ومرّ العام، عاصفاً ايانا بالتغييرات التي كنا نحلم بها بأطار التغيير النوعي في السياسة، حلم الوصول الى الجهة الأخرى لحقيقة القمع والمقابر الجماعية والقهر العام للحريات الفردية.
مرّت السَنة، وجيوش الخارج أعطت ما كنا نحلم به مع (أحزابنا المعارضة)، أحزاب منهم مَن كان (مع) و منهم مَن كان (ضد)، ولكن حقيقة العمليات العسكرية وما آلت إليه من نتائج قد أنتجت نوعاً عجيباً من الأصطفافات الجديدة حول مائدة البديل المقبول لدى قوات التغيير. لم ينحرج اللذين كانوا في جبهة الضد من إظهار اللياقة الدبلوماسية المحدثة فكانوا وبشكل برغماتي مدهش مع واقع العراق الجديد كما كانوا يقولون، تاركين قوى الداخل الموهومة بهم والشعب المقموع الحالم بالجديد يتخبط بتناقضات واقع الحزب الجديد. أما جبهة ال(مع) فمستمرة أو مضطرارة عن مواقفها السابقة مع شكوكنا الجوهري بمستوى معرفتهم الكلّية عن السيناريوهات الموضوعة لمستقبل البلد القريب.
مرّت العام بأجتياح ارهابي همجي، ارهاب الوجود الفيزيائي للبشر، بتصاعد عجيب للوعي المذهبي الشيعي- السنّي، وارهاب الوعي الحر الخلاق الآتي بالحديث، مقتدى الصدر بجيشه المهدي وأبو مصعب الزرقاوي بأنصاره ورجاله المفخخين.
مرت عام واحدٌ فقط، وكأن العراق لم يتعايش حكم البعث وصدام حسين أبداً! قُصرٌ عجيب في ذاكرة هذا الشعب، سلسلة المقابر لم تزل مستمرةٌ تطولُ، وأهالي الرمادي يشتكون من كثرة وجود القاذورات في الشوارع التي لا ينظفها قوات التحالف لهم (!) صاح أحدهم من على ال CNN "هي هاي الديمقراطية؟" حينها فهمت بأن التوتاليتارية تعلم الشعوب الأتكال الشامل على السلطة لسيرورة وجودها غير الحر، القلق.
مرّت العام، ولم أقرأ الكثير من نتاج الوعي العراقي الحر لقراءة وانتقاد جديين لواقع العراق الرديْ، فقد ذهلوا هم بهول التخلف وسطوة المذهب، أشياء لم تتناغم مع أحلام تواصلهم اللغوي الأنشائي مع حضارات العراق القديمة والصروح الخيالية التي بنوها عن تحضر البلد ومواطنينها، وفي صدمة وحقيقة الوجود المتناقض، يختبئ الكثيرون تحت مظلة "نظريات المؤامرة الأمريكية":
-كلها مطبوخة من عندهم.
-الزقاوي أسطورة أمريكية، هم اللذين إختلقوها.
مرت العام وكأن الأدعاءات الركيكة هي التي تنقذ المثقف العراقي من مسؤولية عدم مشاركته في النقد والموقف، إنتهت العام عالمياً، محتفلين بأعياد الميلاد مبشرين ومُشَبعين بروحية تسامح الآخر، وقد مرّت على العراقيين وآخر ما كانوا يفكرون به هو التسامح والمحبة.


هباس بوسكاني/ سيدني