كم هو مؤلم أن يقتل العشرات من الشباب التابعين لما يطلق عليه جزافا (جيش المهدي ) في كل معركة خاضها هذا ( الجيش )، وكم هو مؤلم أن يساق هؤلاء إلى حتفهم بهذا الشكل ليصار وبأسرع مما يتوقع توقيع اتفاق أو هدنة وتقديم تنازلات من قبل مقتدى الصدر وجماعته لتعود الكرة مرة تلو المرة ويعود القذف بمثل هؤلاء الشباب إلى الهاوية مرات ومرات.
( ألف باء ) أي عمل أن يكون له هدف، و( ألف باء) أي عمل أن يكون له جدوى، وقد حِرت وحار معي الكثيرين من الغيورين وأنا أبحث عن هدف واضح لمقتدى الصدر، وحِرت وحار معي حتى فاقد العقل في البحث عن جدوى لتلك المعارك التي ترتب على ما يبدو على عجل، وربما بلغت الحيرة مداها بحيث أصبح في الأمر ( إنّ) وكل أخواتها تسبق كل تفسير يحاول أن يفسر ما حصل ويحصل خارج سياق المصالح الشخصية وصراع المناصب، ولو لم يكن الأمر غير ذلك لما كانت خسائر هذا ( الجيش ) بهذا الحجم، ولما كانت سياقات الخروج من المأزق لا تتم إلا عبر الصيغ إياها ( إنسحاب قوات الإحتلال، خروج " جيش المهدي " من العتبات المقدسة ) وهكذا دواليك.
أعرف ويعرف معي الكثيرون أن الأخوة في الطائفة الشيعية هم الأكثر تقبلا من بين كل الطوائف الإسلامية ( لشعوذات الإسلام السياسي )، وهم الأكثر إيمانا لروايات شيوخهم ومشايخهم عن قصص حدثت أو سوف تحدث وعن جنات تنتظر كل من يراق دمه في سبيل تحقيق نبوءات وتنبؤات ( آيات الله ) أو ( الأسياد )، وقد روى لي أحدهم مثالا أرى من المفيد ذكره لنتبين الدرجة التي تم إيصال شباب الطائفة إليها فقال: أنه جرت العادة الآن بين أبناء الطائفة الشيعية في لبنان أن يقف كل من يسمع اسم " المهتدي المنتظر " واضعا كفيه على رأسه تعظيما وإجلالا! ويقول محدثي وهو من الطائفة الشيعية أنه وبعض أقرانه من المتفتحين اتخذوا ذلك هواية ولهوا لهم بحيث أنهم يمضون سهرتهم وهم يذكرون اسم المهدي أمام الحضور، مما يجعلهم في حراك دائم، فما أن يجلسوا على أقفيتهم حتى يسارع ومن معه بالحديث وذكر المهدي المنتظر ليسارع الجمع بالوقوف ثانية واضعين أيديهم فوق رؤوسهم إجلالا وتبجيلا وهكذا!!!
نحن لا ننكر عليهم أو على أحد ما يعتقد من ظهور مرتقب للمهدي أو غير ذلك، ولكن ننكر أن يكون المهدي بهذه الدرجة من التقديس بحيث أن ذكر رب العزة جل جلاله أو نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، لا يستدعي منهم الوقوف والتبجيل بوضع اليد فوق الرأس أما ذكر المهدي فيستدعي ذلك واكثر!!!
سقت ما سبق كمثال واحد ولدي الكثير على شاكلته، ولكن ما دفعني إلى كتابة هذا المثال هو تبيان مدى الإستعداد النفسي والعقائدي لدى الأخوة في هذه الطائفة وخاصة الشباب منهم للتأثر واستعدادهم للتضحية بكل غال وثمين في سبيل ما يزين لهم، وهنا صلب الموضوع ولبه، ومكمن الخطر المحدق والذي يجعل من هؤلاء الشباب جسرا سهلا لعبور الطامحين.
بقي شيء آخر أرغب بالإشارة إليه وقد لاحظه كل من تابع مشاهد القتال عبر شاشات الفضائيات حيث يلاحظ من خلال تلك المشاهد أن من يحمل السلاح من هؤلاء الشباب الذين ينتمون إلى " جيش المهدي " لا يمتون إلى صنوف العسكرية بأي صفة وهذا واضح من خلال تنقلاتهم الجماعية وطريقة وأسلوب استخدام ما بين أيديهم من سلاح بشكل عفوي أكاد أصنفه أنه يتبع مدرسة عسكرية يمكن أن نطلق عليها ( حارة كل من إيده إله ).
حمى الله هذه الأمة، وياخسارة على الشباب.
د: يوسف الفقهاء