الكوكب النادر أو الجوهرة الوحيدة في الكون المرئي:

&على النقيض من فرضية تعدد الكواكب الأرضية الشبيهة بكوكبنا، هناك أنصار أطروحة الكوكب النادر أو الفريد من نوعه وهو الأرض، الذي توفرت له بمحض الصدفة، جملة من الظروف التي ساعدته على أن يحتضن الحياة بين جوانبه، بل وأكثر من ذلك وفر لها سبل النمو والتكاثر والبقاء لتتطور وتغدو حياة عاقلة وذكية. فالأنظمة الشمسية في مجرة درب التبانة لا تتساوى في سبل الحماية وشروط ظهور الحياة في أحضانها. فلكل مجموعة شمسية موقعها المميز داخل المجرة، فهي قد تكون في الأطراف والضواحي البعيدة، أو قريبة من المركز. وكلما كانت قريبة من مركز المجرة كلما زادت نسبة تلقيها من إشعاعات إكس rayons X، وإشعاعات غاما rayons gamma، وهي إشعاعات مميتة للمكونات العضوية les organismes الحية، لذا من الأفضل تفادي التواجد في المناطق النجمية الكثيفة، وذلك لعدة أسباب، منها، أن النجوم الضخمة والهائلة لا تعيش طويلاً وتنهي حياتها في إنفجارات مهولة، وكذلك الاضطرابات الجاذبية أوالتقلبات الثقالية perturbations gravitationnelles، التي تولدها كتل النجوم الضخمة المتقاربة وتسلطها على الأجرام الصغيرة كالمذنبات والنيازك والكواكب القزمة التي يمكن أن تقذف خارج مداراتها وتتحول إلى أجرام سيارة مميتة أو قاتلة عند اصطدامها بغيرها. وفي نفس الوقت لا ينبغي التواجد بعيداً جداً عن مركز المجرة حتى لا تعاني الأجرام السيارة من ندرة أو فقدان العناصر الثقيلة اللازمة لتكوين الكواكب الصخرية. هذه هي النغمة التي تتردد على ألسنة علماء الفلك والفيزياء الفلكية وعلماء الكونيات الذي يصفون الأرض بأنها الكوكب المعتدل النادر، planète Boucles d'Or، فمن حسن الأرض أنها ولدت من رحم شمس، فلا هي بالكبيرة ولا هي بالصغيرة القزمة، ففي الحالة الأولى تكون الشمس العملاقة قد استهلكت كامل وقودها قبل أن تتيح الفرصة للأرض لكي تولد وتظهر للوجود، وفي الحالة الثانية كان سيتعين على الأرض الوليدة أن تكون أقرب بكثير مما هي عليه الآن من الشمس لكي تبقي الماء فوق سطحها في حالة سائلة، وفي هذه الحالة تتعرض دوماً لمخاطر التوهجات والمقذوفات الشمسية éruptions solaires. والحال هذه، غدت شمسنا نجماً مثالياً، وفوق ذلك كله، تواجد الأرض في المنطقة المناسبة، منطقة السكن la zone d'habitabilité القابلة للحياة وعلى المسافة المثالية أيضاً بينها وبين الشمس، مما أتاح لها إمكانية الاحتفاظ بمائها على هيئة سائلة، وهو شرط اعتبر أساساً ولا بد منه لظهور الحياة، وبخلاف ذلك يتبخر الماء، وهو المصير الذي واجهه كوكب فينوس، المعروف خطأ بنجمة الراعي أو نجمة المساء étoile du berger، إلى جانب ضرورة وجود قمر يعمل على استقرار وتوازن محور دوران الأرض.&

لماذا لا توجد حياة في كل مكان في الكون المرئي وفي جميع نجومه وكواكبه؟

الفرضيات السائدة تقول أن الحياة انبثقت من الحساء البدائي، بعد تعرضها لصواعق كهربائية كانت بمثابة الطاقة المحفزة لبدء التفاعلات الحيوية والكيميائية ولكن لا أحد يعرف ما إذا كان ذلك قد حدث بمحض الصدفة أم بتخطيط مسبق ومتعمد، المهم هو أن ذلك تم وفق جملة من القوانين الأساسية للطبيعة.

فمن وجهة نظر الفيزياء، هناك فرق جوهري واحد بين الكائنات الحية و غير الحية ألا وهو تعاطي كتل من ذرات الكربون، بعضها يميل على نحو أفضل بكثير من غيرها في التقاط الطاقة من بيئتها و تشتيت تلك الطاقة على شكل حرارة. وقد قام العالم البريطاني جيريمي بريتون الأستاذ المساعد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، باشتقاق صيغة رياضية يعتقد أنه بموجبها يمكن تفسير هذه القدرة. وتتلخص هذه الصيغة الرياضية، حسب أسس الفيزياء المعمول بها، بحصول تفاعلات كثيرة، ينفرز منها ويدل، مجموعة من الذرات، تقاد بواسطة مصدر خارجي للطاقة ( مثل الشمس أو الوقود الكيميائية ) و تحاط بحمام الحرارة (مثل المحيط أو الغلاف الجوي)، وبالتالي، و في كثير من الأحيان، تقوم تلك التركيبات الناجمة من التفاعلات بإعادة هيكلة تدريجية لنفسها من أجل تبديد متصاعد للمزيد من الطاقة. وقد يعني هذا أنه في ظل ظروف معينة، يكتسب الأمر حتما السمة الأساسية المادية المرتبطة بالحياة.

كريستيان بيترز:

ففي تجربة مختبرية على الخلايا من أفينات الطحلب Plagiomnium مع البلاستيدات الخضراء المرئية، تتشكل العضيات التي تجري عملية التمثيل الضوئي من خلال التقاط أشعة الشمس. تبدأ العملية مع أجمة عشوائية من الذرات، ومع توفر تألق الضوء المسلط عليها لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فإنه لا ينبغي أن يكون من المستغرب جدا أن تحصل على نوع من النباتات البدائية. وهذه الفرضية ليست بديلة لنظرية داروين حول النشوء والارتقاء والتطور عن طريق الانتقاء الطبيعي، لكنها توفر وصفاً قوياً للحياة على مستوى الجينات الحية، ما يعني أن الفرضيات الداروينية ليست خاطئة، بل على العكس، ولكن من وجهة نظر الفيزياء يمكن اعتبار نظرية التطور الداروينية حالة خاصة من ظاهر أعم وأشمل.

وقد شكلت هذه الفرضية الجديدة خطوة شجاعة جدا ومهمة جدا "، كما قال الكسندر غروسبيرغ Grosberg Alexandre، أستاذ الفيزياء في جامعة نيويورك الذي تابع العمل في انجلترا منذ مراحله الأولى. وقال Grosberg أن لديه " أمل كبير " في أن هذه الفرضية التجديدية قد تحدد مبدأ المادية الكامنة الدافعة كأصل و تطور للحياة. وتعتبر النتائج النظرية لفرضية جيريمي بريتون في الفيزياء الحيوية في مختبر الفيزياء الكيميائية عموماً صالحة وأصيلة وأفكاره مثيرة للاهتمام وواعدة كما قال يوجين شاكنوفيتش Shakhnovich، أستاذ الكيمياء والبيولوجيا الكيميائية والفيزياء الحيوية في جامعة هارفارد، فهذه الصيغة ربما تمثل القوة الدافعة وراء فئة من الظواهر في الطبيعة التي تشمل الحياة بيد أنها لا تزال غير مؤكدة. ولكن بالفعل، هناك أفكار حول كيفية اختبار هذا التفسير في المختبر.

وقد قام فريق العالم جيريمي بريتون وزملائه، عبر محاكاة جهاز الكمبيوتر، بتبيان نظام من الجسيمات المحصورة داخل السائل اللزج الذي يؤمن مصفوفة الجسيمات الفيروزية المدفوعة من قبل قوة تتأرجح، مع مرور الوقت ( من أعلى إلى أسفل )، وبوجود قوة تتسبب في تشكيل المزيد من السندات بين الجسيمات. القانون الثاني للديناميكا الحرارية موجود في قلب فرضية جيريمي بريتون، والمعروف أيضا باسم قانون زيادة الانتروبي حيث تباشر الأشياء الساخنة بالبرودة، وينتشر الغاز عن طريق الهواء، وتحصل حالة من التدافع حيث تميل الطاقة إلى تفريق الجسيمات التي انتشرت مع مرور الوقت. والكون هو مقياس هذا الاتجاه،أي قياس كيف فرقت الطاقة بين الجسيمات في هذا النظام، وكيف تنتشر تلك الجزيئات في جميع أنحاء الفضاء. كما أنه يزيد من احتمالية هذه المسألة البسيطة: هناك المزيد من الطرق للحصول على الطاقة إلتى انتشرت من أجل أن تكون مركزة. وهكذا، كما هو حال الجزيئات في نظام التحرك و التفاعل، فإنها، من خلال الصدفة، تميل إلى اعتماد التكوينات التي تنتشر الطاقة فيها. وفي نهاية المطاف، وصول النظام في حالة من أقصى الكون تسمى حالة " التوازن الحرارية "، حيث يتم توزيع موحد ومتسق ومتماثل للطاقة. وهذا ليس بالجديد فقد جادل عالم الفيزياء الكمومية أو الكوانتية إروين شرودينغر بدراسة مؤثرة نشرت في كتاب " ماهي الحياة" سنة 1944 بشأن فرضية التوسع الكوني، قائلاً: أن هذا هو ما يجب أن تفعله الأشياء الحية. كالنباتات، على سبيل المثال،التي تمتص أشعة الشمس بعملية حيوية للغاية، تستخدم لبناء السكريات، وإخراج ضوء الأشعة تحت الحمراء، وهو شكل مركز للطاقة أقل بكثير من المعتاد. المحيط الكلي للكون يزداد خلال عملية التمثيل الضوئي كما تبدد أشعة الشمس طاقتها، وحتى النبات يمنع نفسه من التحلل من خلال الحفاظ على بنية داخلية منظمة".

الحياة لا تنتهك القانون الثاني للديناميكا الحرارية، ولكن حتى وقت قريب، كان شرودينغر غير قادر على استخدام الديناميكا الحرارية لشرح السبب في أنه ينبغي أن تنشأ في المقام الأول سيرورة فيزيائية يمكن أن تحل معادلات الديناميكا الحرارية فقط لأنظمة مغلقة موجودة في حالة توازن. ولكن سلوك الأنظمة التي لا تزال بعيدة عن التوازن، مرتبط بالبيئة الخارجية و بقوة مدفوعة بمصادر خارجية للطاقة، لا يمكن التنبؤ بها، كما أشارإلى ذلك عالم الفيزيائي البلجيكي إيليا بريغوجين ( الذي فاز بجائزة نوبل في الفيزياء 1977) سنة 1960 بتحقيق التقدم على توقع سلوك النظم المفتوحة الضعيفة المدفوعة من مصادر الطاقة الخارجية مثل الموجات الكهرومغناطيسية.

تغير هذا الوضع في أواخر 1990، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عمل كريس جارزينسكي Jarzynski، الأستاذ في جامعة ميريلاند،، والذي يعمل الآن في مختبر لورنس بيركلي الوطني. أظهر كريس جارزينسكي أن الكون نجم عن سيرورة تنتجها العملية الحرارية، مثل عملية تبريد كوب من القهوة، وذلك وفق معادلة بسيطة: احتمال أن الذرات ستخضع لتلك العملية مقسوما على احتمال حدوثها من خضوعها لعملية عكسية (أي، التفاعل بشكل عفوي في مثل هذه الطريقة ). كما يزيد من إنتاج المادة في الكون، لذلك ووفقاً لهذه النسبة: يصبح سلوكاً منظماً أكثر وأكثر و" لا رجعة فيه ". وهذه الصيغة، ومع كونها صارمة بسيطة إلا أنها يمكن من حيث المبدأ أن تطبق على أي عملية حرارية، بغض النظر عن مدى السرعة أو البعد عن التوازن. فمفاهيمنا عن توازن الميكانيكا الإحصائية تحسنت كثيرا "، حسب غروسبيرغ Grosberg الذي تخصص وخاض غمار كل من الكيمياء الحيوية و الفيزياء، في مختبره الخاص في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا و قرر تطبيق المعارف الجديدة في الفيزياء الإحصائية على علم الأحياء.

استخدام جارزينسكي Jarzynski ' صياغة رياضية، قال انها مشتقة من تعميم القانون الثاني للديناميكا الحرارية لكي يحمل لنظم الجسيمات بعض الخصائص: إذ أنها هي التي تحرك أنظمة بشدة بفعل مصدر خارجي الطاقة مثل الموجات الكهرومغناطيسية، ويمكن تفريغ الحرارة إلى المحيط الساخن. هذه الفئة من النظم تشمل جميع الكائنات الحية. وقد تم تحديد كيف تميل هذه الأنظمة لتتطور مع مرور الوقت لأنها تزيد إمكانية التكرار. " ومن هذه الصيغة الرياضية يظهر أن النتائج التطورية الأرجح ستكون تلك التي استوعبت و بددت المزيد من الطاقة كما هو الحال مع محركات الأقراص الصلبة الخارجية، و البيئة في طريقها إلى الوصول إلى ذلك. ولقد بات من المنطقي التفكير ببديهية أن الجزيئات تميل إلى تبديد المزيد من الطاقة عندما يتردد صداها مع القوة الدافعة، أو التحرك في الاتجاه الذي يدفع لها، و أنها أكثر عرضة للتحرك في هذا الاتجاه في أي لحظة.

" وهذا يعني أن كتل من الذرات تكون محاطة بما يشبه الحمام بدرجات حرارة متباينة، مثل الجو أو المحيط، يتعين أن تميل مع مرور الوقت لترتيب نفسها ليتردد صداها أفضل فأفضل مع مصادر الأعمال الميكانيكية، الكيميائية أو الكهرومغناطيسية في مختلف البيئات.

&

البداية المجهولة:

مايزال إلى اليوم ظهور العنصر الحي في الوجود لغزاً بالنسبة للعلم الحديث.هناك بعض المؤشرات والمداخل الافتراضية تساعدنا على تكوين فكرة تقريبية عن الطريق الذي سلكته المادة لتصنع الجزئيات macromolécules الأولية للحياة وهي البروتينات protéines، و الحمض النووي ADN، بغية تنظيم نفسها في خلايا قابلة للإنقسام الذاتي والتكاثر البدائي من خلال ذلك.

كانت مسألة الخلق المادي للكون démiurge، وكيفية الإنتقال من الجماد اللاحي inanimé، إلى الحي المفعم بالحياة animé، هي التي تطرح نفسها بإلحاح على عقول العلماء وتقلق مضاجعهم. كيف يمكن تحويل العناصر البسيطة جداً التي تشكلت مباشرة بعد الانفجار العظيم، أو التي تشكلت في قلب النجوم الأولية، على هيئة كينونات مجهرية عضوية قادرة على بناء وإعادة بناء نفسها وفق برنامج تبادلات بين المادة والطاقة والمحيط البيئي المغلف لهما، ومن ثم القدرة على التكاثر والاستنساخ reproduire، وهنا يتجلى ثراء علم الأحياء أو البيولوجيا La biologie، ويمكننا أن نتخيل أن جسم الكائن البشري يحتوي على عدد من الخلايا يعادل أو يزيد على عدد النجوم في مجرة واحدة كدرب التبانة.

تكرار الذات المجهرية autoréplication:

في القرن التاسع عشر، أعلن العالم الفرنسي باستور بأن الحياة لا يمكن أن تظهر على نحو عفوي من المادة. لذلك تم الفصل بين نوعين من المادة، من جهة، هناك المادة الجامدة أو الجماد inerte، التي تخضع لقوانين ميكانيكية محضة، وهناك المادة الحية vivante، التي تتمتع بخصائص ومزايا شبه إعجازية، كالاستقلالية الذاتية والانتخابية والتكاثر أو إعادة الإنتاج الذاتي والقدرة على الحركة. فهناك الأحجار والصخور والجبال والنجوم، وهناك النباتات والحيوانات والبشر. وكلها تعيش متجاورة على الأرض ولكل منها قوانينها وسلوكياتها وتفصل بينهما هاوية abime، وكان أول جسر يربط بين عالم الجزئيات الخاملة أو الجامدة molécules inertes، وكيمياء الأحياء، قد اقيم في نهاية القرن التاسع عشر. فقد قام علماء كيمياء بجمع وترتيب وتركيب مجموعة من الذرات المختلفة، داخل المختبر وصنعوا جزيء سبق اكتشافه في بول الحيوانات. ومن ثم اكتشف العلماء تدريجياً أن المادة تتجلى في مختلف المستويات التنظيمية، من البنية الأكثر بساطة إلى البنية الأكثر رقياً وإتقاناً sophistiquées، وإن هناك استمرارية بين مختلف المستويات. وتنتقل المادة عفوياً من مستوى إلى آخر، من المستوى المجهري المكيروسكوبي إلى المستوي المجري الكوني، من اللامتناهي في الصغر إلى اللامتناهي في الكبر. ففي المستوى المجهري تتجمع الذرات مكونة بنية تمتص وتبث الضوء، وفيما بعد فإن الجزيئات الناجمة عن عملية التفاعل هذه، والمكونة من الذرات، تتذبذب وتدور حول نفسها، وتنطوي على نفسها وتتلوى se contorsionnent، وفي المستوى الماكروسكوبي الكبير تتشكل المجرات من النجوم وتولد بدورها نجوم جديدة من الغازات ما بين النجمية المتحركة بسرعة جنونية، وترافق النجوم كواكب وأنظمة شمسية على غرار مجموعتنا الشمسية التي استمرت علمية التطور وتنظيم المادة على سطح أحد كواكبها وهو الأرض إلى ابعد الحدود الممكنة وأرقى المستويات التطورية ألا وهي الحياة الذكية العاقلة المتمثلة بأعقد شكل لها ألا وهو الدماغ البشري الذي يتساءل ويطرح السؤال على نفسه ماهي الحياة وماهو الكون؟ أي إن الحياة هي أحد اشكال التنظيم الراقي للمادة في إطار عملية تركيب معقدة وفائقة للغاية متنامية ومستمرة، وإن هذه الاستمرارية هي التي تطرح إشكالية عندما نحاول تقديم تعريف علمي شافي ووافي للحياة. وفي سنة 1871 تخيل الأب الحقيقي لنظرية التطور والانتخاب الطبيعي شارلس دارون الجواب في رسالة أرسلها لصديقه العالم والخبير الزراعي دالتون كوكر قال فيها:" في بعض المستنقعات الدافئة أو الساخنة، وبوجود عدة أملاح وآمونياك وحمض الفوسفوريك والضوء والحرارة والكهرباء الخ.. يمكن أن نركب كيميائياً البروتين protéine، والذي سيتعرض لجملة من المتغيرات المعقدة والمركبة أكثر فأكثر". وهي الكيمياء السابقة لانبثاق الحياة والضرورية لها في آن واحد لأنها تنشيء نوعاً من الحساء البدائي الأولي soupe primordiale، حيث قام عالم أحياء أمريكي شاب يبلغ من العمر 23 سنة عام 1953، وهو ستانلي ميللر Stanley Miller، بتهيئة الظروف الأولية التي كانت متوفرة على الأرض لحظة انبثاق الحياة على الأرض قبل بضعة مليارات من السنين، ولكن في المختبر هذه المرة، ووفر خليط من الميثان والآمونياك والهيدروجين وبخار الماء وعرض الخليط لإشعاع برقي كهربائي محاكياً العواصف القوية العنيفة بغية تقديم الطاقة اللازمة للتفاعل البيولوجي المنشود. وبعد مرور بضعة أسابيع حصل ميللر في المختبر على خميرة brouet، صفراء اللون تحتوي على الأحماض الأمينية acides aminés، وهي الجزيئات الأساسية للحياة، واللبنات الأولى للأحماض النووية acides nucléiques، والأنزيمات les Enzymes، وهي مادة البناء الأولية للـ ADN، الحمض النووي، والـ ARN في العناصر العضوية الحية.

يتبع