(حلقات يكتبها السيد رئيس المركز الإنمائي للطاقة والمياه الدكتور ليث شبر عن خفايا غير منشورة عن ملف الأهوار التي انضمت الى لائحة التراث العالمي في اجتماعات اليونسكو في اسطنبول بتاريخ 17 تموز 2016 )

الحلقة الأولى.. أزمة مياه

قبل سنة ونيف من التصويت التاريخي في اسطنبول جاءني الأخوان الأستاذ بديع لبنان وهو قائمقام الجبايش والأستاذ جاسم الأسدي ويمثل منظمة طبيعة العراق وهما يحملان ملفا خطيرا عما سوف تلاقيه الأهوار من جفاف لايقل خطورة عما لاقته أهوارنا العظيمة في التسعينات من القرن الماضي حينما جففها صدام للقضاء على معارضيه الذين اتخذوا من المنطقة مقرا لعملياتهم الجهادية ضد النظام السابق.

فتحنا النقاش لنعرض أسباب قطع المياه والخطة الكفيلة لإيقاف تجفيف الأهوارمما يعني تحويلها الى مناطق متصحرة في ظل أزمة مياه عالمية..وفي النقاشات توضح لدينا أن هناك ثلاث أسباب رئيسة في تعرض المنطقة للجفاف :

أولا.. احتلال داعش لكثير من السدود والنواظم في العراق وسوريا مما أثر على تزويد المياه التي تصب في نهر الفرات.

ثانيا.. تقليل الحصص المائية من الجانب التركي وعدم التزامه بقوانين الدول المتشاطئة لتوزيع المياه بينها وتحويل المياه الى سدوده التي أنشأها.

بيد أن هذين السببين وإن كان لهما تأثير في فقدان بعض المياه التي يجب ان تصب في الأهوار إلا أنهما لايشكلان سوية نسبة 30 % من الكارثة التي تتعرض لها الأهوار وقتها فالسبب الرئيس هو:

ثالثا.. وزارة الموارد المائية والمؤسسات التابعة لها.. فعلى الرغم من أن هذه الوزارة تضم مركزا مهما لإنعاش الأهوار ومديرية لتطويرها إلا إن إدارتها لملف توزيع المياه لم يكن عادلا ولم ينظر الى الأهوار إلا باعتبارها مستنقعات مائية تجمع الحشرات الضارة لانفع منها الا في أيام الفياضانات. وهكذا حولوا الحصص المائية التي يجب أن تصب في الأهوار الى مزارع الشلب في النجف والديوانية ومن دون أي تخطيط.

كان لابد من التحرك سريعا في ظروف حرجة تمر بها البلاد فالوضع السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد يعيش أزمات متنوعة ومتعددة لاتسمح أبدا في إيلاء هذا الموضوع الاهتمام الجاد من قبل الحكومة.. فكان لابد لنا من اعداد خطة نعتمد فيها على أنفسنا لذلك كان القرار في المركز الإنمائي للطاقة والمياه الاعداد لمؤتمر وطني عن الأهوار وبالتعاون مع منظمة طبيعة العراق والمنظمات المدنية والدولية المهتمة بملف المياه والأهوار..

وزعنا المهام فيما بيننا وعقدنا العزم أن لانتوانى أبدا في استعمال كافة السبل للوقوف أمام من يريد بالأهوار شرا سواء عن قصد أم غفلة أم إهمال أم جهل وهي مهمة قد نتعرض فيها الى التشويه والتصفية إذا ماعلمنا أن هناك جهات مغرضة وأخرى مسلحة قد ترى في تحركاتنا عقبة في مخططاتها يضاف الى ذلك أن الوزير الذي تولى مسؤولية ملف المياه هو من التيار الصدري وهو تيار لديه جمهوره الانفعالي الذي قد يرى في دفاعنا عن هذه القضية قدحا بالوزير.

وهكذا عقدنا الاجتماع الأول في مقر مركزنا في الناصرية ودعونا فيه بعض الشخصيات المهتمة ومنظمات المجتمع المدني وأصدرنا بيانا لما تعانيه الأهوار بسبب قطع المياه عنها والخشية من استمرار هذا النهج من المؤسسات الحكومية المسؤولة عن ملف المياه ودعونا الحكومة ورئاسة الوزراء من خلال وسائل الاعلام كل بحسب مهامه إيلاء موضوع قطع المياه عن المنطقة اهتماما استثنائيا ويمكن مراجعة إنعقاد الاجتماع الأول لحملة إحياء الأهوار كما أورد ذلك المركز الإنمائي للطاقة والمياه والذي يبين أسبقية اهتمام منظمات المجتمع المدني قبل الجميع في الدفاع عن الأهوار والمضي في مشروع انقاذها.. ولكن نداءاتنا لم تجد الا آذانا صماء ولامبالاة بما سيحل في المنطقة.

&