قديما قلت ان الدول العربية والاسلامية ابناء أم واحدة والعراق بينهم ابن ضرة وعلى هذا يغمر السرور تلك الدول عندما يرون العراق مثخنا بالجراح يتكأ على جذوع النخيل المحترق ولم تخل ناحية من جسمه الا وفيها ضربة سيف او طعنة رمح. ولكن هذا الجريح العنيد يأبى ان يموت ولذلك اخترعوا له حربا في جسمه علها تعجل في موته ويذهب دمه بين القبائل.. ويعود اهل العراق طرائق قددا لايلمهم اطار ولايجمعهم شمل ولايظلهم سقف.

كاني انظر الى الشيخ العراق وقد عبر الفه العاشر من العمر يسند ظهره الى جذع محترق ويبكي ليس على اعدائه بل يبكي على ابنائه الذين لا يعرفون كيف يعالجون أباهم ويرحمون شيخوخته.

فما ان تهدأ فئة من ابنائه حتى تثور فئة اخرى واول ماتلجأ اليه السلاح بعد إلغاء كل الوسائل الاخرى وما ان يغلق ملف دموي حتى ينفتح اخر.. وهكذا دواليك.

حتى نفيق في يوم من الايام فنجد ابانا قد مات وصار تراثه نهبا لاولئك الذين لم يدخروا طعنة الا طعنوه بها ولم يدخروا نبلة الا وزرعوها في جسمه ونجد انفسنا ايتاما مشردين في الافاق لايطمع بنا طامع ولايعطف علينا عاطف ولايبكي لنا باك.. ينبذنا القريب ويتجهمنا البعيد ويهزأ بنا شامت ويتاجر بنا نخاس وقد كنا عما قريب تتقاذفنا حدود البلدان حتى صرنا نعرف كيف تغسل الشمس وجهها عندما تشرق لاننا اول من يراها وصرنا نعرف في اي فراش تنام لاننا اخر ناس تغرب عندهم وعرفنا كيف تصرف معنا المسلمون عربا وعجما وكيف صرنا اوراقا يلعب بنا وملهاة يتلهى بنا وقت اللهو ونهمل عند الجد وعند حقوق مايسمى (الانسان).

عما قريب كنا نبكي على ابينا الذي تركناه ملقى على الارض يحز بنحره (صدام بن ذي الجوشن) ولكن رقبته لم تطاوع سكين صدام فظل يذبح طيلة العقود الثلاثة ولما يقطع رأس العراق ليهديه الى ذاك الامير وذلك الرئيس واخيرا يجعلونه في طشت في متحف الانكليز ويكتب عليه عبارة (هذا راس العراق)..

ولكن شاء الله سبحانه وتعالى ان يجعل كيد الكافرين في نحورهم والقى الخلاف فيما بينهم وعند ذاك انقض الزعيم الاكبر ذو المكتب البيضوي على القاتل المأجور صدام وازاحة عن صدر العراق ليحل محله وتتواصل محنة ابينا العراق.

وهناك حاول ابونا العراق القيام فتكالب عليه من جاوره ومن بعد عنه وارسلوا اليه الموت في وسائل صنعتها لهم الشياطين ولكنه لم يزل يصارع حتى ارخت عزائمه صراعات ابنائه فاسند ظهره الى ذلك الجذع باكيا منتحبا عليهم ولهم.

الا يجدر بنا ان نرحم حال هذا الكهل الطاعن في السن؟ الا نعلم اننا ليس لنا اية قيمة بعد ان نفقد ابانا لاسمح الله؟! فمتى نفيق من سكرة الصراع والدماء ونتطلع حولنا لنرى ان جميع من يحيط بنا قد انقلب على قفاه من الضحك علينا لاننا لانعرف على ماذا نريق دمانا ولا ماذا نريد من مستقبلنا الذي نصر على صنعه بالدم والنار؟!. متى نفيق ياابناء العراق وقد ملّ الموت منا هلا حاولنا ان نجرب لغة اخرى ؟ هلا حاولنا ان نكيد اعداءنا برص صفوفنا والحنو على ابينا الذي انقطع ظهره بتقاتلنا؟!

هلا علمنا ان من يدفع بالسلاح لبعضنا وبلا ثمن لايريد الا ان يكرع من دمانا لانه لايسكر الا بالدم العراقي؟!. وهلا علمنا ان الذئاب والشياطين بدات تنهش باطراف ابينا البعيدة عنه والتي عجز عن ان يلمها اليه؟. (فوا عجبا كل العجب من تظافر اولئك القوم على باطلهم وتقاعسكم عن حقكم).

العراق – بغداد

[email protected]