لا تدع الضغط يؤثر عليك فالنجاح صعب

مصطفى عبد العزيز: " ذاكر يا إبني ، عايزينك تطلع من الأوائل ، ربنا ينجحك "..هذه هي بعض الجمل التي نسمعها بكثرة مع اقتراب موعد الامتحانات حين يزداد الضغط النفسي والعصبي داخل المنازل وتشتد المناوشات بين أفراد العائلة. فمنهم من يريد مشاهدة التلفزيون، ومنهم من يريد قليلا من الهدوء حتى يتمكن من المذاكرة .ففي هذه الفترة تطبق حالة الطوارئ وكأن موعد الامتحان هو موعد لبدء حملة عسكرية ،على الطرف الأول فيها شن الهجوم اولا حتى يسحق العدو المتمثل في ورقة الامتحان ويطرحها أرضا ويحقق النصر العسكري .

الا ان المثير للغرابة في هذه الفترة العصبية الحاسمة هي طريقة تعاطي الاهل مع أبنائهم من الطلبة،فعوضا عن توفير الراحة النفسية والطمأنينة فإنهم يمارسون اقسى انواع الضغوطات فتتحول كلمات التحفيز الى "جمل تشجيعية " اشبه بتلك التي يستخدمها القادة العسكريين .ولعل الاموال الطائلة التي ينفقها الاهل على الدروس الخصوصية ورسوم المدرسة والباص وشراء الكتب والملابس تعد مبررا لهذه التحفيزات "القاسية " ، فالرسوب يعني خسارة ما تم دفعه وإعادة الدفع مجددا لسنة ضاعت سدى . ما يطرح تساؤلا هنا حول جدوى صرف هذه الاموال في بعض الاحيان ، فالواقع يشير الى ان عدد كبير من أبناء محدودي الدخل الذي لا ينفقون اكثر من الرسوم المدرسية من الطلاب المتفوقين . الا ان خسارة هذه الفئة الاخيرة _ في حال الرسوب _لا تتعدى سوى الرسوب واعادة السنة ، اما الفئة الاولى التي تستثمر اموالها في مشروع تعليم ابنائهم فإن الخوف من "الخسارة" يدفعهم الى اعتماد الضغط النفسي واشاعة جو عام من التوتر والقلق من دون قصد معظم الاحيان لانهم يشعرون بذلك القلق فعلا ولا سبيل لهم للسيطرة عليه .
وهكذا يتحول التلميذ الابن او التلميذة الابنة الى مشروع استثماري بحت خاسر معظم الاحيان كونهما لم يعدا "دراسة جدوى" لهذه المرحلة ..
فعلى الرغم من انفاقهم الالاف الجنيهات او الدولارات ،إذا كان أبناءهم من رواد مدارس الدبلومة الأميركية، الا ان سوق العمل المصري بات لا يفرق بين خريج الدبلوم او المعهد او الجامعة الحكومية بل حتى انه لا يفرق بين خريجي الجامعة الأميركية وبقية الجامعات .
ولعل هذا الوضع دفع بعدد من أولياء الامور الى التفتيش عن حلول بديلة لتفادي هذا المعمعة .. وكانت كرة القدم مخرجا لعدد كبير منهم .فهذه الرياضة بعيدة تمام البعد عن مذاكرة الدروس الخصوصية وإن كانت رسوم التسجيل في مدارس تعليم الكرة مرتفعة الى حد ما ، لكن الانفاق الحالي والواسطات والتسهيلات الحالية لا تعد مشكلة ، فلاعب كرة القدم يجني ملايين الجنيهات في الموسم الواحد ..فهذا هو الاستثمار الحقيقي لهم .
وبعيدا عن جدوى هذا الاستثمار او عدمه فإن الوضع هو كالتالي ، لا يملك التلميذ اي حرية او خيار في طريقة تعاطيه مع فترة المذاكرة قبل الامتحانات ، وهكذا تجد عددا كبيرا من الطلاب يلجأ الى تعاطي الاقراص المنشطة والاسبرين من اجل متابعة حماسة الاهل على الدرس .. فالـ 24 ساعة مذاكرة غير كافية يوميا ، فالاهل وخلال فترة الامتحانات يقسمون الايام وفقا لتقيممهم لنشاط اولادهم .