شاكر حسن آل سعيد، إسماعيل فتاح الترك، نهى راضي من خلال معرض تحية إليهم وعبر ذاكرة الفنان رافعالناصري
في مؤسسة خالد شومان وفي موقع دارة الفنون البناء الأثري الجميل الرابض في اللويبدة والذي استخدم قديما كسكن للقائد الانجليزي للجيش العربي، قبل أن تعيد مؤسسة عبد الحميد شومان ترميمه واكتشاف آثار تعود إلى الحقبة الرومانية فيه ومن ثم تخصيصه لخدمة الفنون والآداب، في تلك الدارة الهادئة الموقوفة لخدمة الفن وتنمية الثقافة البصرية من فن تشكيلي وسينما بالإضافة إلى الموسيقى والآداب، تجمعت ثلة من عشاق الفن للاستماع إلى محاضرة الفنان العراقي رافع الناصري عن تجربة الفنانين العراقيين الذين رحلوا خلال هذا العام القاسي على الفن العراقي خصوصا والعربي عموما بحصده الجماعي لأرواح ثلة من رواده.
قام الروائي إبراهيم نصر الله المشرف على البرنامج الثقافي في الدارة بتقديم المحاضر، فأعطى نبذة عن السيرة الذاتية للفنان الناصري المولود عام 1941 و الذي درس في بغداد والصين وسالسبورغ وعمل في عدة مواقع منها معهد الفنون الجميلة في بغداد و دارة الفنون ذاتها وجامعة اليرموك والبحرين، واهتمامه بالرسم وفن الحفر(كرافيك)، ثم جاء دور الفنان الناصري الذي حول الجلسة الحاضرة إلى نوع من التذكر الحميم لأصدقاء كانت معرفته بهم تزيد على الثلاثين عاما لكل منهم.
بدأ رافع الناصري حديثه عاما بأن سمى أربعة أعمدة للفن العراقي من وجهة نظره وهم فائق حسن، جواد سليم، محمود صبري، شاكر حسن آل سعيد، و بعد أن عرض بشكل سريع لريادة كل منهم، انتقل بالتخصيص لشاكر حسن، الذي اهتم بشكل خاص بالتجريد في الفن وروحانية أعماله التي تقترب من الصوفية، بدءا من معرضه الأول عام 1969 في متحف الفنون في بغداد "معارج" وما بشر به من تميز وجدة ودهشة غير مفهومة إزاء تلك الخطوط والألوان التي تفترس مساحة اللوحة، وانتهاء باهتمامه حد الهوس بتفاصيل ما أسماه الأثر، أثر إنسان أو زمن على مخطوطة أو جدار، فهذا ما كان يثير شاكر حسن لتخليده والتقاطه والتعبير عنه، قبل أن يصاب بالكآبة في آخر حياته، تحدث عن كشك في كراج العبدلي في عمّان ومدى إعجاب الفنان شاكر حسن به لما حوى من أثر تراكمات الزمن عليه وطلبه من أدارة دارة الفنون شراءه في الفترة التي عمل الفنانان فيها في عمّان كمستشارين فنيين في الدارة وعن دور آل سعيد في تنشيط الفعاليات الفنية في عمّان من خلال عمله في مؤسسة عبد الحميد شومان، كما تحدث عن لوحات آل سعيد التي تشاهد من الجانبين الفكرة الرائدة التي ميزت جانبا من أعمال الفنان، كما تحدث عن جوانب إنسانية حميمة، عن افتقار آل سعيد لمرسم طيلة حياته ومزاولة أعماله الفنية في بيت الدرج، محاولته حرق مادة بتروكيماوية لاستخدامها في إحدى اللوحات كادت تحرقه.
وعن الفنان إسماعيل فتاح وأثره في فن النحت العراقي ، فقد أفاض بالحديث عنه وعن أهم أعماله عام 1984 والمتمثلة بفكرة نصب الشهيد الذي هو عبارة عن قبة فيروزية هائلة مشطورة نصفين ترتفع أربعين مترا عن سطح الأرض، شهد مولد فكرتها الأولى والفنان إسماعيل فتاح يشطر برتقالة نصفين شارحا فكرته المبتكرة، ثم عن عمله في إنجازه بالتعاون مع مجموعة من المعماريين و اهتمامه بالتفاصيل والتدرج اللوني في السيراميك والذي طلبه أن يكون متدرجا في الزرقة كسيراميك كربلاء اليدوي، خاليا من الانتظام، مما ادى بالشركة المنتجة لإقامة معمل خاص لهذا الغرض لتحقيق شرط الفنان.
تحدث عن حداثة مواضيعه في وقت لم تكن الساحة الفنية مهيأة للحداثة، وبالكاد كانت الساحة الأدبية العراقية تستقبل الحداثة الشعرية، وانتقل إلى اهتمامه الخاص بالكتلة والظل وعلاقة الرجل بالمرأة والوجوه الإنسانية غالبا، ميله للاقتصاد في اللون وغلبة الأبيض والأسود على لوحاته الزيتية وربما قليلا من الأزرق، وعن تأثره وعلاقته بزوجته الفنانة الألمانية ليزا والتي اعتبرتها الساحة الفنية في العراق فنانة عراقية، عن اضطراره لمغادرة البيت متى ما كانت ترسم واحتفاظها بتفاصيل اللوحة إلى حين الانتهاء منها تماما عن طريق تغطيتها، عن اهتمامه المتأخر بفن الغرافيك والرسم بعد أن أنجز نصب الشهيد وصار صعبا نحت أعمال صغيرة بعد هذا العمل المتميز، اهتم بفن الغرافيك ونسخ العديد من النسخ إبان فترة الحصار وهي تباع في العراق الآن بشكل تجاري لا حفظ فيه للقيمة الفنية أو حق الفنان وتطبع بالمئات. ولم ينس أن يسهب في ولعه بالرسم ورسمه لمطعم الغريب بتفاصيله لتوثيق جزء من الحياة الثقافية في بغداد، مشاكله مع صاحب البيت الذي استأجره في الأعظمية لممارسة أعمال صب الزنك ولم يحتمل صاحب البيت ما سببه له الفنان من دمار.
وعلق على مقولة اسماعيل فتاح الأثيرة بأن الفن العراقي يجب أن من يمر من تحت "نصب الحرية" والتي أضاف لها الناصري جملة "ومن بين نصب الشهيد"، كانت عملية التذكر مشتركة شارك بعض الجمهور فيها تم تذكر النصب التي انتشرت في بغداد وأولها تمثال الرصافي قبل أن يليها تمثال الكاظمي ثم أبي نؤاس إلى آخر القائمة التي زخرت بها شوارع بغداد.
ثم كان الحديث عن نهى راضي، عن بيتها بالاستديو المخصص فيه للخزف والذي كثيرا ما جمع الأصدقاء، تميزها بهذا الفن وطرافة المواضيع التي تناولتها مثل عملها طبق خزفي جميل تضع فيه سحلية بيتية صغيرة معروفة في العراق باسم البريصي عرفها الحاضرون ب"أبو بريص" ، عن شخصيتها المرحة وعملها في تصميم الازياء المستوحاة من التراث العراقي، لجوئها إلى ابسط الأدوات في التعبير مثل بقايا السيارات، إثر قرارها المفاجئ بترك الخزف واللجوء إلى الرسم الذي تعلمته بعد أن تخلت عن الخزف دون مقدمات أو ذكر أسباب، وتطرق ضمن الحديث عن مشوارها إلى عملها في مسرح المدينة مع الفنانة نضال الأشقر، وكتابها يوميات بغداد ورغبتها الدائمة في تجربة فنون جديدة.
هذا واشتمل برنامج التحية على معرض خاص بعنوان تحية إلى الفنانين العراقيين شاكر حسن آل سعيد، اسماعيل فتاح، نهى راضي للفتر من 5/10/2004 ويستمر حتى 18/11/2004 والمعرض يضم لوحات لكل من الفنانين العراقيين: رافع الناصري، محمود العبيدي، سالم الدباغ، سامر أسامة ، كريم رسن، إبراهيم رشيد، علي طالب، نديم كوفي، هيمت محمد علي، مها مصطفى، حليم مهدي، والفنانين الأردنيين: سامر الطباع، حازم الزعبي، خالد خريس، سهى شومان، محمود طه، عزيز عمورة، وهم يمثلون مختلف الاتجاهات الفنية
كما أصدرت الدارة كتيبا حوى موجزا للسير الذاتية للفنانين الراحلين مع مقال خاص للناقدة العراقية مي مظفر، كما أن الفعاليات التحية تضمنت حفل موسيقي للفنانة الفلسطينية كاميليا جبران
جاء في الكتيب عن سير الفنانين الذاتية ما يلي:
شاكر حسن آل سعيد (1925-2004)
ولد في السماوة – العراق عام 1925، تخرج من دار المعلمين العالية فرع العلوم الاجتماعية، درس الفن في بغداد وباريس وساهم مع جواد سليم في تأسيس جماعة بغداد للفن الحديث، وفي عام 1971 أسس تجمع البعد الواحد، وتفرغ للرسم بدءا من عام 1982.
المعارض الشخصية
أقام عددا كبيرا من المعارض الشخصية في العالم العربي وعواصم العالم، من بينها (رؤى تأملية)- بغداد 1974، (تأملات موضوعية) قاعة الرواق –بغداد. (تواشج العلامات) –باريس، معرض (ما بين دجلة والفرات)، قاعة معهد العالم العربي- باريس، معرض (سبعة فنانين عراقيين) 1990 قاعة المركز العلمي الثقافي التابع لمؤسسة عبد الحميد شومان- عمّان . معرض شخصي-1992 ، قاعة مؤسسة شومان-عمان.
كما نال جوائزا كثيرة من بينها: الجائزة القومية، مهرجان كان سورمير،فرنسا 1975. الجائزة الأولى للمهرجان العالمي في بغداد 1986.
المؤلفات التنظيرية والجمالية:
البيان التأملي- ضد الترف الفني 1966. الحرية في الفن 1975. الأصول الحضارية والجمالية للخط العربي 1988. دراسات تأملية 1968، البعد الواحد 1970. من تاريخ الحركة التشكيلية في العراق، جزءان (81-1988). من مستهلات المعارض الشخصية، عصر الفداء 1983. تأملات موضوعية 1985. حالة موضوعية 1986. حوار الفن التشكيلي-إشراف وإعداد 1995
إسماعيل فتاح (1934- 2004)
ولد في البصرة-العراق عام 1934، درس الفن في معهد الفنون الجميلة-رسم ونحت، بغداد. وأكاديمية الفنون الجميلة – فرع النحت، روما. ومعهد سان جاكمو القسم المسائي في الخزف- اختصاص نحت فخاري، روما.
المعارض الشخصية:
أقام عددا كبيرا من المعارض الشخصية بدءا من عام 1962 في العالم العربي وعدة عواصم أوروبية وشارك في معرض (سبعة فنانين عراقيين) 1990 ومعرض (ثلاثة فنانين عراقيين) 1992 في قاعة المركز الثقافي العلمي- مؤسسة شومان ومعرض (رسم ونحت) 1995 في دارة الفنون .
نال جوائز عربية وعالمية من بينها: الجائزة الأولى للفنانين العرب في إيطاليا – مسابقة سان فيتا، روما 1962.
الجائزة الأولى في النحت للفنانين الأجانب في ايطاليا – مسابقة حي مركته للفنون، روما 1962. الجائزة الأولى للنصب التذكاري للشعراء (الرصافي، الكاظمي، الكرخي) 1967، الجائزة الأولى لمسابقة نصب تذكاري للرسام الواسطي 1972 . الفائز الأول لمسابقة نصب تذكاري للفيلسوف الفارابي 1975، الفائز الأول بجائزة صرح الشهيد، بغداد 197
نهى الراضي (1941- 2004)
ولدت في بغداد عام 1941، درست الفن في معهد (بيامشو) للفنون الجميلة، ومعهد (تشلسي) للخزف في بريطانيا. عملت بالتدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت (1971-1975) . وفي عام 1990 "تخلت عن موقعها الريادي في فن الخزف" وبدأت بالرسم والحفر (كرافيك) وتكوين مجسمات باستخدام مواد مختلفة، وفي عام 1988 نشرت كتاب (يوميات بغداد) بالانجليزية الذي كان له صدى واسع.
المعارض
أقامت عددا كبيرا من المعارض ابتداء من عام 1964 في جاليري الواسطي ببغداد، ومتحف الفن الحديث ببغداد عام 1971، وفي جاليري "contact" ببيروت عام 1973 وجاليري "Epreuve d'artisite" ببيروت عام 1966 وعام 1999. وفي جاليري آلف (آ) بواشنطن عام 1990 وفي دارة الفنون عن "فن الحصار" عام 1995. كما وشاركت في العديد من المعارض الجماعية في الوطن العربي والخارج.
التعليقات