ان التحديات التي يواجهها الرئيس غازي الياور كثيرة، كما انه لايمكن الشك بقدرات الرئيس في مواجهة هذه التحديات ولعل اكبر واخطر قضية يواجهها هي قضية كركوك، هذه المدينة النفطية التي قاست وعانت الكثير والتي لم تستفد من نفطها شيئا، وقد تأتي بالدرجة الاولى من ناحية التخلف وعدم الاهتمام طوال السنوات العجاف، وان عملية التأميم التي لجأت اليها الحكومة السابقة لم تفد كركوك في شئ بل واضرتها بان خسرت اسمها التاريخي و صارت تعرف بمحافظة التاميم.
واما اهلها الاصليون من التركمان فقد واجهوا اعنف واشرس حملة تشنها حكومة نظامية ضد مواطنيها بغية تغيير الطابع السكاني للمدينة.
ولعل اول مايجب على الحكومة الحالية فعله هو اعادة الاسماء التاريخية للمناطق والشوارع والساحات والمدارس الى ما كانت عليه في السابق ليس في محافظة كركوك فحسب بل في جميع انحاء العراق.
وقد كان الرئيس الياور موضوعيا عندما قال بان كركوك هو عراق مصغر فان استقر استقر العراق وان انفجر انفجر العراق وان مسئولية 26 مليون عراقي تقع على عاتق اهالي كركوك او بالاحرى اعيان مدينة كركوك من اكراد وتركمان وعرب وكلدو اشوريين.
لقد اعطى الرئيس الياور اهمية عظمى للمدينة بان جعلها اول مدينة يزورها وقبله قامت امريكا وبريطانيا بافتتاح قنصليات لهما في هذه المدينة ويحتمل ان تقوم تركيا من باب اولى بفتح قنصلية كبيرة بعد ان كانت تحتفظ بمركز ثقافي صغير فيهايتولى تدريس اللغة التركية للراغبين، ونأمل ان تقوم دول اخرى بفتح قنصليات لها حتى تزدهر المدينة اكثر واكثر وتتحول الى مركز اشعاع حضاري ومدينة تآخي بمعنى الكلمة.
وقد نقل احد اعضاء الجبهة التركمانية عن الرئيس الياور قوله بان الفيدرالية في العراق لن تكون فيدرالية عرقية او دينية، وان التركمان كانوا يشكلون اكثر من نصف اهل كركوك وفق الاحصاء السكاني لعام 1957، ولكنه أكد بان الدولة لن تقوم بترحيل احد من المدينة لان اصلاح الخطأ لا يمكن بالخطأ.
والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه هنا هو هل يستطيع الرئيس غازي الياور ان يحل مشكلة كركوك لوحده من دون ان يتعاون معه الجميع؟ والجواب هو لا اذ يحتاج الرئيس الى مؤازرة حقيقية من اصحاب الحل والعقد من عرب واكراد وتركمان وكلدواشور، لان كركوك قد تعرضت الى مؤامرة كبرى من قبل النظام لبعثي الفاشي الذي قام بعملية غير انسانية لتغيير التركيبة السكانية للمدينة راح ضحيتها التركمان الذين اجبروا على ترك مدنهم وقراهم والنزوح الى مناطق اخرى فيما اضطر اعداد كبيرة منهم الى ترك العراق والعيش بلا استقرار في المنافي القريبة والبعيدة.
والتركمان الان صاروا يشكون من التكريد بعد ان كانوا يعانون من التعريب، ويأملون بان يتصدى كل من الرئيس مسعود البارزاني والرئيس جلال الطالباني لهذه السياسة لكي تظل كركوك مدينة للتآخي الحقيقي، مدينة التركمان والاكراد والعرب والكلدواشور، فالتركمان والاكراد اشقاء تجمعهم وحدة الدين والتاريخ والثقافة والارض والمصير،ولا باس بالاشادة بالمثالية الجميلة لتعايش الاكراد والتركمان في مدينة اربيل وهم ابناء ها الاصليون وورثتها،وان كركوك تحتاج الى نفس الروحية من الكبار تجاه من عانى من الظلم والاجحاف، والاكراد خير من يشعر بمعاناة اخوتهم التركمان لانهم عانوا ايضا من الظلم والاجحاف لسنين طوال ولن يضر الاكراد ان يكون التركمان اكثرية في كركوك.
والاكراد ليسو جيران التركمان في كركوك واربيل فقط بل انهم موجودون معهم يقاسمونهم السراء والضراء في كل مدينة تركمانية حتى في طوز خورماتو وكفري وتلعفر، وان التعايش الاخوي قدرهم الذي لايمكن الفكاك منه.
وعليه فان الحنكة السياسية والحكمة البالغة التي يتحلى بها الرئيس غازي الياور في معالجة القضايا العويصة تحتاج الى مساندة ومؤازرة من جميع الاطراف عربا وكردا وتركمان.
ونأمل من الحكومة الحالية ان لا تغفل التركمان في سياسة التوظيف وتمنحهم ما يستحقون من مناصب وزارية ودبلوماسية وغيرها حتى يزول عنهم احساس الظلم والحيف الذي لحق بهم طوال سنوات التسلط البعثي على مقدرات البلاد.
- آخر تحديث :
التعليقات