تصدر في الولايات المتحدة كتب كثيرة منتقدة للرئيس جورج بوش وسياساته، لكن بالمقابل كان جزءا بسيطا منها قد حاول التركيز على ما تنذر بها هذه السياسات في المستقبل الأميركي. كتاب : Cruel and Unusual: Bush/Cheney's New World Order. "الفريد والوحشي : النظام العالمي الجديد لبوش و تشيني". صدر الكتاب عن دار W. W. Norton amp; Company في 16 آب ( أغسطس ) الماضي، وهو من تأليف مارك ميلر. يقارن مؤلف الكتاب بين الحكومة الأميركية وحكومات مستبدة في العصر الحديث محذرا الشعب الأميركي من هذه الحكومة التي "لا ترحم" وهي "فاسدة وتستأصل الديمقراطية وتقمع الحريات ووسائل الإعلام". ويعتبر الكاتب أن أحداث سبتمبر كانت فرصة طيبة لإدارة بوش حتى تفرض رأيها وتقود الحروب بناء على أكاذيب وقد تقيم انتخابات تخلو من المنافسة الديمقراطية الشريفة.

يعتمد المؤلف على تقديم أدلة بعضها واقعي وبعضها الآخر تأملي يضر ببحثه ويبعده عن " العلمية والموضوعية". يحاول إلقاء الضوء على كل خطأ اقترفته إدارة بوش وخاصة قضية أسلحة الدمار الشامل في العراق وانتقاد إدارة بوش لتصريحات سكوت ريتر الذي نفى وجود مثل هذه الأسلحة في العراق.

يضع المؤلف "قاموس بوش" (The Bush Dyslexicon) والذي حشد فيه جميع المصطلحات التي يمكن أن تنطبق على وصف إدارة بوش: محتالة، حكومة ثيقوقراطية، وفاشية . ويؤكد الكتاب من خلال أبحاثه وبعض الدراسات على حالات معينة في القنوات التلفازية الأميركية أن الإعلام الأميركي أثناء حكم بوش ليس موضوعيا. إنها دولة "ليست جمهورية ولا ديمقراطية" وليست أكثر من "محافظة وليبرالية" كما يرد في الكتاب. ويتابع "تدين هذه الإدارة مستبد" و هي "متهورة عسكريا" . يقتبس قول أبرهام لينكولن : "إذا خربت الولايات المتحدة فإن هذا سيكون لأنها قهرت وخسرت من الداخل". وهذا ما يحاول المؤلف الإشارة إليه مؤكدا أن هزيمة أميركا ستكون على يد زعمائها من الداخل بعد فشل نظام عالمي أميركي يحمل بذرة التطرف الديني بداخله بتحريض من بوش وتشيني وبقية الحاشية اليمينية المتطرفة.

يتجه مؤلف الكتاب نحو أبرز قلق عبرت عنه الجمعيات المدنية الأميركية وهو تآكل الحريات المدنية eroding of civil liberties في عهد بوش، وبرأي الكاتب إن بوش الذي قاد حربا من أجل الديمقراطية فشل في الحفاظ عليها في بلده وقفز فوق قواعدها . لقد بدا مؤلف الكتاب أحد أشد المتطرفين على سياسات بوش إلى درجة أن أحد النقاد اعتبر أن قراءة الكتاب قبل الدخول إلى غرفة الاقتراع في الثاني من تشرين الثاني ( نوفمبر ) كفيلة بتغيير رأي المواطن الأميركي المقترع. ويتميز الكتاب أيضا بجدية الطرح والبحث أكثر من الكتب الصادرة قبله والتي حملت طابع السخرية والهزل من أعمال وسياسات جورج بوش.