حين يتحدثون عن السيادة، فالعراق هو البلد الوحيد منقوص السيادة، وذلك لأن فيه قوات لحفظ السلام مخولة من قبل الأمم المتحدة لتقوم بهذا الدور، وحين يجد العراقييون إن الأمن قد إستتب لهم سيطلبون من هذه القوات الرحيل، وعليها أن ترحل بعد التأكد من حقيقة الوضع الأمني في العراق، ذلك أن الأمن هو أمن المواطن الذي ترك أمره بيد الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليقرر. العراق فقط منقوص السيادة لوجود قوات أجنبية على أرضه، وكأنها غير موجودة على أراضي البلدان العربية الأخرى! حيث جميعها ذات سيادة كاملة غير منقوصة، ولا ألمانيا منقوصة السيادة في حين بقيت وماتزال تستعين بقوات أمريكية على أراضيها منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية، ولا اليابان منقوصة السيادة التي فيها أكثر من مائتي الف جندي أمريكي ولا الفلبين ولا إيطاليا ولا بريطانيا ولا إسبانيا ولا إستراليا ولا نيوزيلاندا ولا دول نصف المعمورة التي يوجد على أراضيها جنود أجانب لحفط السلام منقوصة السيادة، العراق فقط منقوص السيادة لوجود قوات لحفظ السلام على أراضيه، بالرغم من أن العراق هو الدولة الوحيدة التي لديها الحق بإنهاء هذا الوجود دونا عن باقي دول العالم.
المقاومة العراقية، مصطلح يتشدق به رؤساء دول الجوار، وبكل وقاحة يعلونون مؤازرتهم لما يسمونها مقاومة غير آبهين بمشاعر العراقيين ولا حياتهم ولا مقدراتهم ولا أمنهم ويتباكون على أبناء الشعب العراقي!!!! أي وقاحة هذه؟؟ أن تعمل دول الجوار بها الأسلوب المكشوف لإشاعة الفوضى في العراق!!
كل من تحدث منهم أو أصدر بيانا فإن البيان يتضمن دعوة، تبدو بريئة وشرعية، لسحب القوات الأمريكية من العراق، وبعضها يؤكد على ضرورة سحبها فورا، وكأن من أصدر ذلك البيان يمتلك القوة والشرعية لإخراج هذه القوات ويمتلك الحق بالتحدث نيابة عن الشعب العراقي، وكان آخرها بيان سوريا وإيران بعد الزيارة التآمرية التي قام بها الرئيس السوري لإيران من أجل التنسيق لإلتهام العراق. فرنسا وألمانيا اللتان تدعمان هذه الدول والإرهاب ايضا تدعوان، وكل من هب ودب يدعوا لخروج هذه القوات، وكأن العراقيين لا رأي لهم ولا حول ولا قوة ولا يملكون القدرة على النطق! هذا بالرغم من إستطلاعات الرأي للشارع العراقي التي هم من يقوم بها وكلها تؤكد على رغبة العراقيين ببقاء هذه القوات في البلد حتى تستتب الأمور ويعود الأمن.
تاتي هذه الدعوات المكشوفة في الوقت الذي يدعمون به الإرهاب في العراق، بل ويزجون بآلاف الإرهابيين إلى العراق ويوفرون لهم المال والسلاح والدعم اللوجستي والمخابراتي ويثرون القلاقل ويشيعون القتل، وبذات الوقت يدعون بوقاحة إلى إنسحاب القوات التي ينبغي لها حفظ السلام بتخويل من مجلس الأمن والشعب العراقي إلى الخروج.
الأدهى من ذلك نرى حتى مؤتمر حقوق الإنسان العربي الذي إنعقد في مصر له نفس الدعوة ويشارك به عراقيون ممن نحسبهم قوى ديمقراطية، فلا ندري ما الذي دفع بهذه الشخصيات للتوقيع على هذا البيان متجاهلة كل هذا الواقع الموضوعي في العراق وهي تعلم علم اليقين إن هذه الدعوات تأتي لغرض تقسيم العراق كهدف نهائي لها!؟ هل بهذا سنعتبر الناشطين بحقوق الإنسان من العرب هم ايضا من يتآمر على مقدرات الشعب العراقي؟ وإلا فكيف نفسر هذا التدخل السافر بالشأن العراقي من قبل المؤتمرين في القاهرة؟
فلول البعث المهزوم لا بد أن يكون له دور في هذه المؤامرة ظنا منهم أن تعود عجلة التاريخ للوراء ويعود حكم البعث الدموي للعراق من جديد، ففي مؤتمرهم الذي إنعقد في سوريا، الداعم الأول للإرهاب في العراق والعالم، يدعون للجبهة الوطنية من جديد!!!! عجبا!! كأن ليس للعراقي ذاكرة على الإطلاق! وكذا يدعون إلى إنسحاب قوات حفظ السلام من العراق فورا، ويهددون ويتوعدون العرااقيين إن هم لم يساهموا بعودة البعث للسلطة! حقا إذا كنت لا تستحي فإفعل ما تشاء.
الأكثر وضوحا ويكمل المشهد تماما تلك العمليات الجبانة لإختطاف رهائن تابعين للدول التي لها جيوشا في العراق تساهم بقوات حفظ السلام ويهددون بذبح الرهينة ما لم تسحب تلك الدولة قواتها من العراق. الهدف مشترك بين كل الذين يريدون لقوات حفظ السلام أن تنسحب من العراق بمختلف الطرق والأساليب القذرة، فلول البعث التي تحمل السلاح والتي تلبس العمائم أو بدلات بييركردان والقمصان المنشات ودول الجوار والدول التي لها أطماع بالعراق كفرنسا وغيرها والمرتزقة من السياسيين بمن فيهم العراقيين الذين يدعون التحرر والدفاع عن حقوق الإنسان، جميعهم يعملون على هذه المؤامرة القذرة التي يهدفون من خلالها في نهاية المطاف أن يقع العراق في بحر من الفوضى وليمهدوا الطريق إلى دخول القوات العربية للعراق بعد خروج قوات حفظ السلام لتنفيذ مخططها بتقسيم البلد إلى نتف تتقاسمها دول الجوار والدول الكبرى الطامعة بنفط العراق. هذه المؤامرة قد تم الكشف عنها في الأيام الأولى لسقوط التمثال، وإستمروا يعملون على تنفيذها في وضح النهار وبكل الوسائل ويغيرون الخطط ويغيرون الأدوات ويعدلون بالخطاب، في النهاية تبقى هي ذات المؤامرة القذرة التي حيكت خيوطها خلال مؤتمرات دول الجوار سيئة الصيت.
تلك الدعوة المشبوهة لخروج قوات حفظ السلام فورا، وذلك الخطاب المزدوج المعايير أصبح هو الخطاب الرسمي للكثير من الدول. إذا كان الأمر يتعلق بالحرص على مصلحة الشعب العراقي، فالشعب هو من يستطيع أن يقول ذلك، لا من يحشد الجيوش ويزج بآلاف المرتزقة العرب وغير العرب لقتل العراقيين، في حين يرفع عقيرته ليل نهار متباكيا على شعب العراق وهو من يقتلهم.
أن من له مصلحة ببقاء هذه القوات أو خروجها هو الشعب العراقي وهو من يجب أن يقول كلمته، وعلى الآخرين إن كانت نواياهم طيبة أن يدعموا موقف الشعب، وعلى الجميع أن يعي حقيقة جديدة هو إن العراقيين يدعمون فعلا حكومتهم وعلى إستعداد للوقوف بجانبها ودعمها، وعلى الآخرين تجنب التدخل بالشان العراقي، خصوصا من دول لها مصلحة بخروج هذه القوات. وإن إستمرار هذه الدعوة المشبوهة التي يرفعوها بمناسبة وبغير مناسبة يعني إن المؤامرة مستمرة وينبغي الحذر منها والإستعداد لها في أي وقت من الأوقات.
التعليقات