عندما فاز حزب العدالة و التنمية التركي لاول مرة بقيادة رجب طيب اردوغان فى الانتخابات العامة التركية فى عام 2002 وبنسبة 28ر34% من اصوات الناخبين،وحصوله على 363 مقعدا برلمانيا من مجموع ال550 مقعد، يعتبر فوزا ساحقا وكبيرا مقارنة بقصر عمر الحزب السياسى الذى اسسه اردوغان و رفاقه فى 14/8/2001.وهو الفوز الاول لحزب اسلامى بعد حزب الرفاه الذي يتزعمه نجم الدين اربكان وبرز نجمه فى تسعينات القرن الماضى. الا ان هذا النصر الكبير يعتبر صفعة قوية لجميع القادة السياسين و الاحزاب السياسية العلمانية الكلاسيكية القومية و الفاشية و الليبرالية و الديمقراطية منذ عام 1923 عندما اسس كمال اتاتورك النظام العلمانى بعيدا عن الدين او المذهب او العرق ماعدا العرق التركى. واستمروا فى حكم تركيا ل 14 عاما متتالية وهم الان أصحاب ال317 مقعدا برلمانيا من مجموع 550 مقعدا نتيجة فوزهم الساحق فى اخر انتخابات فى شهر نوفمبر 2015. حيث حصلوا على نسبة5ر49%.

حزب العدالة و التنمية يعتبر حزبا اسلاميا اخوانيا ويمتاز بالوسطية والاعتدال،والانفتاح على الديمقراطية و العادات و التقاليد السائدة في المجتمع التركى الاسلامى، و افكاره عبارة عن مزيج من العثمانية الجديدة و الديمقراطية المحافظة اجتماعيا و ليبراليا و اقتصاديا، كما انه خطى خطوات ثابتة و كبيرة فى كل المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية و العسكرية و العلاقات الاقليمية و الدولية و قاموا بتطورات كبيرة على مستوى المعيشى للفرد و والمجتمع التركى الذي يبلغ تعداده 80 مليون نسمة،وايضا على مستوى الديمقراطية و الحريات و المسالة الكردية خطى خطوات مفرحة للجميع وخصوصا عندما رفع شعارات الديمقراطية و العدالة و المساوات و ايجاد حل للمشكلة الكردية فى تركيا،اردوغان اول رئيس وزراء تركى اقر بوجود المشكلة الكردية في تركيا وصرح لاكثر من مرة بضرورة حلها بالطرق السلمية فى مدينة ديار بكر الكردية، كل هذه الشعارات البراقة و الجميلة اعتبرها الكل بداية حقبة جديدة من الحكم فى تركيا بقيادة اردوغان و حزبه الحاكم مختلفا عن الحقب الماضية التي كانت تدار من قبل الاحزاب و القادة العلمانيين و القوميين الاتراك.وكل هذه التطورات حصلت خلال الاربع سنوات الاولى من حكمه.

استبشروا الكرد فى تركيا من جانبهم خيرا بهذه الشعارات و الخطوات التركية و اعلنوا مرارا و تكرارا وقف اطلاق النار من قبل الحزب العمال الكردستانى PKK بقيادة الرئيس الاسير الخالد عبد الله اوجلان فى سجن اميرالى، لتهدئة الوضع السياسى و العسكرى فيما بينهما ولتسهيل ونجاح عملية السلام المعلنة من قبل اردوغان و حزبه الحاكم.و بداية جديدة من العلاقات التركية الكردية.وكحسن نية من قبل الكرد ايضا.

الجدير بالذكر ان الاتراك ومنذ زمن بعيد و لحد الان لديهم مجموعة كبيرة و معقدة من المشكلات الداخلية و الاقليمية و الدولية، و يصعب على كل حاكم فى تركيا ان يحلها فى فترة حكمه لان حكم الاحزاب التركية هي 4 سنوات فقط ولكثرة الصراعات السياسية فيما بين الاحزاب و القادة من جانب و من جانب اخر تشكيل الحكومات الائتلافية الهشة والضعيفة، ولكن لحسن حظ اردوغان و حزبه استمر حكمهم الى اكثر من 14 عاما وهي مدة كافية و صالحة لحل كثير من المشاكل، ولكن بسبب انفرادية اردوغان فى الحكم و السلطة و جمع كل السلطات بين يديه و غروره و كبريائه جعل حل المشاكل صعب بل اصبح حلها من الامور المستعصية فى ان واحد.اردوغان و حزبه تراجعوا عن كل الشعارات الديمقراطية و الحريات و عملية السلام مع الكرد نتيجة فوزهم المتكرر فى الانتخابات البرلمانية و الرئاسية بنسبة عالية مقارنة بالاحزاب السياسية الاخرى.

من المشكلات المستعصية فى الداخل، هى مشكلة مجموعة فتح الله غولن العدو اللدود و الرئيسى لاردوغان و حزبه،واصبحوا هاجسا يخوفوا اردوغان بشكل كبير، و ثانيا قضية و المسالة الكردية فى تركيا الذى عددهم السكانى اكثر من 20 مليون نسمة ولهم ثقلهم السياسى و الاقتصادى و العسكرى ويعيشون فى مساحة كبيرة و شاسعة فى تركيا((كردستان الشمالية)) ارض اجدادهم منذ قدم الزمان، و الان وبعد محاولة الانقلاب العسكرى الفاشل فى 16/7/2016 مسالة الحريات و الديمقراطية اصبحوا ايضا هاجسا من هواجس اردوغان و حكومته و كل يوم يتراجع اكثر فاكثر الى الوراء و يضيق مساحات الحريات للفرد و المجتمع و المنظمات المجتمع المدنى،وايضا مشكلة الجيش و الاقتصاد و غيرهما من المشاكل الكبيرة و المعقدة فى تركيا و يستحيل على اردوغان ان يحلهم جميعا لانه ليس عنده النية الصافية والصادقة و الحقيقية لحل هذه المشاكل.

وعلى المستوى الاقليمى، تركيا الاردوغانية عنده مجموعة اكبر من المشاكل السياسية و الاقتصادية و العسكرية مع جيرانها مع كل من روسيا و ايران و العراق و سوريا و يونان و ارمينيا و مع الدول الاخرى فى المنطقة الشرق الاوسطية مع كل من مصر و اسرائيل و دول الخليج.

وعلى مستوى الدول الاوروبية،لديها مشاكل جمة مثل مسالة قبول دخولها للاتحاد الاوروبى التى يعارضها اكثرية الدول الاعظاء فى الاتحاد الاوروبى بسبب بعده الاسلامى والشرقى و بسبب مسالة الديمقراطية و حقوق الاقليات وخصوصا حقوق الكرد القاطنين فى كردستان الشمالية،وايضا مسالة المهاجرين و الكمارك و غيرها من المشاكل.

والان لدى تركيا مشكلة كبيرة و خطيرة فى ان واحد الا وهى مشكلة تعاونها مع المنظمات الارهابية فى سوريا و العراق و خاصة عصابات الداعش المجرمة بحق شعوب سوريا و العراق،بسبب مساعادات و تعاون سرى و علنى لتركيا من الناحية العسكرية و الاقتصادية و اللوجستية و دعم المعارضة السورية،وهذه المشكلة اصبحت نقطة ضعف لتركيا و سياساتها فى المنطقة و العالم،وكل محاولات الدعم التركى لهذه المنظمات الاجرامية هى لعرقلة مسيرة الدفاع و مقاومة الكرد فى سوريا و تقدمهم نحو تحرير كامل اراضى الكردية فى شمال سوريا و تحرير كل اراضى سوريا تحت يد العصابات المجرمة و اسقاط نظام البعثى السورى،تركيا دخلت الحلبة السورية مباشرة و بشكل علنى و سافر فى احتلال مدينة جرابلس فى 24/8/2016 تحت مظلة ما يسمى دعم المعارضة السورية و الجيش الحر السورى ضد الداعش و جبهة النصرة قديما و حركة تحرير الشام جديدا،ولكن مقاومة الكرد الباسلة بقيادة الحزب الكردى القوى و صاحب الراى و القرار على الارض الحزب الاتحاد الديمقراطى الكردى فى سوريا بقيادة صالح المسلم PYDو جناحه العسكرى وحدات مقاومة الشعب وقفوا بجدية و بباسلة امام تقدم و دخول الجيش التركى للمنطقة الكردية غرب نهر فرات الذى طالب التركيا بتراجع القوات الكردية الى شرق نهر الفرات و تسليم كل المناطق المحررة للجيش التركى و الجيش الحر السورى، و لكن بسالة الكرد و موقفهم القوى على الارض ضد الدواعش اثبتت احقيتهم فى المحافظة على المناطق المحررة من قبل امريكا و حتى روسيا الحليفة لنظام بشار الاسد.والان هاجس الكرد فى تركيا و سوريا اصبحوا هاجسا قويا لدى اردوغان لانه ليس لديها اي حكم او قرار او السيطرة فى سوريا و العراق و كل القرارات و المبادرات لدى الكرد على الارض و لدى كل من امريكا و روسيا،والاتفاق الاخير فى فينا مابين((جون كيرى و لافروف )) ليس من صالح تركيا و قواتها بل من صالح الكرد،وقرروا ايضا مشاركة الكرد فى الجولة القادمة من المباحثات السلمية فى سويسرا التى من المقرر ان تنعقد فى اواخر هذا الشهر لحل المشاكل السورية لان الكرد جانب محورى و اساسى فى القضية السورية و لديها احقية فى المشاركة لان لديها قوة و ارض و شعب على الارض.علما بدون مشاركة فاعلة للكرد و التجاوب مع مطالبها المشروعة كقوة معارضة حقيقية لم و لن يتم حل المشكلة السورية، لذا يجب على الكل و من ضمنهم تركيا و اردوغان ان يحترموا قوة الكرد و احقيتهم و تفوقهم و تضحيتاهم الجمة فى ساحات القتال ضد العصابات الداعش الارهابية، الكرد مكون اساسى من الناحية القومية وثانى اكبر تجمع قومى فى سوريا لذا يجب ان يحسبوا له فى كل المعادلات و المشروعات لحل القضية السورية الشائكة.

والان تركيا الاردوغانية تمر بمرحلة صعبة على مستوى الداخلى و الاقليمى و الدولى،وخاصة لديها مشاكل كبيرة مع كل من امريكا و المانيا و فرنسا كثلاث دول كبيرة غربية و اوروبية بسبب تطاول الدولة التركية على الحريات و تغير 28 رئيس بلدية فى كردستان الشمالية بعد انقلاب العسكرى الفاشل لانهم بزعم الدولة التركية متعاونون مع جماعة غولن و حزب العمال الكردستانى،وبسبب هذا القرار من الوزارة الداخلية دخلت على الخط السفير الامريكى ( جون ناس) و قال (( انه من الخطا تعين 28 رئيس بلدية من قبل الدولة او الحكومة بسبب الارهاب))،ومن ناحية اخرى اغلقت المانيا سفارتها فى انقرة بسبب عدم الامان و المخاوف الامنية فى تركيا،وهذا بمثابة دليل كبير على سوء العلاقات الدولية و خاصة اوربية و امريكية مع تركيا.وكل المؤشرات تشير الى قرب نهاية الحقبة الاردوغانية بسبب سياساتها الخاطئة و عنجوهيته و غروره وانفراديته فى الحكم و بسبب محاولاتها للتسلط على المنطقة و الحفاظ على مصالحها و بسبب احلامها العصفورية لبعث ايام سلاطين العثمانيين و امبراطورية الشريرة العثمانية فى المنطقة،وهولا يعرف ان اعداء الخلافة العثمانية فى هذا الزمان اكثر من اى وقت مضى عند الشعوب المنطقة بسبب حكمهم الدموى و الشرير و قتهلم الابرياء من المسلمين و المسيحيين و اليهوديين من الترك و الكرد و الارمن و اليونايين و العرب و الجركس و الايزيدين و البلغار و الرومانين و الفرنسيين و الالمان و غيرهم من الشعوب المنطقة التى كانت تحت حكم الفردى و الاستبدادى للخليفة العثمانية.

واخيرا يجب على اردوغان ان يراجع حساباته و سياساته تجاه دول و شعوب المنطقة وعليه ان يعرف حق المعرفة حدود سلطانه و حكمه و لا يخرج عن الحدود المرسومة له من جانب الدول الكبرى، و يجب ان يعرف بانه مجرد بيدق من بيادق لعبة الشطرنج مابين الدول الكبرى،وايضا يجب ان يعرف اردوغان و حزبه الحاكم بان المسالة الكردية اثبتت نفسها بقوة و جدارة بسبب مقاومة و شجاعة الكرد ضد الارهاب الدولى الذى دعمته تركيا و الدول الخليجية،وان حل المسالة الكردية اتية لا محالة رغم انف اردوغان و حزبه الحاكم، و يجب ان يعرف ايضا ان حل المسالة الكردية تعنى نهاية جبروت و طغيان و انفرادية اردوغان و حزبه ليس فى تركيا فقط بل فى كل منطقة الشرق الاوسط.وكل يوم يزداد التعاون و انصار القضية الكردية فى المنطقة و العالم و اكبر دليل على هذه المساعدات و التعاون مع الكرد هو رفع العلم الامريكى فى (( كرى سبى)) فى كردستان رؤزئافا يوم 15/9/2016 كدليل واضح على حماية امريكا للكرد و مناطقهم المحررة و هو بمثابة صفعة قوية لتركيا و سلطان اردوغان و احلامه الشريرة و سياساتها الخاطئة ضد الكرد و طموحاتهم و حقوقهم المشروعة.
&

كاتب كردى من كردستان العراق

[email protected]