سألت quot;إيلافquot; قرّاءَها إن كانوا يعتقدون بأن سوريا جادة في التخلص من ترسانتها الكيميائية، فأجاب 33.94 بالمئة من المشاركين في الاستفتاء بـquot;نعمquot;، بينما أجاب 66.06 بالمئة بـquot;لاquot;، مشككين في جدية الأسد في تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي.

بيروت: كانت أصابع الرئيس الأميركي باراك أوباما قابضة على الزناد، بعدما وضع خيار توجيه ضربة إلى النظام السوري على الطاولة، واتخذ القرار. وحبس العالم أنفاسه يعد أصوات المشرعين الأميركيين، مع الضربة أو ضدها، انتظارًا ليوم التاسع من أيلول (سبتمبر) الجاري، ليعرف إن كان أوباما سينال مباركة الكونغرس لتدمير أهداف منتقاة في سوريا. وفجأة، خرج إلى العلن توافق لافروف- كيري، نسبة إلى وزيري خارجيتي روسيا والولايات المتحدة سيرغي لافروف وجون كيري، مؤجلًا كل حديث عن عمل عسكري، ومقدمًا حلًا دبلوماسيًا يقضي بوضع الترسانة الكيميائية السوري تحت إشراف دولي، وتوقيع الرئيس السوري بشار الأسد معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، التي كانت سوريا رافضة توقيعها.
أرقام ونسب
حلٌ أتى لينقذ النظام السوري من ضربة محققة، بالرغم من أن الخيار ما زال قائمًا، بحسب ما أكده كيري لأحمد الجربا، في اتصال بينهما قبل أيام. من هنا سألت quot;إيلافquot; قرّاءَها في استفتائها الأسبوعي الماضي، إن كانوا يعتقدون بأن سوريا جادة في التخلص من ترسانتها الكيميائية. أجاب عن هذا السؤال 3639 قارئًا، فأعرب 1235 قارئًا منهم، أي 33.94 بالمئة، عن قناعة بأن النظام السوري جاد في تنفيذ الاتفاق الأميركي الروسي، بينما أبدى 2404 قرّاء، أي 66.06 بالمئة، تشكيكهم في جدية الأسد في تنفيذ الاتفاق الذي أعلن وزير خارجيته وليد المعلم التزام سوريا التام بالتخلص من ترسانتها الكيميائية.
وفي قراءة أولية لهذه النسب المئوية، يبدو التشكيك غالبًا. وهذا ليس مدعاة غرابة بعدما تواترت أنباء عن نقل أطنان من مخزون سوريا الكيميائي إلى العراق، تحت إشراف إيراني وبعلم الحكومة العراقية، وعن نقل نحو طن من مركبات السلاح الكيميائي من مخازن في سوريا إلى حزب الله في لبنان، كما أعلن لؤي المقداد، المنسق السياسي والاعلامي في الجيش السوري الحر الأسبوع الماضي.

تشكيك بتشكيك
إلى هذا، ينبع التشكيك من أمرين اثنين، أولهما رفض روسيا تمرير أي قرار أممي في مجلس الأمن، يرغم النظام السوري على تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي، تحت الفصل السابع، وثانيهما ما يعده المحللون الغربيون شبه تملص روسيا من تعهدات قطعتها، بعدما خرج لافروف أمس في برنامج يوم الأحد بالتلفزيون الروسي ndash; القناة الأولى، مصرحًا بأمرين خطيرين، أولهما أن روسيا ليست الضامن لنزع الأسلحة الكيميائية في سوريا، quot;فنحن ساعدنا على انضمام سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من دون أي تحفظات، وسوريا اليوم طرف ملتزم بالوثيقة قانونًا، لذلك ينبغي تنفيذ الالتزامات بموجب الاتفاقية أن يكون بضمان المجتمع الدوليquot;؛ وثانيهما أن المعطيات الروسية حول سوريا تثبت سيطرة quot;مسلحي المعارضةquot; على مناطق فيها مستودعات تضم مكونات للسلاح الكيميائي.
ويستعين المحللون الغربيون بهذا الكلام ليقولوا إن روسيا قد لا تكون جدية في طرح إرادتها منذ البداية هروبًا إلى الأمام، ومحاولة لإنقاذ حليفها الأسد، مستفيدة من تردد أوباما النابع من قراءة متأنية لاستطلاعات الرأي العام الأميركي، التي تبين رفض نحو 78 بالمئة أي تورط عسكري في سوريا.
مفاجآت؟
فالتشكيك إذن هو سيد الموقف، ولا عجب إن انسحب على قرّاء quot;إيلافquot;، بعد كل هذه الأنباء، وبعدما تبين أن النظام السوري يستفيد من ثغرة quot;الديمقراطية الأميركيةquot;، التي لجمت أوباما، فعدها الأسد نقطة لصالحه في المرمى الأميركي. فلسان حال القارئ المشكك يقول: quot;إن كان أوج التهديد بالضربة لم يرعب النظام السوري، بعدما أدرك عدم جدية أوباما في تنفيذ وعيده، فما يرغمه على إبداء أي جدية في التخلص من سلاح هو سلاحه الأخير بوجه معارضيه المسلحين؟quot;.
كما شككت واشنطن السبت في مصداقية قائمة تسلمتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من دمشق، ولفتت إلى أن القائمة تشير إلى أن النظام السوري يمتلك ترسانة ضخمة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف السبت: quot;ما حوته القائمة السورية مذهل، لكن هل هذا هو كل المخزون السوري من هذه الأسلحة الفتاكة، أم أن هناك مفاجآت أخرى لا تزال مخفية؟quot;.
تصديق الأسد
وعلى هذا الكلام الأميركي قد يبني غير المشككين قضيتهم. فالسرعة أولًا في قبول الاتفاق، والسرعة ثانيًا في توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، والسرعة ثالثًا في تسليم جردة بمخزون سوريا من هذه الأسلحة، عوامل دفعت بنحو 34 بالمئة من المشاركين في استفتاء quot;إيلافquot; إلى تصديق النظام السوري في زعمه حسن الالتزام ببنود الاتفاق، خصوصًا أن نبرة العالم تغيّرت فعلًا نحو المزيد من الحدة تجاه الأسد، إن أخلَّ بالاتفاق.
إلى ذلك، لا بد أن هؤلاء قرأوا تبدلًا في الموقف الإيراني، أو خافوا من تبدل قد يطرأ في الموقف الإيراني، بعد رسائل تطمين متبادلة بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والغرب، بالاضافة إلى أنباء، تأكد بعضها، عن انسحاب معظم عناصر حزب الله من سوريا، ما يعني أن لا خيار للأسد إلا سلوك درب السلامة، على الأقل حاليًا، وتلبية رغبات الغرب في كل ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، لعله يتجنب ضربة ما زال خيارها على الطاولة، قد تعجل برحيله إن حصلت.