&
العطاء قيمة انسانية غالية، ومفهوم من المفاهيم الأكثر شيوعاً من الناحية اللفظية بين البشر، ولكن تطبيقه على أرض الواقع يظل مرهون بقيم ومبادىء انسانية أخرى عميقة مثل حب الخير والايثار وغير ذلك من قيم رفيعة تضمن للانسان أن يحتفظ بذاته وهويته وسط متغيرات العولمة الجارفة ورياح التغيير العصرية العاتية.
العطاء أيضاً هو واحد من أهم القيم التي ارتكز عليها البناء الاتحادي لدولة الامارات، فالوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان يفكر في بناء الدول مثلما يفكر حالياً القادة الاستراتيجيون والمنظرين الأكاديميين، حيث أدرك بفطرته القويمة أن الضمان الأساسي لتماسك الاتحاد الذي يبتغيه يكمن في توافر مرتكزات أخلاقية تضمن تماسك دعائمه المادية، فكانت جهوده متواصلة في غرس روزنامة المبادىء والقيم الانسانية التي لا تزال قيادتنا الرشيدة تستقي منها أفكارها وفلسفة عملها، حيث يدرك أي دارس للعلوم السياسية والتاريخ أن النهج الانساني في دولة الامارات والبعد الانساني في سياستها الخارجية قد ولد مع تأسيس الدولة، واستمر وتواصل حتى احتلت الامارات صدارة دول العالم على صعيد المساعدات الانسانية وأصبحت عاصمة العالم الانسانية.
هذا العطاء الذي يولد به أبناء الامارات ليس شعارات ترفع ولا كلمات تغنى ولا عبارات ترددها الصحف، بل سلوك يمشي على الأرض في هذا البلد الطيب، فنحن ندرك في الامارات أن لدينا كنوزاً أهم من النفط والثروات والموارد الطبيعية، أهمها الانسان، لذا كان الاهتمام بالثروة البشرية وتنميتها وبنائها بالقدر ذاته من الاهتمام الذي تبنى به المشروعات الجبارة والبنى التحتية العالمية.
بناء الانسان يعني بالضرورة أن يكون لديك منظومة قيم تربوية تغرس في النفس البشرية، وهنا فقط يبدو أبناء الامارات على يقين من دربهم، درب الخير والعطاء، فأبناء الامارات قد نشأوا وترعروا على حب الوطن وترابه، والحب يلازمه العطاء والتضحيات بأغلى ما نمتلك.
العطاء للوطن ليس فقط قيمة انسانية راسخة في وجدان أبناء الامارات، ولكنه أيضاً سلوك يعبر عن الولاء والانتماء للوطن والقيادة والاستعداد للتضحية من أجل تراب هذا الوطن، فنحن نؤمن بأن الامارات التي اعطتنا كل شىء بدون مقابل تستحق منا أن نمنحها أغلى ما نملك ولا نفكر قيد أنملة في أرواحنا ودمائنا وأهلنا وأسرنا حين يكون الواجب الوطني في كفة، وكل ماسبق في كفة أخرى.
شهداؤنا الأبرار في اليمن وأفغانستان، وفي جميع ساحات الحق والواجب كانوا يدركون حين ذهبوا إلى مهاهم العسكرية والانسانية والاغاثية أنهم يعملون في بيئات صعبة وأحياناً خطرة، كما في ميادين الدفاع عن الحق والمبادىء والشرعية الدستورية كما هو الحال في اليمن الشقيق، ولكنهم يدركون أيضاً أن الوطن الذي نعتز بحمل هويته ينادينا ويطلب منا أن نحمل اسمه ونرفع رايته ونؤدي الواجب الانساني بحق أخوة لنا في الانسانية من فقراء ومحتاجي دولة شقيقة مثل أفغانستان.
عندما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أن العطاء طريقنا لاعلاء راية الوطن في ميادين الحق والواجب والانسانية، فهو يدرك أن كلماته ستغرس في نفوسنا ونفوس أبنائنا وترسم الطريق وتنير الدروب لأجيال الامارات كافة، فأبو خالد يدرك قدره وقيمة كلماته في نفوس أبناء الامارات، فهي وسام على الصدور ومكانها الطبيعي في داخل الافئدة والقلوب، وأبناء الامارات كافة من أقصاها إلى أدناها لا يمتلكون سوى القول "لبيك أبا خالد"، فعطاؤنا لن ينضب وأرواحنا فداء لوطننا وقيادتنا الرشيدة.
يدرك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن دبلوماسيي الخير الذين اغتالتهم يد الارهاب الآثمة في أفغانستان كانوا يعلمون من أجل إعلاء قيم انسانية رفيعة ومساندة ودعم شعوب شقيقة يكاد العالم أن ينساها ويتجاهل معاناتها المزمنة، لذا فإن سموه ذهب ليقدم واجب العزاء في شهداء الامارات، برأس الخيمة والشارقة، وكان كعهدنا به دائماً، الأب الحنون والأخ الأكبر والقائد الانسان، الذي نشعر جميعاً معه بالأمان، ونثق أن مبادىء زايد الخير، طيب الله ثراه، لا تزال وستبقى إن شاء الله حية بيننا، فأبا خالد، حفظه الله، أعلنها مدوية أن الامارات لن تتخلى عن واجبها الانساني بسبب الأعمال الجبانة والخسيسة، وأن الأيادي البيضاء ستظل ممدودة لذوي العوز والحاجة، معتبراً ذلك فرضاً انسانياً علي الامارات وأهلها، وواجب تؤديه بكل شرف واعتزاز.
هذه القيم الانسانية الرفيعة التي يغرسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نفوس أجيالنا الجديدة هي نهج الامارات الذي تتوارثه أجيالنا، فالخير في أرض الامارات نبت لا ينضب وموروث مستدام، فطريق العطاء هو سبيلنا لرفع راية وطننا، وإيماننا بقيمة العطاء يجعلنا دائما نشعر بأننا تطورنا وتقدمنا التنموي لن ينسينا واجباتنا الانسانية تجاه الآخرين في مختلف مناطق العالم، ومن دون تفرقة بين لون وعرق ودين.
&
&