توصيف «النزيف الدماغي» عادة ما يستخدم لوصف الحالة المجتمعية التي تشهد هجرة أصحاب العقول والمهارات والخبرات إلى خارج بلادهم بسبب ظروف اقتصادية حادة وصعبة تضطرهم لبدء حياة جديدة في بلد جديد. ولكن مجلة هارفارد بزنس رفيو، أحد أهم وأرقى المجلات الأكاديمية المتخصصة في عالم الأعمال، كان لها تفسير جديد ومختلف تماما ولكنه واقعي جدا، وهو يتعلق بوصف خروج قدرات وطاقات وكفاءات هائلة من سوق العمل بسبب موضوع سن التقاعد.
ولعل أهم وأفضل من كتب في هذا الموضوع هو الخبير الاقتصادي الكبير الدكتور إحسان بو حليقة في مقاله القيم بعنوان «من هو المتقاعد»، والذي فند فيه التعريفات المتناقضة لمفهوم التقاعد وكيف أن الخروج الإجباري لتلك الطاقات الهائلة لا يعني فقدان قدرتها الفورية على العطاء والإنتاج والإبداع.
وقد كنت في حديث شيق مع أحد الأصدقاء منذ أيام قليلة عن موضوع التقاعد وخروج الكوادر المنتجة وصاحبة الخبرة المجربة من سوق العمل، فاستشهد صديقي بأمثلة مهمة ولافتة، قائلا: هناك مجموعة مهمة من الوزراء والقيادات تخطوا الستين عاما ويؤدون أدوارهم بجدية وتألق، مثل الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وماجد القصبي، وصالح الجاسر، ويوسف البنيان، وعبداللطيف آل الشيخ، وأمين الناصر، ونظمي نصر، بالإضافة إلى أسماء كثيرة في مجالات مختلفة، وأضاف: ها هو لؤي ناظر ابن الستين عاما يعود لقيادة نادي الاتحاد.
الكفاءات البشرية هي أحد أهم بنود القوى الناعمة لأي بلد، وهي التي تكون مفهوم رأس المال البشري، وبالتالي هذه مسألة تستحق إعادة النظر في التعاطي معها حتى لا يكون هناك تمييز ضد المتقاعدين والتعامل معهم وكأنهم أناس انتهت صلاحيتهم.
التعليقات