شيبا وشبانا، رجال ونساء، مسلمين ومسيحيين وآشوريين وصابئة، عرب و كورد و تركمان و أقليات أخرى، كانوا يتدافعون ويتزاحمون أمام مراكز الأقتراع، كانوا يتقاتلون لكن هذه المرة ليس من أجل قتل أحدنا الآخر بل من أجل الفوز بفرصة الوصول الى صناديق الاقتراع و التسجيل في سجلات الناخبين.

الجميع كان مندفعا ليثبت بأن العراقيين أهل للديموقراطية لأنهم أول من مارسها و أسس لها عبر التاريخ الحضاري الممتد لما يقارب 7000 آلاف عام، الكل يريد أن يشارك في صناعة القرار السياسي، الكل يريد أن ينتخب و لأول مرة بحرية ممثليه الى أول برلمان ينتخب بطريقة ديموقراطية حضارية في البلدان العربية، لم يكن هنالك أعيان أو أشراف أو أصحاب جاه أو ملاك أراض أو برجوازيون أو قادة أحزاب، بل كان الكل سواسية، مواطنون عراقيون يقفون في الطابور ويأخذون ورقة التصويت كما الآخرون، لم تكن هنالك تأثيرات حزبية أو بنادق مشهورة على رؤوس الناخبين تأمرهم وتحضهم على انتخاب هذه القائمة أو تلك. لم يكن هنالك مخاتير وجيش شعبي ورفاق حزبيون ينتظرونهم على أبواب بيوتهم ليأمروهم بانتخاب القائد الضرورة بنسبة 100%.


نعم انتخاباتنا لم تكن مثالية ولم نتوقع بأنها ستكون مثالية كما يحدث في البلدان العريقة الديموقراطيات، و إذا كانت قد حدثت تجاوزات هنا أو هناك فإنها أمر طبيعي في بلد لم يكن فيه غير القائد الضرورة، الذي تحول فيما بعد الى بطل للجحور، لم يكن في وطننا غير حزب واحد هو حزب العفالقة اشباه الرجال، لم تكن لدينا صحف أو اذاعات أو قنوات فضائية غير ما كان يسمح به النظام المعوج.

كانوا يحاولون، هددوا و أزبدوا و أرعدوا وقالوا من أنهم سيغرقون شوارع العراق المقدسة بالدماء ومن أنهم سيدمرون مدننا الزاهية، لا لشئ إلا لأننا قلنا لا للدكتاتورية و لا لنظام المقابر الجماعية، لكن هيهات لم يفلحوا ولن يفلحوا، لقد حاول قبلهم الدكتاتور المعوج، حاول قبرنا جميعا في قبوره الجماعية، لم يفلح في ذلك لأننا كالنخلة العراقية ممتدة جذورها في أعماق الأرض ولن يستطيع أي مجرم أو دكتاتور من إقتلاعنا أو القضاء علينا.

ولكي ينجح زرقاويهم أو خضراويهم أو حمراويهم أو دوريهم أو خصاونتهم في قتلنا واقتلاعنا ومنعنا من دفع عجلة الديموقراطية الى الأمام فإنهم بحاجة الى 24 مليون ارهابي، ارهابي لكل عراقي، ولن يفلحوا لأنهم لم يفلحوا في منع عجوز جاءتت تنتخب على كرسي متحرك.