&كسائر تخبطات السياسة الرسمية للدول العربية والاسلامية تجاه العديد من القضايا فانها متخبطة تجاه جماعة الاخوان المسلمين، فنرى ان حكومة ما تبلغ علاقتها مع الاخوان في بلد ما الى حد التحالف الوثيق، بينما ذات الحكومة يبلغ عدائها للاخوان في بلد آخر حدا لو اتيح لها اجتثاثهم واقتلاعهم وتصفيتهم، لما ترددت في فعل ذلك.

لا أضم رأيي الى جانب الذين يقولون ان الاخوان في بلد ما يختلفون عن بلد آخر الأمر الذي اقتضى اختلاف سياسات الحكومات تجاههم، بينما الحقيقة ليست كذلك، لأن نهج الاخوان واحد، واذا اختلفت بعض التحركات والمواقف فان هذا الاختلاف يعود الى التكتيكات واختلاف الظروف الزمانية والمكانية وليس للاستراتيجيات، لأن الاستراتيجيات واحدة، كما ان اختلاف اسماء الاحزاب والجماعات الاخوانية لا يعني بتاتا اختلافا في المراجع الفكرية، فمرجعية حزب الاصلاح اليمني هي ذاتها مرجعية الحزب الاسلامي في العراق وحركة النهضة في تونس وحزب الأمة في بعض الدول الخليجية..و..و

لا ينبغي أن نستغرب اذا اعترض اردوغان على الحكومة المصرية لإطاحتها بحكم الرئيس السابق محمد مرسي لأن النهج هو ذات النهج، وان كان هذا تحت مسمى حزب العدالة والتنمية وهذا باسم جماعة الاخوان، ولكن علينا أن نستغرب من الحكومات التي تتعامل مع الاخوان في بعض الدول على أنهم أقرب المقربين لها وفي بعض الدول على أنها ألد أعدائها.

لذلك نرى أن الاخوان المسلمين في اليمن شركاء بل حلفاء لأنهم اصطفوا مع مشروع القضاء على الحوثيين، وكذلك الحال ينطبق على الاخوان في سوريا والعراق ولبنان، ولكن ليذهب مرسي وجماعته الى حيث على الرغم من أن مرسي أعلن بصراحة تضامنه مع المعارضين للحكومة السورية.

دولة عربية واحدة اتخذت موقفا ثابتا من الاخوان المسلمين في كل البلدان، وتعاملت على حد السواء مع كل الاخوان سواء أولئك الذين كانوا في سوريا أو العراق أو مصر او تونس أو الاردن أو فلسطين المحتلة أو العراق، وهي قطر التي ربما دفعت ثمنا باهضا لهذا الموقف، وتدهورت علاقتها مع مصر نتيجة هذا الموقف، بينما بردت هذه العلاقات مع دول أخرى للسبب ذاته، أما الدولة الأخرى التي ثبتت على موقفها من الاخوان في كل البلدان ولكنها لم تكن دولة عربية فهي تركيا.

من المؤكد أن هناك حكومات عربية تقف على الحياد أو تلتزم الصمت، وصمتها يعود إما لأنها لديها علاقات وثيقة مع الاخوان فلا تريد أن تفرط بها، ولكن في نفس الوقت لا تريد التفريط بمصالحها مع الدول التي تشن حملة على الاخوان، وإما أن تيار الاخوان لديها قوي ومتنفذ، فتخشى من تبعات استفزازه.

شئنا أم أبينا فان تيار الاخوان موجود في كل البلدان العربية والاسلامية سوى ان هذا الوجود قوي في بعض البلدان وضعيف في أخرى، وقد ارتكبت تنظيمات الاخوان في بعض الدول خطأين في السنوات الأخيرة، الخطأ الأول تحالفها مع المتطرفين، الخطأ الثاني تحولها الى أداة بيد بعض الحكومات، ستنأى عنها بل ربما تساهم في القضاء عليها مجرد تحقيق مصالحها أو يتغير موقفها.

من هنا فان الحكومات التي تحارب الاخوان لا تؤمن بتصنيفهم الى ملائكة وشياطين، بل الجميع في نظرها شياطيين ويجب اجتثاثهم والقضاء عليهم، الا أن المصلحة تقتضي في الوقت الراهن تقريب هذه الجماعة من الاخوان، وهذا ديدن أغلب الحكومات حيث أن أولويتها مصالحها دون سواها، بالتالي ليس هناك أي تخبط في سياسة الدول العربية تجاه هذه القضية بالذات، انما هناك تضليل وخداع لقوى الاخوان والمثير في الأمر هو أن تتحول هو انخداع الاخوان وتحولهم الى أداة طيعة بيد الحكومات.

تجدر الاشارة هنا الى أن الشعوب ستفقد ثقتها بحكوماتها التي تكيل في الظاهر الأمور بمكيالين وتتعامل باسلوبين وسياستين مع جماعة ذات مرجعية فكرية وثقافية واحدة، هذا اذا كانت هناك ثقة بين الشعوب والحكومات.

&