منذ صدور قرار مجلس الوزراء بتاريخ 13/ 10/2003 حول اجراء انتخابات بلدية نصفهم منتخب و الآخر معين فإن الأوساط السعودية هذه الأيام مشغولة بالاستعدادات للانتخابات التي تعتبر الأولى بالدولة، و بعد التأجيل ستكون منطقة الرياض أول منطقة تجرى بها انتخابات في 10 /2/ 2005.
و أمر طبيعي أن يكون تداول الحدث بهذا الحجم بل مطلوب أكثر من ذلك و هذا دور البلديات للقيام بحملات التوعية و التثقيف عن آليات الانتخابات و أهداف و مهام المجالس البلدية في جميع أنحاء المملكة، لأنه دور مهم للحصول على النتائج المرجوة من مشاركة المواطن في القرار الإداري المحلي و بناء الوطن تنمويا. من بعد قرار انتخابات المجالس البلدية كان المواطن يترقب الإفصاح عن التفاصيل و عن آلية تنفيذها و بأي صيغة ستجرى و مع وضوح جزء من الرؤية مثل عدد أعضاء المجلس و مدة الدعاية الانتخابية و قيد التسجيل و عملية الاقتراع. فالاهتمام و الترقب أمران طبيعيان بداية في مجتمع لم يألف بشكل واقعي انتخابات شعبية لأشخاص سيعملون على مصلحته و يطالبون بحقوقه في شؤون وطنية مثل الخدمات التعليمية و الصحية و تسهيل إجراءات المواطنين و العناية بالطرق و الشوارع و المياه و الصرف الصحي و توفير خدمات مريحة للمواطن و غيرها من الخدمات.
و بما أن المجتمع مقبل على حدث غير عادي و جديد في دولة تسيطر على جزء كبير من عاداتها و أعرافها قيم و مبادئ العشيرة و القبيلة و النظام الأسري الذي يضيق أفق الناخب و المنتخب، و قد يأتي بنتائج عكسية و خيبة أمل للناخبين و لسكان المجالس البلدية.
و لتجنب ما وقعت فيه بعض الدول المجاورة في الانتخابات البلدية و النيابية ينبغي العمل على توعية مكثفة للمواطنين للانتخابات على مستوى المرشحين و الناخبين و آلية تنفيذها و ذلك بالقيام بالحملات التثقيفية من إقامة محاضرات و ندوات و حوارات في الجامعات و المدارس و التكثيف الإعلامي بالصحف و التلفزيون بأهمية الانتخابات و أهدافها و ما هي المواصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المرشح.
فالانتخابات هي مشاركة وطنية في تدبير شئون المواطن و ملامسة مطالبه و العمل على تحقيقها، أيضا ترسيخ مفهوم المواطنة بمساهمته في تدبر و إدارة شؤون محافظته و منطقته و استغلال طاقات و نشاطات المواطنين و تعويده على تحمل المسئولية و المحافظة على ثروات الوطن.
و تأتي تفاصيل إجراء الانتخابات البلدية في ظل تغيرات إقليمية و دولية ارتفع فيها صوت التغيير و الإصلاح السياسي و الاقتصادي، و سعت كثير من الدول للتغيير و التطوير في النظم التعليمية و الاجتماعية وهو من سنن الحياة و طبيعة الأشياء و ما دام الأمر يصب في مصلحة الدولة فهو مطلب وطني يسعى له كل فرد بالوطن، فتوسيع رقعة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات الإدارية المحلية هو ترسيخ واقعي لمفهوم المواطنة و تطبيق عملي على حوار وطني بين المنتخب و المرشح الذي سيصبح مسئولا ينقل وجهة نظر عامة الناس و تفاعل بين خبرات المجالس البلدية و تبادل الأفكار و وجهات النظر التي تؤدي بالمحصلة إلى أفضل الطرق للبحث عن مصلحة الوطن.
و حتى نكون واقعيين في تفكيرنا و ممارستنا للعملية الديمقراطية بشأن المجالس البلدية فإن الدولة مرت بعاصفة تطرف فكري و غلو في الأفكار و منهج إقصائي تحول إلى عنف و إرهاب أضر بأمن الوطن و استقراره و أصبحت مشكلة تؤرق مضاجع كل مواطن غيور على وطنه.
و بما أن الانتخابات مسؤولية يتحملها الناخب و المرشح يجب العمل على إزالة رواسب الفكر الضيق و المتطرف الذي يبحث عن مصلحته و مصلحة جماعته و ترمي بمصلحة الوطن جانبا، فالأصل في الانتخابات هي التنمية الوطنية و تحقيق مصلحة المواطن بغض النظر عن معتقده
و فكره ما دام ينشد مصلحة و وحدة الوطن.
كما يلاحظ في الإعداد للانتخابات البلدية، أن الصحف اتجهت نحو رجال الأعمال للترويج لنشاطاتهم، و لعل مرجعه هو قدرة هؤلاء الشريحة على عمل دعاية إعلامية بالصحف و المجلات لحملاتهم و برامجهم الانتخابية الذي ينبغي فيه أن لا يكون الاتجاه نحو هذه الطبقة فقط، و لكن يفترض أن تسعى الصحف نحو من لديه برامج و حملات تفيد المواطن و منطقته و يسعى وراء إنجازات أكبر مشاريع خدمية أكثر.
علي عيسى
التعليقات