كان من المفروض ان تصل العلاقات بين اقليم كردستان ودول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية الى مراحل متقدمة عقب سقوط نظام حزب البعث وسيطرة الاحزاب الشيعية الموالية لايران على الحكم في العراق بشكل مطلق، ولكن اعتماد تلك الدول على الاحزاب السنية العربية والتعويل على قادتها لايجاد موطئ قدم لها في العراق ابعدت الاكراد وموقعهم الجيوسياسي المهم في حساباتها السياسية، وهذا كان خطأ وقعت فيه دول الخليج، ربما ادركت اخيرا انها كانت تجاهلت قوة الكرد ولم تقدرها حق قدرها واعتمدت على الاحزاب السنية العربية غير المتجانسة سياسيا وفكريا واجتماعيا"عشائريا"وظنت انها قادرة على الدفاع عن مصالح السنة والمحفاظة على وحدتهم وثباتهم امام التحديات المصيرية التي شكلتها الحركات والاحزاب الطائفية بدعم واشراف مباشر من ايران، ولكن تلك الاحزاب السنية فشلت فشلا ذريعا في مواجهة الهيمنة الشيعية التي وصلت اوجها في فترة حكم"نوري المالكي"، واخفقت في اداء مهامها في الحكومات المتعاقبة التي شاركت فيها، ولم تحقق اي مكسب يذكر للمكون السني، فهي لم تخيب آمال دول الخليج التي امدتها بدعم ومساعدات لم تكن تحلم بها، بل خيبت آمال العراقيين السنة ايضا، وظلت تتخبط في سياساتها غير قادرة على اتخاذ قرار ينهي حالة التفكك والتشظي التي تعاني منها، ولم يبق امامها سوى طريقان اما الاستسلام والرضوخ للامر الواقع اوالتعرض للملاحقة والاعتقال، فاختار بعضهم البقاء في دائرة المواجهة فصفي منهم من صفي واعتقل منهم من اعتقل واختار الاخرون الهروب والعيش في المنافي، وخلت الساحة تماما من قادة سنة اقوياء قادرين على مواجهة الائتلاف الوطني الشيعي الحاكم، وان وجد البعض منهم، فانهم لا يشكلون اي خطورة على السياسة الطائفية المتبعة في العراق، ولم يكن مستغربا ان تتداول في وسائل الاعلام عبارة" سنة المالكي" للدلالة على خضوع بعض قادة السنة الحاليين لاوامر المالكي واستسلامهم له.

وجاء غزو تنظيم الدولة الاسلامية"داعش"لمدينة الموصل والمدن السنية الاخرى لينهي دور هذه الاحزاب السنية نهائيا، ربما ادركت دول الخليج هذه الحقيقة فاتجهت نحو قوة سنية اخرى بدأت تبرز وتستقطب اهتمام المجتمع الدولي بأدائها الرائع في مواجهة"داعش"وكذلك في مواجهة اطماع ميليشيا"الحشد الشيعي"التوسعية، وهي القوة الكردية الصاعدة التي حققت انتصارا عسكريا ساحقا على قوات"داعش"في مدينة"سنجار" وفي عدة جبهات اخرى، وخاضت صراعا دمويا آخر مع ميليشيا الحشد الشعبي في مدينة"طوزخورماتو"وابلت فيه بلاء حسنا، واستطاعت ان تكسر شوكتها وتقاوم عنجهيتها..

&آمل ان تكون هذه القوة العسكرية الكردية الضاربة "البيشمركة" التي تحظى بدعم ومساندة المجتمع الدولي والتي قال عنها رئيس وزراء بريطانيا انها بمثابة قوات برية بريطانية في العراق، جزءا اساسيا في المنظومة العسكرية للتحالف الاسلامي الجديد، فاذا كانت استراتيجية دول الخليج اعتمدت في السابق على القوى السنية العربية في تحقيق بعض المكاسب التي لم تتحقق ابدا ستحقق الاستراتيجية الجديدة التي يتبناها خادم الحرمين الشريفين"سلمان بن عبدالعزيز"والتي تجسدت في التحالف الاسلامي"السني"في جمع الدول والقوى والحركات السنية في العالم الاسلامي تحت مظلة اسلامية واحدة لمواجهة الاخطار التي تحيق بالعالم الاسلامي، ومن هذه القوى الفاعلة الاكراد..&

&ولعل الترحيب الواسع والحفاوة البالغة التي قوبل بها رئيس إقليم كردستان"مسعود بارزاني"في زيارته الاخيرة الى السعودية والاستقبال الكبير الذي تلقاه من قبل العاهل السعودي شخصيا والوزراء والامراء من العائلة المالكة، يؤكد على ان الاكراد سيشغلون مكانا بارزا في التحالف الاسلامي الموسع الذي يضم في طياته اكثر من 35 دولة اسلامية..&

&