لن نستبعد أن تقوم جماعات بإرتكاب حماقات بغرض توريط الأنظمة العربية الصامتة على السياسة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وذلك لتأجيج الصراع العربي الإسرائيلي، ولاشك أن الإرهاب سيعيش بيننا طويلا طالما هناك قضايا معلقة تحظى بالشرعية والمصداقية ولم تجد من يدافع عنها ويكون هدفه نبيلاً ساميا ويطرح بدلاً عنه نظام متطور تحت شعار لا ظلم ولا إرهاب ولا شريعة غاب ولا كيل بمكيالين ولابد أن نؤمن بالعدل ونرد الظلم الذي أوجد الإرهاب.أما من يتخذ الإرهاب كحجة لتبرير الحروب على بعض الشعوب، فهي طموحات توسعية لن تجد إلا ردود فعل قوية ولو بشكل عمليات إرهابية، وماحدث بالامس القريب من تفجيرات في دولة عربية دعانا للتساؤل هل جاءت كرد فعل على عملية "أيام الندم" الجارية في شمال قطاع غزة؟
وطبيعيا أن تتهم إسرائيل الفلسطينيين لتبرير عدوانها القادم بل وستضيف الى القائمة ايضاً عدة تنظيمات لتستمر في بث أكذوبة أنها ضحية، وليس غريباً أن تقوم السلطة الفلسطينية بإدانة الحادث وهي أول من يدين هذه الاعمال، ولكن عندما يكون الضحايا فلسطينيين لم يجدوا غير الصمت الذي يدل بلا شك على العجز بكل أشكاله وهو ليس جديداً ولن نذهب بعيداً بل سنتذكره على الأقل منذ إندلاع إنتفاضة الأقصى مروراً بمجزرة جنين الى الإجتياحات المتكررة الى الإغتيالات الى هدم المنازل على الحدود المصرية الى مجزرة جباليا الى عملية "أيام الندم" وفعلا سيندم العرب كثيراً على الصمت الرهيب وكذلك سيندم الاسرائيليون على العنف ضد الفلسطينيين أن الإنفجارات التي وقعت على الأراضي المصرية جاءت نتيجة للعدوان الإسرائيلي والضحايا معظمهم من الاسرائيليين، وتزامن ذلك مع "عيد المظلة" اليهودي، وفي الوقت نفسه تقصف الطائرات الاسرائيلية بيت حانون في قطاع غزة، وتواصل عدوانها على المواطنين،محدثة دماراً هائلاً في ممتلكات المواطنين، وشبكات المياه، والصرف الصحي، والطرق، وخطوط الهاتف، والكهرباء.
وحسب الاحصائيات فإن ما يزيد عن 68 شهيداً و250 جريحاً حتى تاريخ إعداد هذا المقال هم ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل. ولم نجد طواقم من دول عربية لها علاقات مع إسرائيل تعمل على إستقبال الحالات الحرجة لأبناء الشعب الفلسطيني لتستقبل بدلا منهم السياح الجرحى الاسرائيليين في المستشفيات العربية أي سخرية يحملها هذا القدر الذي اصبح الفلسطيني يعامل كأنه عدو واليهودي يعامل كأنه ضيف يتمتع بكرم الضيافة العربي، فهل صحيح أن الدم اليهودي أغلى من الدم الفلسطيني؟ أم أن الدم الفلسطيني لابواكي عليه!، وقوات الاحتلال تمنع سيارات الإسعاف الفلسطينية من إجلاء الجرحى، وتسمح دول عربية لسيارات الاسعاف والفرق الطبية الاسرائيلية بدخول أراضي عربية لنقل الجرحى وإسعافهم أي مقارنة تلك التي تجعل الحليم حيران جراء مايحدث من عدوان. وتواصل قوات الاحتلال، تشديد تدابيرها العسكرية المتصلة بالحصار والاغلاق للمناطق التي شهدت توافد المئات من المستوطنين وأنصارهم من اليمين الاسرائيلي المتطرف في نطاق احتفالات بمناسبة "عيد المظلة" اليهودي. وقد أغلق الحرم الابراهيمي في وجه المصلين من أهالي المدينة، وذلك بذريعة تمكين المستوطنين من أداء طقوسهم الدينية، ويقوم آلاف المستوطنين بمسيرات صاخبة جابت شوارع القدس بإتجاه حائط البراق، ويرددون هتافات عنصرية ويقوموا بممارسات واعتداءات على أهالي القدس وممتلكاتهم وهم في طريقهم لآداء الطقوس التلمودية في حائط البراق بمناسبة "عيد المظلة" اليهودي.
ومن ذكريات "عيد المظلة" اليهودي ما حصل عام ‎ 1990، والّتي انتهت بمقتل ‎ 20 فلسطينيا وجرح ‎ 53 في ساحة الحرم الشريف بنيران قوات الأمن.
وجاءت الذكرى الاخيرة "لعيد المظلة" اليهودي بمقتل 35 شخصا وجرح حوالي 160 آخرين معظمهم من الإسرائيليين كنتيجة لوقوع ثلاثة إنفجارات وقع الأول في فندق هيلتون ثم أعقبه انفجاران في منتجعي نويبع ورأس شيطان. فهل الأمر يستدعي هذا العدد من الطائرات العمودية وطواقم الإسعاف الكبيرة ومفاوضات إنزال إسرائيلي في جميع المناطق لنقل المصابين الى إسرائيل، هذه الفرق الطبية إسرائيلية تتوجه جواً الى طابا لنقل القتلى والجرحى في الوقت الذي لم تقم أية جهة عربية لنقل المصابين الفلسطينيين من عملية " أيام الندم "، وهناك من يفترض أن بصمات هذه الانفجارات قد تكون فلسطينية أو بصمات القاعدة أو بصمات جماعات متشددة مصرية وإستبعدوا تماماً أن تكون بصمات متشددين يهود..!!.
ونحن نتساءل أين دور المؤسسات الإنسانية الدولية في إيجاد بيوت لأكثر من أربعمائة أسرة فلسطينية منكوبة جراء العدوان على مدينة رفح؟. أما الاسرائيليون فهم يتمتعون بسياحة في فنادق خمس نجوم في الاراضي العربية، هذه التسهيلات العربية للاسرائيليين يقابلها تشديد على الفلسطينيين في كل مكان مما يدل على التنسيق المشترك!!.
ولكن كيف غفل العرب عن هذا العدد الكبير الهائل من الاسرائيليين المتواجدين في سيناء؟ وبقصد السياحة.. اي سياحة لهذا العدد الكبير في "عيد المظلة" اليهودي!.
ولكن ماهو "عيد المظلة"؟ إنه عيد العرش وهو أحد الأعياد الثلاثة التي كان يُحتفل بها بحجّ جماعي إلى الهيكل في القدس، في ذكرى الخروج من مصر (حوالي القرن الـ 13 ق. م.)، ويقدمون فيه الشكر لله، وهو مايدعونا الى الاعتقاد بأن من قام بهذا العمل هم يهود متشددين يريدون إحياء الذكرى على طريقتهم الخاصة لتفعيل الخروج من سيناء في الوقت الحاضر.
ويسافر آلاف الإسرائيليين إلى شبه جزيرة سيناء في مصر وهو مقصد سياحي شهير أثناء عطلة "عيد المظلة" اليهودي. إذاً لم يكن التجمع في سيناء هذه الأيام مجرد صدفة وأي صدفة تجمع بين أكثر من خمسة وأربعون ألف يهودي لإحياء الاحتفالات بأعيادهم ولكن بعد الانفجارات ستطالب أطراف إسرائيلية بعدم أهلية مصر لحماية الامن للإسرائيليين على أراضيها. وهنا نتساءل هل يمكن أن تحفظ مصر الأمن في قطاع غزة أو تقوم بتدريب كوادر فلسطينية هناك؟ إنها خدعة كبرى نحذر منها!
وعندما تكون العلاقات العربية مع إسرائيل في أحسن حالاتها لم تقم هذه الدول بمطالبة إسرائيل بالكف عن عمليات بحق الفلسطينيين، وعلينا أن نتنبأ بردود فعل قاسية من جمبع الأطراف إنتقاما لما حصل لتكبر دائرة العنف والعنف المضاد.
وهنا نتساءل هل المشكلة أصبحت فلسطينية إسرائيلية بحته لا دخل للعرب فيها؟ وإذا كان الامر كذلك فلماذا المبادرات ولماذا إجتماعات الجامعة العربية ومعاهدات الدفاع العربي المشترك التي أصبحت حبراً على ورق بل أصبح مدادها يكتب بدم فلسطيني خالص وعلى أجساد الاطفال الفلسطينيين بدلا من الورق وليس غريباً أن ينقل الاعلام بالبث المباشر والحي من الاراضي المصرية عن المصادر الاسرائيلية فأصبح الاعلام الصهيوني هو الوسيلة الوحيدة لمصادر الاخبار وكأن المنطقة مازالت تحت الاحتلال الاسرائيلي ورغم أن هذه الانفجارات تستهدف التواجد الاسرائيلي الكثيف في المنطقة لأنهم يعيثون في المنطقة فساداً ولولا شعورهم بالامن لما تواجدوا بهذا العدد الكبير.
عندما كانت حملة " أيام الندم " لم نجد غير الصمت ولكن بعد ان حصل قتلى يهود ستقوم الامم بالشجب والاستنكار فكأنما أحدهم خلق من طين والآخر من نار.
وكأنما الدم الفلسطيني المسفوح رخيص والدم اليهودي غالي وستتكالب الامم على الفلسطينيين ليكونوا الخاسر الأكبر ومن المؤكد أن تلصق التهمة بهم لتسوء العلاقة بين مصر والمنظمات الفلسطينية، لتعيد مصر التفكير في تغيير موقفها تجاه العملية السلمية برمتها، وشاهدنا عبر الفضائيات الاستعدادات الاسرائيلية لنقل 15000 اسرائيلي من سيناء والغريب ان هذه العمليات حصلت في وقت تشديد الامن وتبادل المعلومات بين الاستخبارات العربية والاسرائيلية حول السيارات وتبادل المعلومات حول الناس وحماية السفارات الاسرائيلية والاسرائيليين، ونستغرب كيف يسمح لسيارت الاسعاف الاسرائيلية ان تعبر الحدود الى موقع الحادث لان القتلى والجرحى يهود اما عندما يكون الجرحى فلسطينيين فيتم تعطيل سيارات الاسعاف عن انقاذهم داخل بلادهم، ومما يدل على كبر حجم العملية الاستنفار غير المسبوق للتبرع بالدم في اسرائيل لانقاذ الجرحى وكذلك إرسال أكثر من 80 حافلة لإخلاء جميع الاسرائيليين والسؤال الهام هو هل منعت العلاقات الجيدة بين بعض الدول العربية وبين اسرائيل من إيقاف مجازرها ضد هذا الشعب الأعزل؟
ولن ننسى التدخل العربي لجمع بقايا جنود إسرائيليين تم إحتجازهم من قبل فلسطينيين، في الوقت الذي لم يتصل أي زعيم عربي بشارون أو بوش لايقاف العدوان على غزة في حملة " أيام الندم ". وأقول لزعماء العالم نحن في سفينة تعصف بها أمواج الإرهاب فلا تتركوا أحد يخرقها فتغرق في بحر من الدماء، فقبل إحتلال العراق لم يكن بها إرهاب واليوم فيها ينمو ويكبر لأن الفوضى هي التربة الصالحة لنمو الإرهاب.

مصطفى الغريب – الرياض