بعد 64 يومًا من الثورة&والغضب الشعبي العارم في لبنان،&وأثر مماطلةٍ&أمتدَّت أسابيع&وتسويفٍ&أدى إلى تأجيل الاستشارات النيابيّة&لتكليف رئيس جديد مرتيْن، تمّأخيرًا&تكليف الوزير السابق حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة بأكثرية 69 صوتاً&من أصل 128&صوتٍ،&فيما&نال السفير نواف سلام 13 صوتاً، ونالت الدكتورة حليمة القعقور صوت النائبة بوليت&يعقوبيان، بينما امتنع عن التسمية 43 نائباً من كتل المستقبل والقوات اللبنانية والكتلة الوسطية وعدد من النواب المستقلين أبرزهم النائب اسامة&سعد والنائب شامل روكز الذي خالف&عمّه رئيس الجمهورية وعديله الوزير جبران&باسيل.&

إذن تمّ&تكليف دياب&بدعم واضح من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ،&أي بتأييد مباشر من القوى التي ناهضت الثورة،&وعملت على قمع المتظاهرين بدفع ميليشياتها من القمصان السود لحرق&ساحات الاعتصام&ومهاجمتها&وشتم كل ناشطٍ&طالب بأدنى حقٍّ&من حقوقه الآدميّة.

وخيرًا فعل الرئيس السابق سعد الحريري بانسحابه&اذعانًا لرأي الشارع المُطالب برحيل كل الطبقة&الحاكمة&عن بكرة أبيها&بما فيها الحريرية السياسية،&إلا أنّ&تسمية الرئيس المكلف&حسان دياب&المحسوب على العهد تؤكد أن لا أمل يلوح في الأفق، فقد أصبحت&الأمور برمّتها الآن&بيد فريق سياسيّ&واحدٍ، وفعليًّا باتت الرئاسات الثلاث بيد حزب الله الحاكم&الفعلي للبنان!

لقد سقطت ورقة التوت التي كان خلفها يتستّر حزب الله، وانهارت الواجهة المنمّقة التي كانت الخارجية اللبنانية تستجدي&من خلالها الدّعم الدوليّ&للاقتصاد المنهار.&ذاك الاقتصاد الذي انهكه الفساد المستشري للطبقة السياسية من جهة، كما انهكه حزب الله عبر استعمال لبنان مركزًا لغسيل الأموال الإيرانية والسورية&وسائر الجهات&الداعمة للإرهاب&التي تفرض دول العالم حصارا اقتصاديًّا عليها؛مما جعل القطاع المصرفي اللبناني في مهب الافلاس فقد اعلن&"ستاندرد&آند بورز"&عن&تخفض تصنيف&ثلاثة بنوكلبنانية بعد&تعديل آلية تسديد الفوائد&مما&يعدّ تعثّراً&ويكشف&حجم انكشاف هذه المصارف على الديون السيادية اللبنانية، اضافة الى الاجراءات&البنكية الاستباقيّة&التي فُرضت قبل أسابيع لإدارة ازمة السيولة&النقدية.

نعم، فإن هذا الفريق المسيطر&الذي يُجاهر بصلته المباشرة بإيران وبتمويله المباشر منها،&يريد رئيسًا للحكومة يستطيع أن يلمعّ واجهة لبنان&في المحافل الدولية ويشحد المعونات النقدية والمساعدات التمويلية&دون أن يغير من واقع&الفسادشيئًا.&

وفي وقتٍ يُعاني اللبنانيون من الأزمات الخطرة في مرحلة بالغة الدقّة تستلزم&خطوات نوعية&بالغة الجرأة، وتتطلب&شخصًا استثنائيًّا،&فإن تكليف حسان دياب جاء مُحبطًا وصادمًا&للبنانيين&بكل المعايير!&مما ينذر بتشكيل حكومة مواجهة بدلاً من حكومة إنقاذ.&

وهذا&أسلوب الطغاة المعهود في قمع الثورات، يستبدلون الوضع السيئ بالوضع الأسوأ منه،&بحيث يشعر الشعب الثائر ان وضعه قبل الثورة كان أفضل&من حاله&بعدها!&وهنا كارثة الكوارث؛&فإلى أين نحن ذاهبون؟&وَعن أيّ حكومة يتكلمون؟&

السلطة التي استمرت في طغيانها وسارعت إلى بناء الجدران&الإسمنتية&لتفصل المجلس&النيابي عن الشعب الحزين الغاضب، مستخدمة كل أساليب التقسيم الطائفي&والتخوين&والتفتيت بتخويف المنتفضين بهجمات العناصر الحزبية، في وقت أظهر فيه المتظاهرون&وحدة وطنية رائعة عابرة للطوائف كلها، تمت "الإستشارات"&لتّتمخضَ عن تكليفٍ&لتأليف حكومة " ذو لون واحد"&&بمباركة معلنة من&الولي الفقيه!&

وَ على الرغم من تَقديم الرئيس المكلّف نَفسه بأنه "مستقّل" إلا أن تسمية حزب الله ودعمهم له كفيلا بأن&يثير الريبة، لا سيما في بلدٍ كلبنان لا يترأس فيه أحدٌ منصِبًا &إلا إذا وافق "وليّ النعمة السياسي"!&فَعن ايّ استقلالية قرار يتكلمون؟&

وَعلى الرغم من أن الرئيس المكلف&أعلن أنه مع مطالب الثوار قائلا:&"انتفاضتكم تمثلني كما تمثل كلّ الذين يرغبون بقيام دولة حقيقية"،&إلا أننا لا&نجد له موقفًا علنيًّا&أو تصريحًا&واحدًا داعمًا للانتفاضة صدر عنه طوال المدة الفائتة! فَعنْ اي تمثيل يتكلمون؟&

الأيام القادمة سوف تحمل الكثير وسط &توقعات بأن لبنان ذاهب إلى حكومة مواجهة .

فهل سيخضع الثوار لإرادة الحزب&والعهد؟ &أم أن الشعب سيرفض أن يكون جزءًا من مسرحية&سوداء؟&فالشباب&المنتفض اكتوى من ألاعيب الطبقة السياسية &واكتشف خداعهم المستمرّ له&ولم يعد يرضى بأقلّ من حكومة اختصاصيين تمهد لانتخابات نيابية مبكرة.