* ما زال يوم 14 تموز مشرقا ومشمساً في سماء العراق على الرغم من محاولات النظام البعثفاشي العراقي تهميشه وصولاً الى الغائه
* ان القارئ الحصيف سرعان ما يكتشف ان العنوانين خدعة لكنهما خدعة كوميدية مؤذية

ان البحث الدقيق والموضوعي سمة حضارية يقود الى وضع الاحداث التاريخية في مكانها الطبيعي بدلاً من متاهات البحث الغارق في اساليب تموه الحقائق كي تعرقل مسيرة المعرفة في الذهن البشري وبالتالي تعطيل زمني لهذا الوعي ثقافياً وبيستمولوجياً، قد يكون البحث في ميدان المعرفة البشرية في بعض الاحيان ناقصاً ويحتاج الى تدقيق اكثر لكنه يبقى مساهمة في تنوير الوعي من خلال قدرته النسبية في كشف الحقائق الممكنة للوعي البشري اي من الضروري والواجب على ضمير الكاتب والباحث توخي العلمية في كتاباته وبحوثه، ولو دققنا في عدداً من الكتابات المنحازة ضد مفهوم الجمهورية والديمقراطية وحقوق الانسان التي تحاول طمس الحقائق والمعرفة لوجدناها ضعيفة الحجج لأنها تقوم بتهميش الآمال في النظام الديمقراطي ككل وتشوه جميع النظرات الداعية للتغير، ولا تكتفي بذلك بل تستعمل مقالاتها المحملة بالبذائة اللغوية ومفرداتها الجاهلية ذات التعابير الوقحة واستخدام الشتائم السوقية المبتذلة..
في مقالته الاولى عن ثورة تموز لم يتحدث السيد مصطفى القرة داغي عن التحالفات بين القوى المعادية والمتضررة وبين حزب البعث العراقي والقوى القومية ودعم الجمهورية العربية المتحدة حينذاك وبمساندة الدول الاستعمارية التي أخذت تتحرك بشكل عملي منذ السنة الاولى على قيام الجمهورية، ولا عن المحاولات الانقلابية و الانقلابات الدموية التي تلت الحقبة الاولى للجمهورية الفتية ومن قام بها ، ولا التآمر الداخلي والخارجي عليها.. كما لا يذكر صراع الشعب العراقي الذي خاض العديد من النضالات الوطنية قبل وبعد اعدام الضباط الاربعة بقيادة المرحوم الصباغ ورفاقه واعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي رحمهم الله يوسف سلمان يوسف " فهد " ومحمد الشبيبي وزكي بسيم ، وبالضد من كبت الحريات واقامة نظام ديمقراطي دستوري حر حتى في ظل الملكية، ولم يطرح الحزب الشيوعي ولا الاحزاب الوطنية حسب معرفتي طوال عهود قضية اسقاط الملكية ونستطيع تأكيد ذلك بأن ننصح السيد مصطفى القرة داغي وغيره العودة الى برامج الحزب الشيوعي وادبياته الى تاريخ قيام جبهة الاتحاد الوطني في عام 1957.
لقد توضحت فكرة هدف السيد مصطفى القرة داغي من أجل تشويه أهداف 14 تموز و فكر القارئ، فجاهد للوصول الى وحدة الزمن القائم بذاته غير المتجزئ والكامل ليلغي بجرة قلم الفروقات الجوهرية والتغيرات الكبيرة التي حدثت بعد انقلاب 8 شباط والانقلابات الاخرى، وهو خطأ علمي ، بدلاً من اعتماد الكل والجزء كطريقة للتحليل لأن الكل والجزء مترابطان وانهما يكتسبان " جملة من الصفات والقانونيات الجديدة " ولا يمكن النظر الى الكل انه مجرد من الاجزاء المنفردة ولا ان الجزء منفرد دون الكل، لان التاريخ البشري على الرغم من انه يمثل الكل لكنه في الوقت نفسه يحمل اجزاء مختلفة من الطبقات الاجتماعية وانظمة سياسية واجتماعية متشابهة في الشكل متناقضة في الجوهر( فلا فرق بين غني وفقير جسدياً ولكن هناك فروقات طبقية بين الطرفيين ).. وهناك فرق بين جمهورية وجمهورية وملكية وملكية أخرى ( العراق في زمن صدام جمهورية وفرنسا كذلك ) و(المغرب والاردن دولتان ملكيتان وبريطانيا وهولندا دولتان ملكيتان ) الاسماء تتشابه بالشكل ولكن إذا ما بحثنا في التفاصيل فسوف نجد ان هناك اختلافات جوهرية ما بين هذه الانظمة التي ذكرناها فعلى الرغم من التشابه في الاسماء كشكل عام علينا أن لا نحكم بالكامل دون الاجزاء.
ولهذا عنون السيد مصطفى القرة داغي عنوان مقالته الثانية المكملة لمقالته الاول بــ " 14 تموز ثم 17 تموز ومسلسل الانقلابات " وبهذا وَحّد الكل في المظهر والجوهر واراد من العنوان تأكيد رأيه وما يرمي إليه بوحدة الزمن الكامل دون فواصل أو أجزاء.. منذ قيام الجمهورية الفتية حتى انقلاب 17 / تموز ثم سقوطه واحتلال العراق كمرحلة واحدة استمرت طول 46 عام. فيقول
" قبل ايام مرت علينا ذكرى 14 تموز حاملة معها ذكريات ذاك اليوم الذي يبدو أن العبر لم تستخلص منها حتى الآن بدليل قطع الحلوى التي وزعت على المارة ومسيرات الفرح التي اجتاحت شوارع بغداد في ذلك اليوم "
هكذا يبدأ ويعترف السيد مصطفى القرة داغي في مقالته الثانية ويظهر تألمه وحزنه لأن الجماهيرالعراقية بمسيراتها احتفلت بذلك اليوم ووزعت الحلوى فرحاً به، انا لا اعرف لماذا يريد السيد مصطفى ان لا يفرح الناس ولا يوزعون الحلوى!.. وبخاصة اولئك الذين يعتبرونه عيدا وطنياً لهم، وبخاصة ان الجميع يطالبون بحرية للرأي والانتماء وحق الناس بالفرح والسرور والتظاهر، ولا أعرف لماذا يزعل الناس من اقامة مجالس عزاء للعائلة المالكة!.. لكن على ما يبدو ان السيد مصطفى لديه عقدة مستديمة أخرى وهي عقدة من الفرح ومن احزاب اليسار وبخاصة الحزب الشيوعي العراقي، هذه العقدة التي كانت ملازمة لحكومات العهد الملكي و بقت ملازمة لثلاث سنوات ونصف الأخيرتين من حكم المرحوم عبد الكريم قاسم وحكم الاخوين عارف ولحكم وفكر حزب البعثفاشي وبعض القوى القومية والاسلامية والعديد من أعداء شعبنا..
ان اعداء الديمقراطية والحرية والذين ضد حق الناس في اختيار ما يرونه مناسباً من آراء وأفكار وانتماءات حزبية وايديولوجية او دينية يرون ان لهم الحق في الديمقراطية التي يفصلونها على قياساتهم دون سواهم وقد يفسرونها حسب مصالحهم واهوائهم الضيقة فلهم الحق في القول والعمل حتى لو كانت الغالبية العظمى من الشعب ضدهم لكنهم يحجبونها عنهم بحجج ضلالية في مقدمتها الاتهام بالافكار الخارجية الغريبة عن مجتمعنا الاسلامي وقد يكفرون الآخرين دينياً او اتهامهم بالعملاء للاجنبي أما الاتهام الجاهز بالعلاقة مع اسرائيل فهو قائم ليل نهار في فكرهم وتحت السنتهم .. ولقد التزمت جميع العهود منذ العهد الملكي وحتى مجيء الحكم الشمولي للعراق في 17 تموز 1968 ما عدا أشهر معدودات بعد قيام الجمهورية في 14 تموز بهذه الديمقراطية المفصلة على القياس و بمبدأ محاربة الافكار الديكقراطية واليسارية والحزب الشيوعي العراقي والافكار الديمقراطية لأن الدول الاستعمارية تحارب هذه الاحزاب وهذه الافكار وتعتبرها خطراً على مصالحها في بلدان العالم الثالث وقد تصاعدت بوتائر متسارعة بعد الحرب العالمية الثانية لحين انتهاء الحرب الباردة، وهي موجودة لحد هذه اللحظة ولكن بتفاوت.
وماذا حصل؟ فقد بقت الافكار ولم تنتهي الاحزاب و بقى الحزب الشيوعي العراقي وبقت الافكار الديمقراطية وذهبت الى غير رجعة تلك الانظمة المعادية له لأنها بعدائها ذلك وقفت في صف الذين لا يريدون ان يعترفوا بحقوق الانسان وحرية اختياراته الفكرية، اولئك الذين لا يؤمنون بدور الجماهير في التاريخ ويعتبرونها حثالات لا تستحق ان تعيش كما يعيش السادة، والحياة اثبتت انهم ضلوا وخسروا، وعلى ما أعتقد سوف تذهب كل المحاولات القادمة الى مزبلة التاريخ لانها الحتمية التي تبقى على عوامل الخير والسعادة والامان للاكثرية من الناس ، نعم ستنزوي ببدون شعارات ثورية طنانة ولا انقلابات عسكرية بل عن طريق الانتخابات واصوات شعبنا العراقي..
لماذا يصر السيد مصطفى القرة داغي على نهج العداء لــ 14 تموز والذين يحتفلون به وهو أحد دعاة الديمقراطية واحترام الرأي الآخركما يقول؟
ان السرد الذي قام به منذ بداية المقال حتى الوصول الى انقلاب 17 تموز البعثي المسنود اميركياً منذ بدايته عبارة عن حشو غير مترابط بين السياسة وبين الاقتصاد والنتائج غير الدقيقة وربطهما بالقوى الثورية وقوى التحرر الوطني.. ان تشخيصه الخاطئ وربطه بين هذه القوى ومنفذي انقلاب 17 / تموز غير واقعي وفيه الكثير من التشويه..
بعد الهجوم على ثورة 14 / تموز والمحتفلين بها والنقد الموجه ضد قادة اليسار والحزب الشيوعي بشكل خاص يتطرق السيد مصطفى القرة داغي الى انقلاب 17 / تموز 1968 لكنه وبعد اقل من جملة يعود الى " ما حدث في 14 تموز 1958.. فهذا اليوم هو أسّس لمفهوم استعمال القوة والسلاح على الحكم " ويبدو ان هذا الموقف يتكرر عنده ضد 14 تموز وهو لا يفارق ذهن السيد مصطفى القرة داغي ولا للحظة ففي كل مرة يعود الى القوانة المشروخة نفسها حتى لو تطلب الامر الى ضرورة شرح سياسة حزب البعثفاشي العراقي طوال فترة هيمنته على السلطة او سياسته الدموية في انقلاب 8 شباط " فلولا ما حصل في 14 تموز ما وصلنا الى نماذج من رجال السلطة " ويبدوان الكاتب لا يؤمن الا برجال يحملون لقب( باشا أو بيك فقط) ويبقى البقية من الرعاع حتى لو كان احدهم على سبيل المثال لواء او زعيم في الجيش او محامي او دكتور اختصاص او مدرس، ومن ظاهر ما كتبه يعتبر المثقف والعامل والفلاح والموظف البسيط بشر لكن لا حق لهم ليس في القيادة ولا حتى في العمل السياسي.. " ان ما حدث في 14 تموز لم يستند الى مبررات قانونية " وكأن الدولة السابقة كانت دولة القانون والمجتمع المدني دولة الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان والاستفتاء الشعبي الحر ولكثرة ما كانت ديمقراطية وتحترم حقوق الانسان اقامت سجن نقرة السلمان للسياسيين وحدهم وغيرها من السجون والمعتقلات لاصحاب الرأي الآخر، ثم قصر النهاية السيء الصيت والمعتقلات الاخرى اثناء سلطة البعثفاشي العراقي.. وينسى او يتناسى الكاتب عندما استشهد بكتاب السيد هاني الفكيكي ( اوكار الهزيمة) انه كان يشير الى تجربتهم كبعثيين وقوميين في الانقلابات العسكرية وليس 14 تموز
" اعتبرنا ظاهرة الانقلابات العسكرية العربية نتيجة حتمية للتجربة للبرلمانية على النمط الغربي.. وتماشيا مع موضة ذالك الزمان وتقليده الثوري قدمت الديمقراطية الشعبية على الديمقراطية البرلمانية " ومع هذا فهم لم يطبقوا المفهوم الثوري للديمقراطية الشعبية وزوروا في صناديق الاقتراع وقد فل الكثير من قياداتهم واعترفوا بالجريمة التي ارتكبوها بحق الجمهورية الفتية حينذاك..
استغل السيد الكاتب هذا المقطع وفسره لصالحه زوراً وبهتاناً لكي يرجع للخلط ما بين 14 تموز و17 تموز فيقول مؤكداً " وهو ما يوضح وبدقة طريقة التفكير والمنهجية التي اتبعها انقلابيوا 14 تموز 1958 و1968 لتبرير سطوهم على السلطة واستحواذهم على الحكم عن طريق التآمر واستخدام العسكرية " ومع هذا لو قرأ القارئ النبيه هذا المقطع لتوصل فوراُ الى ان السيد مصطفى القرة داغي لم يدع فرصة تمر دون التهجم على 14 تموز ولو كان الحديث عن 17 تموز اما انقلاب شباط الدموي فهو لا يذكره بأي كلمة سوء واعتقد انه يجد هذا الانقلاب يتطابق مع ما يريده وهو التنكيل بالثورة واهدافها واعتباره امتدادا لها، ثم مظهر وجوهر الانقلاب المعادي لأنصار الجمهورية وا لديمقراطية وحقوق الانسان واليسار و للحزب الشيوعي العراقي، ولا نريد التطرق لتاريخ الذين ذكرهم السيد مصطفى القرة داغي امثال " القزاز وغيره" ولا لاعمالهم ضد الوطنيين العراقيين لأن ذلك ليس في مصلحة المستقبل ولا اجد من الضروري نبش الماضي فهناك العشرات من العوائل ما زالت حيةّ ترزق وقد نكبت بأحد أفراد عائلتها، ولكن يبدو كما اسلفنا ان السيد مصطفى القرة داغي لا يعترف بهم كبشر ولديه قواعد ومواصفات للذين يراهم صالحين للعيش والحكم دون سواهم..
لنتابع " لذا فأن ما حدث صبيحة 17 تموز 1968 لم يكن صدفة ساقتها الاقدار لشعب العراق بل امتداد لما حصل صبيحة 14 تموز 1958 .. فانقلابيو 17 تموز قد ساروا على خطأ من سبقهم من انقلابي 14 تموز و8 شباط" فهنا فقط يذكر انقلاب 8 شباط الدموي بشكل خجل لينتقل في هجومه على 14 تموز لا بل يضعه في المنزلة نفسها كانقلاب متشابه وينسى ان انتقال السلطة من يد طبقة الاقطاعيين ومن يتحالف معهم الى يد طبقة اخرى ثورية بالمعنى السياسي والعملي وهو ما حدث في 14 تموز بينما انقلاب 8 شباط الدموي هو تراجع الى الخلف للعودة الى محاربة الحريات الديمقراطية وانتهاج سياسة العنف والارهاب والاضطهاد لا يمكن مقارنته بالثورة..
ان السيد مصطفى القرة داغي يدرك جيداً ان انقلاب 8 شباط 1963 الذي جاء على ظهر دبابة اميركية وبمباركة ودعم من قوى داخلية وخارجية عربية لم يكن امتداداً لثورة 14 تموز 1958 وإنما كان هدفه الاساسي القضاء على النهج الوطني المتبقي من ثورة 14 تموز وضد القوى الديمقراطية والوطنية واليسارية فكان البيان 13 السيء الصيت وحمامات الدم والقنل والاعدام قد طالت آلاف الشيوعين والديمقراطيين وفي مقدمتهم سلام عادل وجمال الحيدري وعوينة والعبلي وعبد الجبار وهبي وحمزة سلمان ومحمد ابو العيس وجورج تلو والياس حنه رحمهم الله ومجوعة من قيادي وكوادر وأعضاء الحزب وقد زج الانقلاب بعشرات الالاف من الوطنيين العراقيين ثم شن الحرب على الشعب الكردي واحرقت عشرات المزارع والحقول واعتقال الآلاف وزجهم مع بقية العراقيين من العرب والقوميات الأخرى .. ان الهدف الذي اعلنه قادة هذا الانقلاب المعلن والكاذب " الحفاظ على اهداف الثورة والجمهورية" انفضح وجهه القبيح بالعداء للجمهورية وما حمامات الدم التي تواصلت حوالي تسعة اشهر حتى انقلاب 18 الا هو ذلك النهج المتأصل في فكر حزب البعثفاشي والقوى القومية وتحالفاتها المشبوهة ضد الجمهورية حينذاك، ولقد كانت طريقة اغتيال المرحوم عبد الكريم قاسم والمهداوي ووصفي طاهر وعبد الكريم الجدة والاوقاتي والجنابي وغيرهم من الضباط بدون محاكمة ولا تحقيق نزيه دلالة على مدى استهتار هذه المجموعات بالقيم الانسانية والقانونية..
ان السيد مصطفى القرة داغي يعود ختام مقالته الثانية لمهاجمة 14 تموز والاحتفالات به فيقول " ولا أعلم حقيقة ما سر هذا الاصرار على الاحتفال والاحتفاء بذكريات شهر تموز رغم انه قد اصبح شؤماً علينا بكل تواريخه سواء كان منها الفردي او الزوجي "
على ما أظن.. وليعذرني السيد مصطفى القرة داغي انه يتمنى ان يتبدل اسم شهر تموز لأسم آخر بسبب ثورة 14 تموز، لكن إذا قمنا بتغيير اسم هذا الشهر كيف نستطيع تبديل أسم التغير الذي حدث فيه وهو يوم 14 عند ذلك سنقول حدث في 14 ثم نذكر اسم الشهر الذي تم تغييره أليس كذلك؟
بعد ما امعنا النظر في جميع القضايا المتناقضة والمشوههة مع شديد الأسف التي تطرق اليها السيد الكاتب مصطفى القرة داغي استخلصنا انه من المفروض ان يكتب ضد 14 تموزفقط لأن عدائه وكرهه لا يشفع له الانتقال الى موضوعة أخرى، وان حشر اسم 17 تموز عبارة عن ذر الرماد في العيون لكي يظن القارئ من العنوانين انهما يبحثان بأصالة وموضوعية وعقلانية الفروقات الجوهرية بين 14 تموز وقيام الجمهورية وبين الانقلابات العسكرية وانهاء الجمهورية كفكر ومنهج والبقاء على الاسم لا غير.... وكان المفروض به ان يظهر بمظهر المحايد العقلاني والمنطقي.. الا ان القارئ الحصيف سرعان ما يكتشف ان العنوانين عبارة عن خدعة لكنهما خدعة كوميدية، والعداء المتأصل والكره الشديد ومحاولة استخدام الاخطاء يدركها السيد الكاتب او لا يدركها تثير الفتنة والتطاحن والبغضاء هو ليس بسر في معنى كتابة هذين المقالين.. وبدلاً من النقد الموضوعي لحادثة القصر المرفوضة بكل المقاييس الانسانية والقوانين الوضعية فهو يتعكز عليها في جميع ضلوع المقالين لزيادة الاضغان واستمرار التطاحن بين القوى التي تختلف في الرأي والتفكير لكنها يجب ان تحتكم للعقلانية والمنطق وان تتبع لغة الحوار الديمقراطي البعيد عن التطرف والعنف من اجل اعادة بناء العراق الديمقراطي التعددي الفدرالي الموحد وقيام المجتمع المدني بكل قوانينه ومنظماته وطريقة تعامله الجديدة.. التسامح والتصالح ونقد الماضي لنبني الحاضر لا لأقامة موقفاً مضاداً من احتفال جماهيري له انصاره الكثيرون ونبني استنتاجات خاطئة عليه لكي نصل لقمة التحارب والعداء والضغينة باعتماد لغة الادانة والاستعلاء على الآخرين واعتبارهم حثالات لا قيمة لهم وبخاصة قادة 14 تموز.
كما ان تشويه المواقف وقلب الحقائق وتشويهها بكلمات مؤذية وبذيئة عفى عليها الزمن لكثر ما استعملت في الماضي، اصبحت في الحاضر عبارة عن صدأ يجب ازالته لتنظف البيئة السياسية من ذاك العداء والعنف غير المبرر.
ومن أجل أن نريح السيد مصطفى القرة داغي نفسياً وجسدياً ونجعله يطمأن ولا يفسر الامور بغير منحاها فنقول له أن الاحتفال بثورة 14 تموز 1958 لا يعني استفزاز العائلة المالكة ولا الشريف حسين مع احترامنا لهم لأن اكثرية الشعب العراقي على الرغم من مرور 46 عاماً على هذه الحدث الكبير ما زالت تعتبره عيداً وطنياً لها على الرغم من محاولات النظام الشمولي السابقة من أجل تهميشه ومحاولة إلغائه والابقاء على يوم 17 تموز المشؤوم كعيد وطني للعراق.. كما ان الاحتفال لا يعني ضد العائلة الملكية او الحركة الدستورية الملكية أو كل الذين يطالبون بعودة الملكية فعودة الملكية التي اكدها السيد الكاتب في مقالات سابقة ولم نرد عليها باعتبارها اراء حرة ورأي يجب ان نحترمه هو مرهون للشعب العراقي..
اعتقد ان الكلمة الخيرة الطيبة حسنة، وكلما كان الكلام طيباً وايجابياً وحسناً وجميلاً لا يعتمد على طريقة الميكافيلية فإنه سيخدم ويبني ولا يهدم بين ابناء الوطن الواحد، كما اعتقد ويعتقد اكثرية الشرفاء من ابناء وطننا على مختلف مشاربهم ومعتقداتهم واديانهم وقومياتهم بأنه سيخدم البناء في العراق الجديد. عراق الديمقراطية التعددية الفدرالي الموحد.
ان هذه التوضيحات التي قدمتها ليست وليدة هذين المقاليين فحسب لأن السيد مصطفى القرة داغي مع احترامي له دأب منذ فترة ليست بالقصيرة الى مهاجمة 14 تموز وتحميله تبعية الاثام التي ارتكبت في قصر الرحاب وفي الانقلابات اللاحقة التي دمرت العراق.. وهو خطأ من الممكن تجاوزه إذا كنا موضوعيين بشكل عقلاني.