قد يستغرب البعض هذا العنوان، الذي يضع سبب احداث وقعت في زمن ماضي على حدث وقع بعده وان كان بايام، ولكن الحقيقة وكل الحقيقة تؤكد ذلك، فصياحنا واستنكارنا وتنديدنا بما حدث في الحلة اذا كان امر مطلوبا وواجبا من قبل المواطنيين والمسؤولين، فان الامر نفسه مطلوب لما حدث في البصرة، والا فأن طيور الظلام ستتحول بمرور الزمان الى متفجرات متنقلة تستهدف كل ما تعتقده مخالف لتفسيرها للدين.

بدأت الحركة الاسلامية كاي حركة دينية ترمي الى الاصلاح وزرع قيم الدين في النفوس، ورفعت شعار العمل بالمعروف والنهي عن المنكر، واذا كان العمل تحت هذا الشعار قد اتخذ في البدايةمنحى سلمي، الا ان هذه الحركة او الحركات، كانت تحتذي بما مارسه الاسلام الاول اي تمسكن الى ان تتمكن، ففي اول بادرة التمكن لديها، وقد جأت عندما استعانت بعض الحكومات بها لضرب التيار اليساري، بدأت هذه الحركات بمحاولة فرض قيمها بالقوة وخصوصا في الجامعات والمعاهد العليا، هذه التحربة يمكن ملاحظتها في اغلب الدول العربية، تكاد التجربة تتشابه حد التطابق، الى ان تحولت بعض الانظمة او قيادات الانظمة ضحية لهذه الحركات وطبعا بعد ان تمكنت.

ولكن التمكن ليس له حدود، والوطن ومجال العمل ايضا في حالة اتساع(الحركات الاسلامية تعتبر كل الاراضي التي تسكنها اغلبية اسلامية هي اراضي اسلامية وبالتالي هي وطن للمسلمين كلهم)، الى ان بدأت بعض الحركات ومن خلفها بعض الحكومات او اشخاص متنفذون في حكومات معينة، انه بات من الممكن فرض اجندة الحركات الاسلامية على الدول الاخرى بارهابها وتهديدها. وخرج لنا شيوخ الارهاب بفتاوي حسب الطلبن فالحوريات تضاعف عددها، وباب الجنة بات مفتوحا لمن يقتل اكثر، وانتشرت ظاهرة الانتحاريين، الذين يتسمون باسم الاستشهاديين، وكل شهيد تنتظره سبعون حورية بضة بكر لكي يفض بكارتهن. وبات القتل المقدس اي لغاية مقدسة منتشرا ومقبولا، لا بل يوجد له منظرين كثر في عالم العربان، ومنهم جأنا هدية منفذ جريمة الحلة التي راح ضحيتها اكثر من مائة وسبعون ضحية بريئة لحد الان، لم يكتفوا بارسال هديتهم المقيتة هذه، لا بل احتفلوا بقتلهم هذا العدد الكبير، وهذه دلالة لا تخيب للحصول على الجنة والحور العين، هذه هي نتيجة التنظير للموت التي تم اشاعتها في الفكر العربي والاسلامي، بحجة محاربة الاعداء، وهذا هو مالنا يعود الينا، لكي يقتل منا، واذا كان اليوم يأتي من الخارج، ويقتل من يعتقده عدوا، لانه يختلف معه في الدين او في المذهب، فغدا ان استفحل سيقتل من المذهب نفسه، لانه يعتقده غير سليم النية والطوية او متاثرا بفكر الخوارج او او واسباب للقتل للحصول على الجنة سهلة الايجاد، المهم نفذ والسبب سيأتي لاحقا.

في البصرة الفيحاء، مدينة التسامح والتألف المدينة المنفتحة على الكل، تخرج فئة ضالة لكي تنكل بالناس وخصوصا بالطلبة والطالبات الجامعيين، محاولة فرض رؤيتها للدين عليهم، محاولة فرض قييم وملبس واسلوب معين عليهم بالقوة، لانهم يعتقدون انهم تمكنوا، وليس عليهم بعد الان ان يتمسكنوا، فالفرض والفرض، وكل من لم يطع، فمصيره الضرب ومن ثم الطرد وان لم يتقبل الامر فالقتل اهون الشرور، هذا الذي حدث باختصار، مجموعة تريد فرض قانونها الخاص، متجاوزة قانون الدولة الذي يقر بالحريات الاساسية ومنها حرية الرأي والمعتقد، واليس من اجل هذا حارب العراقيون، ام من اجل ان يخرجوا من قفص الايمان بمبادئ ثورة السابع عشر من تموز، لكي يدخلوا قفص الايمان بالاسلام وشعائره وشريعته، والمشكله انه كان هنالك سابقا صدام واحد يحدد مبادئ السابع عشر منة تموزن والان لدينا الف الف من يريد تحديد شريعة الاسلام، والناس حيارى.

ان من يتساهل اليوم مع مجرمي البصرة، حقا انهم مجرمين لانهم قاموا بعملهم مع سابق تصميم وترصد، وهم مجرمين لانهم تعدوا على الحريات الشخصية والعامة، وهم مجرمين لانهم تجاوزوا قاتنون البلد المعمول به، وحاولوا فرض قانونهم الخاص، اليس هذا ما يفعله اللصوص والعصابات المسلحة، والمشكلة لن تقف لهذا الحد فالتجربة تقول لنا ان فلت الامرم من عقاله فسنرى المفخخون في كل مكان، ولن يكون القتل لان الشخص ينتمي الى الدين الفلاني، كما حدث مع المسيحيين والايزيدية والصابئة، او لانه من المذهب الفلاني كما يحدث وحدث في النجف والكاظمية والحلة، بل سيتحول الى الطائفة نفسها، لان هنالك من يحاول فرض قيم بالقوة، وسيكون هنالك من يرفضها لانها مفروضة، وسيكون شعار الله يرحمك يا صدام ليس بغريبا على الاذان.

ان الدول التي اتخذت الاسلام السياسي منهجا لها، لم تنجح في اي شئ الا في الصراخ والتهديدات التي تكيلها للاخرين، في التلفزيونان واجهزة الراديو التي تشتريها ممن تسميها اعداءها، ولم تنجح الا في العمل على زيادة سكانه بنسب رهيبة، مما وسع الطبقات الفقيرة وقلص الطبقات الغنية والوسطى، فهل تشهلدون ذلك ام لا، هل ترون اننا المنطقة تتراجع عن ما كانت عليه قبلا من التطور في المجال العلمي والاجتماعي والثقافي، وننجح فقط في زيادة اصحاب العمائم اسيادنا الشيوخ وفتاويهم التي تأتي حسب الطلب.اليست هذه الاجواء التي تخلق مثل مفجر ذاته في ابرياء الحلة او بالاصح شهداء الحلة فهم الشهداء الحقيقيون، وليس المجرم الذي فجر نفسه، واليوم الذي يستنكر ما حدث في الحلة عليه ان يستنكر وبقوة اكبر ما حدث في البصرة، لانه من هنا تبداء الرحلة للوصول الى ما حدث بالحلة والموصل وغيرها.

تيري بطرس