ترى مصادر فرنسية رفيعة أنه رغم التطورات على الأرض في غزة هناك للمرة الأولى إمكانية للتوصل الى هدنة ووقف اطلاق النار، وأنه ينبغي الاستفادة من هذه اللحظة. ولكن هذه المصادر كشفت ان كل ما وجهته باريس من رسائل للتهدئة ولوقف اطلاق النار الى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته كان جواب تل أبيب عليه ان إسرائيل ستهاجم رفح بأي حال.

وأشارت المصادر الى أن باريس قلقة من خطاب الجانب الأميركي الذي يشير الى تقليص خطورة المرحلة الثانية من الحرب والهجوم الإسرائيلي على رفح، اذ اصبح الكلام الأميركي يشير الى هجوم مصغر فحسب، علماً أن استراتيجية الأميركيين مع الإسرائيليين هي كسب الوقت عبر القول لهم "نحن لا نرفض الهجوم على رفح، لكن تنبغي مناقشة الظروف الإنسانية"، والمسؤولون الأميركيون مستمرون في القول للإسرائيليين إن الشروط لم تكتمل بعد للهجوم، ولكن في النهاية هناك اتجاه لقبول ما يسمونه "هجوماً مصغراً". في المقابل تقول باريس بوضوح إن أي هجوم على رفح يعني كارثة إنسانية مع تمركز السكان الكثيف فيها. فبالنسبة إلى باريس هي عملية إذا حصلت، كما يؤكد للفرنسيين جميع المسؤولين الإسرائيليين، لا يمكن أن تتم بشروط إنسانية مقبولة.

فحسب،

أما بالنسبة الى الوضع في جنوب لبنان وتجنب التصعيد فذكّرت المصادر بأن فرنسا قدمت خطتها لعدم التصعيد إلى الإسرائيليين واللبنانيين، من منطلق أنها ترى خطورة انتقال إسرائيل بعد الهجوم على رفح إلى لبنان. التحليل الفرنسي يفيد بأنه سيصعب على الإسرائيليين فتح جبهة رفح وجبهة لبنان في الوقت نفسه. وتفيد المصادر بأنه بناء على الحسابات العسكرية الإسرائيلية سيستغرق الهجوم على رفح شهراً أو شهراً ونصف الشهر.

وبعد ذلك سيتحولون الى فتح جبهة لبنان.

وترى باريس، بحسب المصادر نفسها، أنه إذا حصلت هدنة في غزة هناك فرصة للقيام بجهد دبلوماسي على مستوى الوضع مع لبنان تنبغي الاستفادة منه، لكن اذا فشل التوصل الى هدنة في غزة هناك خطر ان تكون الخطة الإسرائيلية تنفيذ الهجوم على لبنان بذريعة أن هناك 90000 نازح من شمال إسرائيل لا يمكنهم العودة الى بيوتهم بسبب تهديدات "حزب الله". ولفتت المصادر الى ان "حزب الله" رد على الفرنسيين بأنه مستمر في توحيد ساحة لبنان مع ساحة غزة، رغم ان الجميع في لبنان يقول انه مهتم بالحل الدبلوماسي ويرفض الحرب الإقليمية. وتعتقد باريس ان هناك إمكانية للعمل على نقاط في قرار مجلس الأمن 1701 للتوصل الى اتفاق يتم قبوله من لبنان وإسرائيل، لكن شرط الا تقوم إسرائيل بالهجوم على لبنان، الذي يصر عليه جزء من الطاقم الحكومي في إسرائيل. اما التعديلات التي طلبها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي على الورقة الفرنسية فتشير الى رغبة اللبنانيين بالاستمرار في العمل الدبلوماسي للتوصل الى اتفاق بوقف التصعيد وتجنيب لبنان الحرب.

وتلاحظ المصادر الفرنسية ان المسؤولين اللبنانيين ليسوا قلقين بما يكفي، باستثناء الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط الذي استضافه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وأضافت المصادر ان الوضع الداخلي في لبنان جامد وليس هناك وعي لدى بعض المسؤولين ان في مثل هذه الأوضاع ينبغي انتخاب رئيس وتشكيل حكومة.

وليد جنبلاط

واستبعدت المصادر ان يستقبل الرئيس الفرنسي مسؤولاً لبنانياً آحر، كما أن زيارة المبعوث الرئاسي جان ايف لودريان للبنان مؤجلة الى ان يحدث تطور على المستوى الرئاسي. وتقول ان الرئيس الفرنسي رغب في استضافة وليد جنبلاط للاستماع الى رأيه في الوضع في لبنان وهو يفكر منذ فترة في كيفية حث اللبنانيين على تحمل مسؤوليتهم وانتخاب رئيس في ظل مخاطر المنطقة الكبرى. وقد اتفق الجانب الفرنسي وجنبلاط على الحاجة الى الاهتمام السعودي الأساسي في مسألة حث الأطراف على التوصل الى انتخاب رئيس للبنان وأهمية السعودية في المنطقة وفي لبنان.

وتناول جنبلاط مع الرئيس الفرنسي موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، وقال انه ينبغي ان يثار الموضوع بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري، لكن المصادر الفرنسية قالت لـ"النهار العربي" ان الرئيس الفرنسي يعلم من أصدقائه العرب الذين طبعوا علاقاتهم مع النظام السوري ان النظام لم يلتزم بما وعد به كلاً من الأردن والسعودية بإيقاف تجارة الكبتاغون وأن لا احد يصدقه. وأعربت المصادر الفرنسية لـ"النهار العربي" عن اهتمام الرئيس الفرنسي بما سمعه من جنبلاط من تحليل للأوضاع الحالية في لبنان، وهو مهتم دائماً بمتابعة الوضع اللبناني بدقة ومن قرب.

من جنبلاط