفل افتتاح القمة بلا منازع. إذ بعد خطاب إيراني التزم جانب الملف النووي الإيراني من دون غيره، هاجم مرسي نظام الرئيس السوري بشار الأسد ووصفه بالنظام الظالم، ما دفع برئيس الحكومة السورية وائل الحلقي ووزير الخارجية وليد المعلّم وأعضاء الوفد السوري المرافق إلى قاعة المؤتمر احتجاجًا.
فقد قال مرسي إن الجميع الآن quot;أمام تحديات كثيرة تواجهها دولنا الأعضاء، فالشعبان الفلسطيني والسوري يناضلان الآن ببسالة مبهرة طلبًا للحرية والعدالة والكرامة الإنسانيةquot;. وأضاف: quot;تضامننا مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته واجب أخلاقي، بمثل ما هو ضرورة سياسية واستراتيجية، ينبع من إيماننا بمستقبل قادم لسوريا الحرة الأبية quot;.
لم يُثِر هذا الكلام حفيظة السوريين وحدهم، بل كان أن تصرّف المترجم الإيراني بحسن نية منه، فاستبدل لفطة سوريا في خطاب مرسي بلفظة البحرين. إلى هذا التحريف، تم حذف أسماء الصحابة الراشدين من الترجمة الفارسية لخطاب مرسي، في خطوة لا يمكن أن تحمّل على حسن النوايا الإيرانية، ما هدّد بافتعال فتنة سنية شيعية في دول مختلفة في المنطقة.
خلافاً لهذا الرأي المصري في الأزمة السورية، بقيت القمة في الفلك الذي رسمه الإيرانيون، مشدّدين على حق إيران في الاستمرار بتجاربها النووية التي تطورها للاستخدام السلمي.
من جانب آخر، تعرّضت القمة للكثير من الانتقادات الغربية والأميركية، إذ قال المسؤولون الغربيون في تصريحات مختلفة إنّ هذه القمة تخفف من الخناق الغربي المفروض على إيران بسبب تعنّتها في الملف النووي، واستمرارها في تنفيذ طموحاتها النووية. فحضور ممثلين عن أكثر من 120 دولة، بينهم نحو 50 رئيسًا، ووجود أممي رسمي مثّله أمين عام منظمة الأمم المتحدة بان كي مون، فك عزلة على إيران اجتهدت الولايات المتحدة وأوروبا لفرضها.
أما إسرائيل، التي تهدّد من جانبها بشن هجوم عسكري على إيران لتدمير منشآتها النووية، فقد أدانت الحضور الأممي والعالمي في قمة طهران، ومصافحة الرؤساء للقيادات الإيرانية التي تهدّد بإلغاء إسرائيل من الوجود.
وفي نهاية القمة، التي حفلت بمفاجآت غير تقليدية، صدر بيان ختامي تقليدي، يحمل إدانة شديدة للعقوبات السياسية والاقتصادية والضغوط أحادية الجانب والتهديدات العسكرية التي تفرضها الدول الغربية على عدد من الدول الأعضاء في منظمة دول عدم الانحياز، في إشارة واضحة لإيران. وشدّد البيان على انتهاز كل الفرص السلمية والدبلوماسية للوصول إلى حل في هذا الإطار، في ما يصبّ في مصلحة السلام العالمي، والطريق إلى ذلك إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، في إشارة واضحة لإسرائيل.
التعليقات