&

في كتاب الهويات القاتلة للمفكر اللبناني الأصل المسيحي الديانه أمين معلوف يقول "كلّما شعر المهاجر بأن ثقافته الأصلية محترمة، انفتح أكثر على ثقافة البلد المضيف".

بالتأكيد هو محق في الموضوع.. فالمسيحي أول ما يتجه إليه في غربته هو الكنيسة قد تكون كنيسة الجالية وقد تكون كنيسة الحي الذي يقطن فيه وهو بالتأكيد ما فعله المهاجرون الأوائل. ومن خلال الكنيسة يبدأ في إقامة علاقات إجتماعية مختلطة , وتبدأ عملية إندماجه في المجتمع الجديد. ويبدأ في تثبيت أقدامه بألفة مع البريطاني كمواطن منفتح ليس منغلقا ولا يريد الإنعزال عما حوله..

المكان الآخر الذي يساعد في عملية التعارف والإندماج هو المدارس.. فمن خلالها تبدأ العلاقات الإجتماعية الضرورية للأبناء مع أهالي اصدقاء الأطفال ثم التطوّع الفردي للمشاركة في النشاطات المدرسيه أو مجلس الآباء والأمهات وغيرها من النشاطات وكلها امور تبدو طبيعية بالنسبة للمهاجر المسيحي لأنه تعوّد المشاركة بدون فصل بين الجنسين.. حقيقة أنه يعاني من الغربة بنفس مستوى احاسيس المغترب المسلم ولكنه يتعامل معها بتفكير عملي.

بالنسبة للعائلة المسلمة.. أولآ دعنا نتفق ان الدين الإسلامي يتكفل بجميع نواحي الحياة و’ينظم حياة الإنسان من ولادته وحتى مماته, و’ينظم إنخراطه بالمجتمع. ولكن بالتفريق التام بين الذكر والأنثى وعدم الإختلاط.. أول ما تصطدم به العائله المسلمة الإختلاف التام في ثقافة المجتمع الجديد, فيما يتعلق بالحريات خاصة إذا كان لديها بنات. وبالتاكيد لن تتجه للكنيسة لمساعدتها, بل تتجه لأقرب ملاذ إسلامي وهو الجامع, الذي ومن خلاله تجد المدرسة التي يذهب إليها معظم أطفال الجالية. كوّنوا مع عائلاتهم ما يشبه الملاذات الآمنه, في جيتوات تغلب عليها الأسلمة المجتمعية بكل أشكالها. من فصل بين الجنسين.. والسماح للولد بالحريات, بينما تمنع البنت منها. والخوف أن يوجهها الجامع للمدرسة الإسلامية. وبالتدريج تكتشف العائلة أن الحكومه هي من يقوم بتنظيم حياة الفرد وأن قوانينها الوضعية تتعارض مع التربية الدينية التي يريدونها لأبنائهم. خاصة وهي (الحكومة ) تؤيد الحريات للبنت ولا تتدخل في إيمان الفرد أو إلحاده أو ميوله الجنسية.. بعدها يتأكد الإنعزال الطوعي وعدم الإندماج.. فماذا رأى البريطاني من المسلم القادم والمقيم؟

الصدمة الكبرى تبدأ عند وصول البنت لسن الثالثة او الرابعة عشر.. حين تعي مبدأ الحريات.. وتراها على الشاشات الفضية وتشعر بتمييز الأهل بينها وبين أخوها وهنا تبدأ مصيبة العائلة المسلمة في كيف تتعامل مع تمرد بناتها وحمايتهن من هذه الحريات خاصة وفي سن المراهقة؟؟؟ هذا هو الحاصل في أغلب العائلات المسلمة..وهي كلها امور دفعتها للتقوقع والإنعزال والخوف من الإندماج..

أضف إلى ذلك صعود الإسلام السياسي خلال الخمسة وعشرون سنه سابقة والذي إستعمل المرأة وجسدها كتثبيت للهوية الإسلامية بحيث أصبحت مظاهر الأسلمة من نقاب وحجاب وختان للأنثى وتزويج القاصرات وإزدياد محاكم الشريعة التي عملت على وجود قوانين تتعارض كليا مع قوانين الدولة في تحدي سافر للنظام القضائي ولثقافة البلد الأصلي, مترابطة مع سكوت تام من الجالية المسلمة وعدم مساعدتها في تحجيم التطرف. ةةقةف الجميع مستمعين طيعين لرجل دين ’يكفّر ببنائها!! التي أعطوا الإذن في الجوامع الآخر.

أضف إلى ذلك تسلسل الأحداث الإرهابية من سبتمبر 2001 وحتى الأخيرة في عواصم الدول الكبرى, حقيقة أن معظم المسلمين يرفضون العنف.. ولكنهم أيضا لم ينددوا به علنا.. ولم يسعوا إطلاقا للمشاركة في التنديد به ولم تسعى هيئاتهم الدينية لتغيير او تعديل خطابها الديني ليتماشى مع ثقافة الدولة والمجتمع.. فماذا سيحترم مواطن البلد المضيف.

السؤال المطروح بقوة الآن وبعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ما الذي سيواجهه المسلمون في ظل صعود تطرف المواطن البريطاني الذي قرر في الإستفتاء إحترام بلده وقوانينها. وكيف ستتعامل الحكومة البريطانية مع خطر التطرف من الطرفين؟

لنعترف أولآ بان الخوف من الإرهاب لم يعد مجرد ذريعة , بل أصبح واقعا نعيشه في الشرق والغرب.

وأكبر دليل على ذلك أنه وحتى في الأردن وحسب الأخبار الأخيرة التي أكدت بتسلل عناصر إرهابية تعتنق الفكر الداعشي من خلال اللاجئين.. وأن بلبلة فكر الرجل المسلم أدت بالأئمة لرفض الصلاة على عناصر من الجيش ’قتلوا في محاربتهم الدولة الإسلامية المزعومه!

لنكن أكثر صدقا بأنه ليس هناك من دولة مهما إمتلكت من الإمكانيات لديها القدرة على مراقبة مواطنيها للحفاظ على الأمن الذي هو حق كل المواطنين!! وهنا صعوبة سلم الأولويات.. الأمن أم الحريات؟

هنا تأتي مسئولية الحكومة البريطانية في كيفية خلق توازن ما بين الحريات وبين وضع حد للبعض منها التي من شأنها الإضرار بالأمن المجتمعي.

فعلى سبيل المثال , أثق تماما بأن بريطانيا لن ’تفرّط في الحريات و ستحتفظ وتحترم حرية العقيدة. وعليه س‘تبقي الجوامع. ولكن وعملآ بما قررته سويسرا.. بدون مآذن.. فما الضرر في ذلك؟

حرية التعبير حتى المظهري.. ولكن النقاب كمثل انا أؤمن بأن الحكومة البريطانية ستحظره عاجلآ أم آجلآ. ولكن لنعترف بأن النقاب الذي أخفى الإرهابي ومكنه من القيام بتفجيرات والنقاب الذي إستعملته بعض النساء للقيام بعمليات إنتحارية. النقاب الذي تعمل تونس ومصر على حظره.. فما الضرر في ذلك؟

لن تتدخل في حق حرية المرأة في التعبير ولبس الحجاب , ولكن هناك الكثيرون الذين يعتبرونه مستفزا لمشاعرهم , الحادثة التي ذكرتها في مقالتي السابقة عن سيدة ألمانية نزعته عن رأس إمرأه مسلمة.. والذي علقت عليه الآنسة نورا بالتالي:

أعود لموضوعنا الأساسي توقعاتي للسياسة البريطانية الجديدة مع المسلمين.

ستعمل الحكومة على تعديل شامل في المناهج التعليمية للتأكيد على هويتها الثقافية والتي ترتبط بمواثيق حقوق الإنسان وحقوق المراة العالمية. ولكني أعتقد بل أتمنى أن تقوم بمراقبة تامة لمناهج التعليم في المدارس الإسلامية أو إلغائها تماما لأنها تتعارض مع الحريات والقيم البريطانية بدءا من الفصل بين الجنسين.

بالتاكيد سنواجه صعوبات كبيره في التنقل من بلد لآخر.. وسي’عاد العمل بنظام التأشيرة والفيزا بين الدول ولكنها لن تكون بنفس الصعوبات السابقة خاصة إذا كان سجل الشخص خالي من أي شبهات.

ستبحث الحكومة البريطانية بكل الطرق الممكنه للتعاون بين دوائرها المختصة وبين الجمعيات الإسلامية وأئمة الجوامع لمحاربة الفكر المتطرف وإعلاء قيم السلم والتلاحم والتماسك المجتمعي بين الجميع.

الديمقراطية البريطانية هي التي قررت الخروج من الإتحاد. وإستنادا إلى القيم الديمقراطية هي ايضا التي ستحمينا وتحافظ على حقوقنا.

قبل يومين قرأت في إحدى الصحف عن مواطن كويتي يحمل الفكر الداعشي إتصل بامن الدولة وطلب إعتقاله خوفا على نفسه وأسرته من إرتكاب جريمة!!! فهل آمل ان أرى تعاون من مسلمين&لتسليم كل من ’يشتبه بتطرفه لإنقاذه قبل فوات الأوان وإنقاذ أبناؤنا من هذا الكفر المتطرف الإرهابي القاتل.

إحترام ثقافة البلد وقوانينة والتغيير المعقول في مظهرنا وتصرفاتنا هو الطريق الآمن الوحيد للخروج من المأزق الذي نعيشة جميعا بالخوف من الآتي. وأصوات العقل والتعقل هي التي يجب أن يرتفع صداها وليس صوت المفتي ولا الإمام أو فقيه الدين!