ضمن تداعيات كل حدث أو أمر مهما صغر أو كبر تجد أن الأمور جميعها تنقسم بين تنظير يستخدم المقاييس والأحكام النظرية والطوبائيه، وقد يكون البعض منها خارجا عن المألوف، وبين الواقع الفعلي بتداعياته وظروفه الموضوعية.
وما اصطلح عليهم من قبل البريطانيون بمصطلح العراقيين يعيشون هذه الأيام اسود وأكلح ما تعيشه أي امة في سالف الزمان وحاضره وقادمه على امتداد الإنسانية الواسعة.
وهنا لا نريد القاء اللوم على احد او جهه فانني ارى ان الجمع بكامله وعلى راسه العراقيون انفسهم ملامين اكثر من غيرهم، ولكننا بصدد تطبيق الانتخابات المزمعه على ارض الواقع الحالي بكل ازماته ومشاكله الحياتيه اليوميه و الاستراتيجيه وبالاخص منها ما يرتبط بشكل مباشر بتسيير حياة الفرد شخصيا وبالذات في مثل هذه الايام.
واود هنا ان اقول بانني اجريت شبه استطلاع على افراد متباينين من العراقيين وكان مجرد سؤال واحد:
هل هذا اليوم بالذات من عام 2005 او 2004 افضل بما يخص حياة الانسان كانسان او ان مثيله في السنوات السابقه وبالتدرج افضل؟
وقد كانت كل الاجابات عدا واحده بان حياتي كانسان كانت في السابق افضل، وهذه الواحده ترى ان الانفلات الذي تم نسميته بالحريه هي افضل، أي ان الجواب جاء من غير الزاويه المقصوده في السوأل.
ومن البديهي المنطقي عند جميع البشر السويين وفي كل ارجاء الدنيا ان العراقيين تخلصوا من نظام لم يمر على البشرية شبيه له وسوف لن يمر مع الاستدراك من لن التأبيديه هذه بانه يمكن ان يمر مثل هذا على العراق والعراقيين ثانية، الا ان الانسان يريد ان يعيش الايام التي كتبت له وهو ياكل الطيبات ويأمن في عيشه ويحصل على حاجاته ومن ثم لابد له ان يستخدم المستحدات التكنولوجيه التي ينعم بها اقراننا من بني البشر مع جزء مجزوء متجزء من الذين ينتمون الى العراق سواء هم الان بداخله ام في خارجه فهم على حد سواء.
ولكن الحاصل بعد اختفاء النظام وازلامه وسلاحه وامواله، هو فوضى عارمه امنيا يمكن وصفها بالعصور الموغله في القدم يوم لايحمي الانسان الا نفسه بنفسه مع حماية العزيز الجبار، واما مفردات الحياة والاحتياجات الانسانيه فقد فقدها الانسان المسمى بالعراقي بشكل كامل من دون استثناء.
قد يكون وصف محنة او مأساة لحالنا الان قاصرا بازاء ما نعانيه وما نعيشه واقعا ملموسا وليس تنظيرا فكريا او حزبيا او مصلحيا ذاتيا.
ومن هنا يجدر الوقوف بتمعن كامل وعقل مفتوح وروح متحضره انسانية التفكير والعمل سالمه مسالمه للنظر في امر الانتخابات المزمعه وامكانية اجرائها من عدمه والنتائج المتوخاة من اجرائها او عدمه، مع التأكيد الكامل على ان تنبثق هذه النظرة من الواقع الفعلي المعاش.
تسمى المنطقه الجبليه التي تتصل بايران وتركيا ويحدها جنوبا السهل الرسوبي وغربا هضبة قاحله. تسمى هذه رسميا باقليم كردستان وهو اقليم قائم على ارض الواقع ومنفصل بالصورة التامه جغرافيا واثنيا عن الجزء الاسفل من خارطة سايكس بيكو لدولة العراق وهو سينعم باجواء انتخابات أمنه لا يشوبها الا التزوير المعهود في الامم النائمه او الناميه.
اعتنق سكان الهضبه الغربيه او ما اسماه المحتلون بالمثلث السني هؤلاء اعتنقوا عقيدة الجهاد والكفاح المسلح لطرد المحتلين الكفره وتطهير ارض الرسالات منهم وكما يرد في ادبياتهم سواء السلفية منها او الصداميه على حد واحد ولكن من المفيد جدا الاشارة الى ان عواصم محافظات هذه المنطقه قد وقعت فرمانات مع الجيوش المحتله لتسليم البلاد والعباد بدون قتل او قتال، وكما يجب الاشارة ايضا الى الحسابات الرياضيه البسيطه تؤدي باليقين القاطع الى ان قيام عراق ديمقراطي وبانتخابات حره ونزيهه سيؤدي الى تسليم الحكم الى الشيعه لكونهم يمثلون الاغلبية العدديه وهذا ما يحدث لاول مره منذ 1400 عام عدا سنوات حكم الامام علي عليه السلام او قيام دويلات او امارات شيعيه هنا او هناك، ومن البديهي رفض مثل هذا ومن ثم مقاومته حتى بالمقاومه المسلحه كما يسميها البعض ويؤيدها الملك الاردني وغيره من المنافقين والدجالين وقسم منهم يرتدون العمامه ويتزعمون حركات منسوبة للتشيع وهو منهم براء لان التشيع لا يؤمن بسفك الدم او القتال الا بامر الامام المعصوم وليس نوابه الكثيرون الان !!!.
يبقى السهل الرسوبي ومناطق الخير والبركه وسكانه الذين يمثلون الان عقدة العقد والرقم الاصعب في المعادله وذلك لاسباب عده لا نريد الخوض بها هنا، الا ان مايجدر قوله هو ان سكان السهل الرسوبي الان منقسمون بين مرشح وناخب ومعارض علنا ومتستر عن المعارضه العلنيه وبين شرائح المجتمع الاخرى والتي تعيش الان محننا انستها نفسها دونك الانتخابات وغيرها.
اذن المعادلة الان برقمين وعامل مساعد وهذان الرقمان هما الشيعه والسنه واما العامل المساعد فهو الاكراد الذين يمكنهم لعب دور حليف السنه تحت خيمة المذهب الواحد او التحالف مع الشيعه تحت خيمة المعاناة التي عانوها من نظام صدام وجلاوزته من ابناء المثلث السني.
كما اننا امام احتمالين لاثالث لهما في وبعد الثلاثين من كانون الثاني 2004:
1) اجراء الانتخابات في موعدها هذا مع مقاطعة السنه لها والتهديد بشن حرب على المراكز الانتخابيه لمنع وصول الناخبين اليها مما يعني بديهيا حدوث مجازر بشريه مشابهه الى حلبجه او مقابر الشيعه، وهذا الفرض سيؤدي بالبديهة ايضا الى حرب اهليه لا سامح الله، فليس من العقل تصور مذابح جديده وفي انفلات امني كامل من دون رد بالمثل او اقسى منه.
2) الاحتمال الاخر هو عدم امكانية اجراء الانتخابات وتعذر ذلك مما يعني حدوث فراغ اداري وحكومي وخصوصا في المنطقه الجنوبيه وهو اشد فتكا من الانفلات الذي حصل بعيد اختفاء النظام السابق.
كانت البداية لي بالواقع وليس بالتنظير لانني لعدم ايماني به لا اعطيه اكثر من كلام منمق يتحدث به القائل او يتلوه من ورقه وهو قد اعصب عينيه فلا يرى الا مصلحته الشخصيه الانانيه دون غيرها مطلقا، ثم ان الجميع قد سمعه او قرئه فلا داعي للخوض فيه.
وهنا لابد من القول الفصل والقاطع مثل الفيصل لكل المنظرين مهما كانوا واينما وجدوا قولا صريحا:
ان عجلة الزمن لا تدور الى الخلف مطلقا لان هذا منافي للعلم، وهذا يعني انه لايمكن لسكان السهل الرسوبي او ارض السواد ان يقبلوا التنظير ولن ينتظروا الذباحين يعودون اليهم تحت أي اسم ويرتدون أي لبس ويضعون ورائهم اية يافطه.
وبعد فانهم قد اعدوا العدة وتهيئوا واستعدوا لحسم القضيه سواء جرت الانتخابات او لم تجري او وافق عليها المصريون والسعوديون والايرانيون ام لم يوافقوا وشارك بها الاخوان في الفلوجه كما يحلو للسيد وزير الدفاع الشيعي تسميتهم او لم يشاركوا.
نعم فالشيعة الان مستعدون لقيام كيانهم المنشود ليحفظوا ارواحهم وارواح اخوانهم السنه من الفتنة الطائفية وعلى مبدا الجيرة الحسنه.
وهم يوجهون ندائهم الى الولايات المتحده الامريكيه ورئيسها بوش قائلين:
يوما ما في عام 1991 وافق ابوك على قتل الشيعه وابادتهم وحصل ذلك، ثم جاءت ادارتكم الاولى فحررتم الشيعه من صدام وازلامه وهم اليوم يمدون اليكم يدا سالمه مسالمه لبناء كيانهم ويطلبون منكم حمايتهم من ايران والسنه لاغيرها، فعسى ان يجد مطلبهم هذا موافقة عاجلة من ادارتكم لكي تغسلوا مافي القلوب مما فعله ابوكم.
وليكن شعارنا بعد اليوم:
يدا بيد من اجل ارجاع حقوق الشيعة المغتصبه.
والله من وراء القصد.
محمد سعيد الخطيب
[email protected]