إذا أردنا ان نقول الحقيقة، ونبتعد عن دفن الرأس في الرمل يجب ان نشير الى ظاهرة تتزايد خطورتها سنة بعد أخرى، وهي انخفاض كفاءة الجهاز التعليمي المدرسي 0 وفضلا عن المشاهدات الانطباعية، فنحن نبرهن صحة دعوانا اعتمادا على منهج الاستقراء العلمي حيث المقدمات تقود الى النتائج بصورة حتمية لا جدال فيها 0
ففي السنوات الأخيرة تراجعت بشكل ملحوظ وملموس القيمة الاجتماعية للمعلم وكذلك مقدار الأجور بشكل خطير قياسا بالقطاعات الأخرى الناشئة، وهذه الحقيقة أصبحت ملموسة محسوسة تبرهنها معدلات الأجور الفعلية في المهن الأخرى الأكاديمية وغير الأكاديمية ومن الطبيعي نتيجة لذلك ان يكون هناك عزوف عن الالتحاق بالمهن التعليمية الا من قبل العناصر الضعيفة طبقيا وعقليا، ومن فئة الضعاف فقط فالطالب الألمعي الذكي ذو الشخصية القوية عندما ينهي الثانوية العامة لن يتوجه لمهنة التعليم 0 ولا يلتحق في مهنة التعليم الا من هم على خط القبول الادنى0 وأبناء الطبقة الميسورة لا يفكرون بمثل هذه المهنة منذ البداية وجميع الأشخاص الذين يملكون قدرات متميزة لا يلتحقون بمهنة التعليم، فمن يلتحق بها بعد هؤلاء؟ أنهم معلمو اليوم 0
ان المطالبة المستمرة بتغير مستوى مهنة التعليم من خلال قرارات استراتيجية لا ينطلق من مفاهيم إنسانية أو دعوات استرحام واستجداء كأن تتفضل وزارة التربية وتشفق على الغلابى المنتشرين في القرى النائية والبوادي ومع البدو الرحل 0 فنحن لا نطالب بمساعدة الغلابى أو الشفقة عليهم أو التقدير و المساعدة لهم، فتلك مفاهيم عفي عليها الزمن، ان ما نقصده نظرة اقتصادية علمية عقلانية لتحقق الوزارة أهدافها ولا تهدر ملايين الدنانير 0 من اجل إحلال واستقدام العناصر ذات الكفاءة مكان الضعفاء 0 وما هو معلوم للوزارة حاليا ان معظم أصحاب الكفاءة يتركون العمل ويهاجرون الى دول الخليج أو يرحلون خارج وزارة التربية، و حامل الدكتواره الحقيقية يترك الوزارة الى الجامعات حتى بعد 15 سنة من الخدمة 0
ان مطالبنا تلك لا تشكل إرهاقا للوزارة وانما تشكل استثمارا حقيقيا يبرر الأنفاق على الجوانب الأخرى 0 لتدرس الوزارة مثلا مدى استفادة كوادرها الضعيفة حاليا من إنفاقها على التدريب في مهارات الحاسوب 0 ستكتشف موضوعيا أنها أهدرت عشرات الملايين في ارض قاحلة وهي كمن يبذر القمح في ارض جدباء 0