&كونفشيوس هو أول فيلسوف صيني ينجح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي و الأخلاقي. ففلسفته قائمة علي القيم الأخلاقية الشخصية، و علي أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب. و لقد كانت فلسفته و تعاليمه ذات أثر عميق في الفكر و الحياة الصينية، لذا لقب بنبي الصين. و لقد كان كونفشيوس محافظًا في نظرته للحياة، فهو يري أن العصر الذهبي للإنسانية كان في القدم، أي في الماضي، لذا كان يدعو الناس إلي العيش في الماضي، وهذا اغضب حكام العصر الذي كان يعيش فيه، لذلك لقي معارضة شديدة من حكام عصره علي تعاليمه. و قد اشتدت هذه المعارضة بعد و فاته ببضع سنين، و احرقوا كتبه. و هذا الرجل الحكيم استمر تأثير فلسفته في الحياة الصينية ما يقرب من عشرين قرنا. و كان له منهج خاص في دعوته و تعاليمه فهو مثل سقراط يفضل المنهج الشفهي علي الكتابة. كما انه اعتاد أن يتجول و يطوف في جميع الأقاليم الصينية لنشر مذهبه. و هناك مقولة و معلومة خاطئة أن كونفشيوس كان أحد مؤسسي الديانات و هذا خطا فادح، لان مذهبه لا يتحدث عن اله أو السموات، لكن مذهبه هو طريقة في الحياة الخاصة و السلوك الاجتماعي. و كذلك مذهبه يقوم علي حب الناس و حسن معاملتهم في الحديث و الأدب في الخطاب، ونظافة اليد و اللسان، و احترام الأكبر سنًا و الأكبر مقامًا، وطاعة المرآة لزوجها.و يشير في معرض حديثه عن الحاكم أنه يجب أن يخدم الشعب و ليس العكس، و أن يملك الحاكم قيم أخلاقية و مثل عليا.و من أشهر الحكم التي اتخذها كونفشيوس قاعدة لسلوكه ( أحب لغيرك ما تحبه لنفسك). أما الفضيلة عنده فإنها تقوم علي فضيلتين هامتين هي( جن) (و لي ) جن تعني الحب أو الاهتمام الحميم بإخواننا البشر. أما لي فهي تصف مجموعة من الأخلاق و الطقوس و التقاليد و اللباقة و الحشمة. و يري أن أساس المجتمع هو الفرد المنظم في الأسرة المنتظمة. و يتفق كونفشيوس مع جوته في أن الرقي الذاتي أساس الرقي الاجتماعي. و يري أن قوام الأخلاق الصالحة هو الإخلاص، و الفضيلة الكاملة تخضع للقاعدة الذهبية ( ما لا تتمناه لنفسك لا تتمناه لغيرك). و من أشهر أقواله أن أخلاق الرجل تكونها القصائد و تنمها المراسم( أي آداب الحفلات ) و تعطرها الموسيقي. لقد كان كونفشيوس بحق معلمًا للسلوك القويم و فيلسوف عملي لا تنفصم أقواله عن أفعاله، أثرت تعاليمه الأخلاقية و الفلسفية في كل الأجيال التي جاءت من بعده. ظل يبحث عن الحياة الفاضلة و الأخلاق السامية. اعتبره الكثيرين بحق فيلسوف أخلاقي من الطراز الأول. دعا في كل حياته إلي طريق الحكمة و الفضيلة و إلي السلوك القويم.و كل هذه التعاليم كان يعيشها في حياته الشخصية، وهذا ما خلد ذلك الرجل الذي سطر أروع الأمثلة العملية للفضيلة و العيش في رحابها. و ستظل تعاليم كونفشيوس دستور عملي يسير علي نهجه كل من يبتغي الأخلاق و الفضيلة و المعاني السامية للقيم. و لقد عاشت تعاليم هذا الرجل إلي الآن لسببين أساسين هما: انه شخص معتدل و عملي في تعاليمه، و الإخلاص في دعوته، كل هذا جعل أفكاره حية إلي الآن و تنبض بالحياة. ما أحوجنا و نحن في عصر يموج بالأحداث السريعة و التيارات و المذاهب المتصارعة أن نسير علي هدي تعاليم كونفشيوس. و نتمسك باهداب الفضيلة و المثل العليا فهي راحة للقلب و العقل.&

&