تعقيب على ملفّ " امّة تقرأ لغير كتّابها"

أمجد أبو مهيب : سأبدأ من حيث خلص الملف إلى استنتاجه " نحن أمة تقرأ حين تستطيع وتبدع حين تستطيع .. وبينهما يقع مجتمع يحاول بشتى الطرق الوصول إلى مستوى معين من الوعي والثقافة . وبين محاولة الابداع ومحاولة رفع مستوى الثقافة .. حرب " اتهامات بالتقصير " بين الطرفين ."
نحن أمة لا تقرأ حين تستطيع .. وفي حال تمكنت من ذلك فإنها لا تعرف كيف تقرأ . ونحن أمة لا تعرف كيف تبدع وفي حال أبدعت فتكون لمرة واحدة . فهذه الأمة التي أنجبت قارئ أعاق تقدمه النظام التعليمي والوضع الإقتصادي هي نفس الأمة التي أنجبت كاتب اعاق تقدمه المشاكل نفسها . ولعلي أضيف ردا على ما قدمه الملف لمن يحارب بمقولة نحن أمة لا تقرأ ،كيف يمكن لنفس الأمة التي لا تقرأ أن تنجب كتابا مبدعين؟ أم هؤلاء المبدعون خارج نطاق هذا الحكم .وعودة إلى الأمة التي تبدع ،من منكم يمكنه وبمنتهى الصراحة القول أنه يملك مجموعة كاملة لكاتب عربي وأنها كلها بشكل عام ممتازة . المبدع العربي أبدع على حساب قضية –كتب فيها فقال كما فسر الملف – وكتب وفيها ولم يقل من جهة أخرى ، وبما أن القضايا العربية خسرت و بجدارة مكانتها فان أي بحث فيها بلا أي قيمة ناهيك عن التغلغل بنظريات المؤامرة من جهة والوعظ من جهة والتبعية للسلطات أو حتى انتقادها بما يخدمها . وفي حال تطرقنا إلى الروائي العربي ، هناك من كتب ، من المؤكد أنه هناك من كتب وأبدع وأثّر وإنما لمرات قليلة .وفي هذه الحالة إما كتب وتنحّى وصار يعيش على أمجاد عدد قليل من الروايات أو كرر محاولاته وكرر نفسه إلى حد الملل .
وفيما يتعلق بالوضع الإقتصادي فإن الملف قد أغفل نقطة هامة . إننا أمة لا تقرأ لأنها وببساطة لا تريد ذلك . فمن يمكنه تحمل نفقات فسحات و نزهات و سهرات طوال أيام الأسبوع ، من المؤكد أنه يمكنه أن يدفع ثمنا لكتاب . إلا أن الكتاب لهؤلاء لا يعني شيئا . ولست أطالب بالتخلي عن أي نشاط ترفيهي من أجل المطالعة ، الا لمن يعتبر ان متعته تأتي من المطالعة ، فهذا وضع مختلف تماما . على العكس ، فليتفسحوا و يسهروا و يفعلوا كل ما من شأنه اأن يخفف عنهم عبء الوضع الإقتصادي الذي ألزمهم بوظائف إستعبادية وبمردود مادي مهين .فلما يريد هذا العامل أو العاملة ، بعد أن أمضى حياته كاملة يصارع من أجل التخرج من المدرسة ثم الجامعة ثم الحصول على وظيفة أن يجلس ويطالع كتابا ، فليحدق بالحائط ساعات طويلة كما ذكر الملف ، فهو يملك الحرية لفعل ذلك لو أراد . لا يمكن مطالبة من لا طاقة له على الصمود إلى آخر النهار بتثقيف نفسه .فلنعرض الواقع كما هو ، من يقرأ فعليا ؟ من يقرأ هم أولئك المعنيون بفعل القراءة أو الكتابة . الكتاب ،أهل الصحافة ، أساتذة الجامعات ، المحللون ، مع احتمال وجود فئة تقرأ لأنها تحب المطالعة . ما يطرح سؤالا ، ما هي المطالعة ؟ هل هي قراءة رواية ما خلال فترات زمنية متباعدة ، لأنها لو كانت كذلك فأعتقد أن كل الأمة العربية تقرأ ، أم هي مطالعة عدد محدد من الكتب السياسية والاقتصادية والشعرية خلال فترة زمنية محددة ؟
فليقم أحدكم بالتوجه إلى أقرب مكتبة ،وليقم بجولة . لا تشتري أي كتاب ، فقط اطلع على العناوين وبعدها قرر . هل ستشتري كتابا عربيا أم أنك ستشتري رواية أو كتابا مترجما . وختاما ، إلى كل من حارب بمقولة إننا أمة لا تقرأ ، الرد هو وببساطة أكتبوا ما يستحق القراءة فسنقرأ وليس هذا فقط ،قد نروج لكم في الخارج أيضا . كل ما عليكم القيام به هو كتابة ما يستحق أن يقرأ .