&(إِنَّ الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) القرآن

(ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفركَ، فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ)&الامام الشافعي
&
بات ملحوظاً منذ أن أعلنت القِوى الدولية عن عزمها لانتزاع محافظة الرقة من تنظيم داعش، وحديث القوى التي ستشارك بتحرير المدينة هو موضوع جدلٍ دائم في الشارعين الكردي والعربي، وعادة ما يتهم النشطاء والمثقفين الكرد ومعهم المجلس الوطني الكردي حزب الاتحاد الديمقراطي ووحداته العسكرية باختلاق الحساسيات العنصرية بين الكرد والعرب، وكسب العداوات مع الجيران كرمى إرضاء القوى الدولية عنهم، ناسين بأنه مهما طال وجود القوات الدولية في سماء سوريا فسيأتيها يوم وتغادر، بينما السوري سيبقى ملاصقاً للسوري مادام الديارعامرة بأسباب الحياة.
&وما يؤكد رؤية المجلس الوطني والمثقفين الكرد فيما يتعلق بالحروب التي تخوضها وحدات الحماية الشعبية بالوكالة، هو حجم ردود الأفعال المباشرة في الشارع العربي حيال ذلك، إذ بدلاً من أن يتم شُكر مَن سيخلص لهم المدينة من التنظيم، يتهمون وحدات الحماية الشعبية بالعمالة والخيانة وشتى الوصمات، حيث أعلن المعارض السوري البارز بسام جعارة عن خياره وتفضيله لداعش على قوات سوريا الديمقراطية، وقد كتب في إحدى بوستاته أن "قوات التحالف تلقي مناشير تطلب من سكان الرقة مغادرتها لتمكين عصابة صالح مسلم من احتلالها" مضيفاً " أن الرقة ستكون مقبرة الخنازير" فهذا &إذاً من أبرز وجوه المعارضة السورية، وهذا هو موقفه الصريح والواضح وهو بكل تأكيد موقف مئات المعارضين السوريين مِن مشاركة وحدات الحماية بتحرير الرقة، حيث أن الرجل يُفضل داعش على قوات سوريا الديمقراطية، فكيف سيكون الحال عليه إذاً مع باقي المواطنين في سوريا مِن النشطاء والفيسبوكيين والعامة الذين غدا لديهم مخزون جاهز لكره كل ما هو كردي بناءً على ما يتلقفونه يومياً من وسائل الإعلام، وقد بيَّن موضوع عرض جثث بعض المقاتلين في مدينة عفرين عن ذلك الاحتقان والتشحين الجاهز لدى غالبية مَن هم محسوبين على الثورة، علماً أن منظومة داعش كل يومين أو ثلاثة لديها حفل عرض الجثث في شوارع الرقة أو دير الزور أو غيرها من الأماكن، ولكن بالنسبة لداعش ربما مسموح له فعل أي شيء، ولا يتحمل العربي السني تبعات جرائم داعش كما يتم تحميل الكردي تبعات أي فعل يقوم به حزب الاتحاد الديمقراطي عبر جناحه المسلح ! كما أنه ومن فترة قريبة قام عناصر من الفرقة16 بسحل جثث مسلحين بعد السيطرة على قرية البل بريف حلب الشمال ومع ذلك لم يُعلن النشطاء عن استنفارهم حيال ذلك التصرف!، وفي موقع آخر قام أخرون بتعليق الأسرى على الدبابات، وقبلها قام جيش الإسلام بوضع بعض المدنيين في أقفاص حديدية كدروع بشرية في ريف دمشق وعرضوا الأشخاص كما تُعرض بعض الكائنات الحية في الحدائق العامة، إلّا أن كل ذلك لم يُشغل بال الثوار والنشطاء، وربما اعتبروها مناورة ثورية طالما أن الجهة الفاعلة محسوبة على الثورة التي يحق لها أكلَ أبنائها!.
إذا ومن خلال ما تقدم &فييبدو لنا بأن المحسوب على الثورة ربما كانت مغفورة خطاياه، وكأن في قرارة أنفس البعض أن يتشبهوا بالنظام المجرم، الذي لا أحد يقدر على أن يمنعه من جرائمه أو يحاسبه عليها، أما إذا ما كان الفاعل من جهة محسوبة على الكرد فتصب اللعنات مِن كل الجهات عليها، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه ياترى مادام ما مِن طرفٍ من كل أطراف المعارضة السورية راضٍ عن أية أعمالٍ تُقدم عليها وحدات الحماية الشعبية، فلماذا هذه الجهة حريصة على جلب الحقد والعار إلى الفئة التي تنبثق عنها تلك الوحدات؟ فهل يستلذون بالإهانة التي يتلقونها من جميع الأطراف المعارضة في عموم سوريا إضافةً إلى الشارع العربي ككل؟ ولماذا القيامُ بعملٍ لا يزيد إلّا من حجم العداوة مع الآخر؟ ولماذا التضحية لأجل أناس لا يشكرونك على التضحية؟ بل يستقبحون مبادرتك، ويخوِّنونك على الفعل ليل نهار، فهل الى هذه الدرجة دماء الشباب الكرد رخيصة لدى حزب الاتحاد الديمقراطي والوحدات العسكرية التابعة له؟.
وفيما يتعلق باللاجدوى من تحرير الرقة كردياً فقد عبر عنها الكثير من المثقفين الكرد منهم د. محمد محمود الذي قال "بأن أمريكا والدول الاوربيه أدركوا بأن تكلفه شراء ذمم القيادات وتحويلهم الي عملاء خونه وجنود تحت الطلب لكي يحاربوا بالوكالة عنهم، أرخص بكثير من ارسال جنودهم إلى مناطق النزاع"، وكذلك عبّر الدكتور أحمد شوقي كوركاني عن وجهة نظره حيال هذا الموضوع قائلاً: "الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد في حربها ضد داعش في سوريا على قوى لا تتفق معها بشيء، ولا هي مستعدة لأن تمنحها أي قيمة إعتبارية من الناحية القانونية، حتى لا تُلزم لاحقاً بأية استحقاقات مستقبلية أو واجباتٍ ما تجاه القوى التي تقاتل إلى جانبها من اي نوع كانت تلك الاستحقاقات" مضيفاً بأن "مواقف الولايات المتحدة غير مبدئية وأن أمريكا في تعاملها مع القوى التي تحارب داعش في سوريا تشبه إلى حدٍ ما تعاملها مع قوات مرتزقة" أي على غرار شركات بلاك ووتر في العراق.
حقيقة فمع أن الرقة كانت أول مدينة سورية خرجت منها قوات النظام بشكل كامل في آذار 2013، ولكن قد لا نكون مجافين للحقيقة عندما نقول بأن محافظة الرقة لو لم تكن الملاذ الشبه آمن والحاضنة الحقيقية للدواعش لما استطاع التنظيم المذكور أن يثبت أقدامه بها خلال فترة قياسية، ويجعلها فيما بعد عاصمة لدولته في سوريا، بالرغم من ظهور نشطاء فيها حاولوا فضح الممارسات والجرائم والانتهاكات االلاإنسانية لداعش، مثل حملة “الرقة تذبح بصمت” كواحدة من الحملات الإعلامية المناهضة للتنظيم المذكور من داخل مناطق نفوذه وكذلك في تركيا، والتي كان من نتيجتها فقدان الحملة لبعض أبرز نشطائها كـ: إبراهيم عبد القادر وفارس حمادي، مِمَكن كانوا ينشطون في تركيا، والذين قاموا مشكورين بإنتاج عدة فيديوهات عن الأعمال الإجرامية لداعش.&
إلا أننا نرى بأنه لتخليص الناس هناك من سطوة الغول الداعشي الجاثم على صدر مدينة الرقة مع ناسها، ينبغي أن تتضافر الجهود المحلية، والانتفاض ضد التنظيم من &قلب المدينة وليس فقط من خارجها، أي بمساعدة الأهالي أولاً من خلال دفعهم للقيام بإرباك التنظيم وخلخلة بُناه من الداخل، وإلا فستكون هنالك خسائر كبيرة بالأروح والممتلكات، طالما أن التنظيم سيستخدمهم كدروع بشرية له، ولن يسمح للمدنيين بالخروج من المدينة، وقد يُحيل الدواعشَ تلك المدينة إلى ركام كما حصل لمدينة كوباني كأقرب مثال للسوريين، طالما أن عناصر التنظيم على قلوبهم (أحلى من العسلِ) الموت في أي مكانٍ يختارونه، باعتبار أن أي مكانٍ يُقتلون فيه سيكون بمثابة القاعدة الرئيسية للإنطلاق نحو الفردوس المأمول لديهم!.
&