يحكي الخبر عن عالمين من جامعة هونغ كونغ المتعددة للفنون قاما بتطوير قماش لا يتسخ أبداً، يقوم القماش المطور على يدي العالم وليد داوود وزميله العالم جون كسين بإعادة تنظيف ذاته، بدون مساعدة من أي كان.

طبعا هذا التطور العلمي سيساهم في حل مشاكل مادية وغير مادية تتسبب بها الأوساخ وعمليات الغسيل اليومية التي يقوم بها المرء لتنظيف ملابسه. ولكي تتم عملية التنظيف على المرء شراء غسالة وأدوية تنظيف منها الجيد ومنها الرديء ومنها "أرييل" الذي لا يشبه شارون سوى بالاسم،كما هناك مسحوق "أومو" الذي لا ينتمي لجماعة أل " هومو" أي المثليين. كما هناك عدة أنواع أخرى من المساحيق التي ساعدت وتساعد الناس على تنظيف الملابس من الأوساخ.

الاختراع الجديد كما يلاحظ من اسم مخترعه العالم وليد داوود يعتبر اختراعا عربيا او نصف عربي لأن هناك شريك أجنبي مع العالم العربي. وهذا مشجع وجميل ومفرح، فنحن في العالم العربي نعيش منذ فترة طويلة على مزابل من الأوساخ المحلية والأخرى المستوردة. فأوساخنا كثيرة وحبال غسيلنا وفيرة، نعلق عليها كل ما لدينا من وسخ وعفن وقذارة، بعكس الناس الآخرين، فهؤلاء لا يعلقون على حبال الغسيل سوى الغسيل المنظف جيدا والمعقم وذو الروائح الجميلة.

في بلادنا المحتلة والتي اسمها فلسطين شاءت إسرائيل أو لم تشأ هي وأمريكا وعزرائيل، نحتاج لهذا القماش الجديد، نحتاجه أكثر من الآخرين بكثير فأوساخنا أصبحت واضحة للعيان ومفضوحة بكل ما عليها من عفن السنوات الماضية، وقد انتظرنا هذه اللحظة المخيفة، حيث ان ولي الأمر لم يتعامل مع المخاطر وأسبابها بحكمة بل تركها تتراكم وزادها تعقيدا عبر تمسكه ببعض رموز الاتساخ المرحلي والفساد الاستراتيجي، فهؤلاء لازالوا بقذارتهم المعهودة منذ أصبح لدينا نحن الفلسطينيون رابج للقمامة بشقين، واحد مرحلي والآخر استراتيجي من قادة العمل الوطني ومن ساسة السلطة العتيدة. وهؤلاء رموا نضالات شعبهم الطويلة على مزبلة المرحلة وبحضور رئيس اكبر وأقوى دولة في عالم المزابل الدولية، فهم من وضع الميثاق الوطني الفلسطيني ونضالات سنين من عمر منظمة التحرير الفلسطينية في رابج الأمم الواقعية والعقلانية، ثم وقفوا وقرأوا الفاتحة بالعربية والعبرية على القضية الفلسطينية. وصفق الحاضرون بحرارة وتبادلوا القبل والتهاني، ظنا منهم ان دولة العشاق والشهداء والأماني التي تطلع من حجر ستطلع من يد كلينتون. فلا الدولة طلعت ولا الحكم الذاتي اغتسل من فساد واتساخ الترهل والعجز والارتهان والعوامل الطبيعية، ولا عادت تنفع الحِكَمْ والأمثال والأغاني.

كانت المرحلة السابقة من عمر قضية فلسطين مرحلة كفاح ونضال من خارج فلسطين، ثم عاد أهل السلطة الفلسطينية الى جزء من البلاد، بلباس حددته الاتفاقيات، وكان ما كان من ظهور للوسخ الثوري، وبروز للعفن الداخلي بشقيه الخارجي العائد والداخلي السائد، ممثلا برموز لازالت تصعد برتبها فوق جماجم الشهداء والأحياء من أبناء شعب فلسطين. ولا ندري ما هي الرتبة العسكرية الجديدة والمستحدثة التي سيخترعها علماء السلطة الفلسطينية حتى يمنحوها لجنرالات لم يستفد منهم شعب فلسطين بشيء قد يذكره التاريخ ايجابيا.

نقترح على السلطة الفلسطينية شراء هذا القماش لأنه حيوي وضروري حيث انه ينظف نفسه بنفسه وهذا ما ينقص الجانب الفلسطيني، ففي السابق كان يتعذر عليهم فعل ذلك بالوسائل المعروفة،فلم ينجح معهم المسحوق البلدي والقومي ولا الأممي، حتى ارييل لم ينفع! فهذا الأخير هزم في الامتحان العسير. نقترح إعطاء كل كادر وقائد في السلطة سترة مصنوعة من القماش الجديد تنظف أوساخ الشخص بنفسها وقد يؤدي استعمالها الى نقل موادها لجسد الشخص الذي قد يبدأ بتنظيف نفسه بنفسه،وهذا ما يحتاجه الإصلاح في فلسطين وما تحتاجه عملية القضاء على الفساد. إذ ان القضاء على الفساد لا يكون بإحراق المكاتب والمؤسسات وخطف الناس واعتبار بعض رموز الفساد من الإصلاحيين، فهؤلاء يركبون ككل القطارات حسب مصالحهم وسير عقارب الزمن السياسي.وها نحن نرى ونراقب كيف ركب بعضهم موجة أحداث خان يونس ليرفعوا أصواتهم عاليا ضد الفساد مع أنهم من الفاسدين والمفسدين، فالخلل ليس فقط في غازي و موسى او المجايدة و ربحي بل في المؤسسة والقيادة والنهج.

نسينا في الختام ان نذكر بأنه تم أثناء صناعة هذا القماش استخدام تقنية تعتمد على جسيمات دقيقة من المواد المتوفرة لدى البشر، ليشكلوا طبقة رقيقة مؤلفة من جسيمات من مادة ثاني اوكسيد التيتانوم التي تتفاعل مع الشمس لسحق الأوساخ. لكن هل هذه الطبقة الرقيقة المؤلفة من الجسيمات موجود عند كل بني البشر ؟ ففي بلادنا هناك من هم غير كل البشر...