&يزهر الحب وهو يتولى بصمة الوجود الأولى ومرعى التناسل منذ لقاء آدم بحواء والى الأبد، وظيفة المطر، اكتسبها هذا السر الذي يعطي الكمال للروح ويسقي محطات الوجود ويجذّر معانيها مثل، الوطن، الصداقة، الإبداع،المرأة، تظاهرات الجمال، كلها تُدام وتنتصر بالحب.

&الحب لصيق الأزمنة وتقلبات مراحلها الصاعدة في الإرتقاء والتسامي، وهو معيار الأهمية للأنسان، والباعث لتسلق الشعراء سلالم الوجد منذ أنشد أمرؤ القيس( قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل)، وصولا الى تبادل الحب عبر وسائل الأنترنيت والموبايل.

يدوّن الحب تاريخ المأساة أو الفرح، قصص وروايات تمثل مسار المعنى بين الأجيال، تعمق الدروس ودلالاتها في هذه الدنيا وإنقلابات أحوالها، فالحب يمكن له أن يقاوم ويعيش في زمن الكوليرا كما يقول الروائي الكولومبي ( ماركيز)، أو في أشد الأزمنة قسوة ودمارا ً للوجود،كما يؤكد الألماني (ريمارك) في روايته الشهيرة(للحب وقت وللموت وقت )، والحب آصرة الأٌقانيم الثلاثة، ودليل الحلاج وأسراب المتصوفة الى الله.

الحب فرشاة (دافنشي) في رسم الإبتسامة الحزينة لل(الموناليزا)، ومحرك (مايكل انجلو) في دعوة الرسل الى( العشاء الأخير)، حاضن الحرية ل(بيكاسو) حين يحاور الفاشست في ( الجرنيكا)، رسالة التأصيل لجواد سليم بجدارية نصب الحرية في الباب الشرقي من بغداد.

&اشبه بالعطر يتسامى الحب في تجريد جمالي يلامس الإحساس في الأصوات الملائكية وترانيم الطبيعة وذاك الخيال الساحر وهو يرسم آيات سماوية في الموسيقى، أغاني نساء أور في مواسم عودة (دموزي) على أوتار قيثارة سومر، طفولة موزارت والناي السحري، نهر دافق جماله البريّ بوصف (رولان بارت)، نهر جريانه أبدا لاينتهي بضفاف.

&كل مرحلة زمنية لها انتاجها في الحب يثبت في ذاكرتها مراسيمه سواء في السلوك الإجتماعي،أم في المنتوج الثقافي والحضاري وملامح الأبداع وشواهده، وحين نذكر الأنسان الأول في العصر الحجري،تحضر رسومه على الصخور واذ يحل عصر المشاعية الأولى تنبثق ملاحم أساطير الصراع من أجل البقاء والحكمة (جلجامش)، ثم يصعد دولاب الأزمنة فتأتي كل مرحلة بنياشين عصرها تترجم مدونات الحب أي الوجود، وصولا لزمن الديمقراطية.

&الديمقرطية المقصودة هنا، تلك التي تنبت في ظل بساطيل جنود الإحتلال والحكومات الأولغارشية " الدكتوقراطية "، التي تمسخ كل شيء بالأنسان وما يحيطه، وتعيد تركيب قواعد وجودها وفق آخر مواثيق الفساد السرية، وجرائم إبادة الآخر التي تقودها جحافل تزوّر عناوين الرب في عصابات ثيوقراطية المنشأ والإنتماء، هذا مايحدث في الشرق المعتم، والعراق على وجه الخصوص.

الحب في زمن الديمقراطية يعني أنك تدخل مرحلة الإستلاب الشعوري والتغريب الحبي، وتزحف نحو موتك البطيء، بعد إغتيال المؤلف( الخالق) وسط حياة مسيجة بالممنوعات والزيف، وتنعدم فيها كا أنماط الثقافة والفن والأخلاق، نعم يخرس الجمال ويتجمد.

في زمن الحب الديمقرطي، توجد حياتين أولى علنية محجبة منافقة تسير على إيقاع الرصاص ومشتقات العنف، وأخرى داعرة فاسدة لأصحاب السلطة وتعاليم الرب المغتصبة والمنحولة، لاذاكرة ولاشواهد في مدارات الحب، إنما توليد لايتوقف للكراهية والتوحش، وأنت بينهما تحاول ان تجتهد في حفظ تسلسلك بين القطيع،الآن اكتشف لماذا عباقرة ومصدر نور للبشرية في وقتهم امثال (فولتير وشتراوس ونيتشه )، رفضوا الديمقراطية واعتبروها ضربا ً من الإعتداء على الحضارة والبشرية. هل كانت تشبه ( ديمقراطيتنا)...؟

&ولاشيء غريب فزعماء الديمقراطية في العراق يصرخون عليك؛ أطفأ شمعتك الأخيرة وتوكل على الله وأمشي على الأربعة.

[email protected]